طفولةٌ مسلوبة .. 25 مقدسيًا من أصل 140 طفلًا فلسطينيًا في معتقلات الاحتلال

طفولةٌ مسلوبة .. 25 مقدسيًا من أصل 140 طفلًا فلسطينيًا في معتقلات الاحتلال

القدس المحتلة - القسطل: وُلدوا في هذه العاصمة وكُتب عليهم أن يحملوا الحجر منذ طفولتهم، يتصدّون لذاك الجنديّ الذي يقتحم بلداتهم الهادئة ليلًا نهارًا، يدهم منازلهم بحثًا عن لا شيء، هو فقط إجراء تنكيليّ، يُدافع الطفل عن أمّه التي يدفعها شُرطيّ وهي تُحاول أن تمنع اعتقال ابنها أو بنتها.. كُتب لهذا الطفل الفلسطيني أن يدخل في صدامٍ مع الاحتلال منذ أن اغتصب أرض فلسطين.

140 طفلًا فلسطينيًا في سجون الاحتلال، مُحتجزون في ظروفٍ لا ترقى لعيش الإنسان، أغطية بالية، حشرات، طعام غير مطهو جيدًا، معاملة قاسية من قبل السجّانين، من بينهم 25 أسيرًا مقدسيًا.

يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، أمجد أبو عصب لـ”القسطل” إن الاحتلال يحتجز 25 أسيرًا من الأطفال المقدسيين في سجونه الثلاثة؛ الدامون، مجدو، “أوفيك” مع الجنائيين رغم أن قضاياهم ليس جنائية وإنّما وطنية.

وأشار إلى أن أعمارهم تترواح ما بين 14 حتى 18 عامًا، حيث يعيشون في ظروف حياتية صعبة، يقضون أحكامًا بالسجن الفعلي، منهم من قضى فترات في الحبس المنزلي، ومنهم من اعتُقل بعدما نكّل الجنود به أثناء اعتقاله.

وبالتزامن مع إحياء يوم الطفل الفلسطيني الذي يُصادف اليوم، الخامس من نيسان، أوضح نادي الأسير في بيان له، أن سلطات الاحتلال تواصل استهداف الأطفال الفلسطينيين، منتهجة جُملة من الأدوات في ملاحقتهم، وإعدام طفولتهم، وسلبهم أبسط حقوقهم، لا سيما عبر عمليات الاعتقال الممنهجة التي تُشكل جزءًا مركزيًا من بُنية عنف الاحتلال، والتي طالت الآلاف من الأطفال على مدار عقود.

وقال إن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال نحو 140 طفلًا تقل أعمارهم عن 18 عامًا بينهم أسيران فتيان رهن الاعتقال الإداري وهما: أمل نخلة من رام الله، وفيصل العروج من بيت لحم.

ويحتجز الاحتلال الأسرى الأطفال في ثلاثة سجون مركزية؛ عوفر، مجدو، والدامون، والنسبة الأعلى منهم في سجني عوفر، ومجدو.

ومنذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية شهر آذار  الماضي اعتقلت سلطات الاحتلال نحو 230 طفلًا، غالبيتهم من القدس

ومنذ مطلع العام الجاري، وحتى نهاية شهر آذار/ مارس 2021، اعتقلت سلطات الاحتلال نحو 230 طفلًا، غالبيتهم من القدس، حيث تُشكل عمليات اعتقال الأطفال في القدس، من أخطر القضايا التي تواجه المقدسيين، جرّاء عمليات الاستهداف الممنهجة والمتكررة للأطفال، والتي غالبًا ما يتم الإفراج عنهم إما بكفالات، أو بتحويلهم إلى الحبس المنزلي.

وحاول الاحتلال على مدار السنوات القليلة الماضية، تحويل منازل عائلات الأطفال في القدس إلى "سجن"، وتركت هذه القضية تحديات كبيرة على صعيد العلاقة بين الأطفال وعائلاتهم، وعلى مستوى المجتمع في العاصمة.

وعلى مدار السنوات الماضية، وتحديدًا مع بداية الهبة الشعبية عام 2015، صعّدت سلطات الاحتلال من جرائمها بحقّ الأطفال ومنها عمليات الاعتقال، حيث وصل عدد حالات الاعتقال في عام 2015 بين صفوف الأطفال إلى 2000 حالة اعتقال، جُلها في القدس، وهي أعلى نسبة لعمليات اعتقال طالت الأطفال منذ عام 2015 حتى اليوم، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال منذ عام 2015 وحتى نهاية شهر آذار/ مارس 2021، أكثر من 7500 طفل تعرضوا للاعتقال.

وبيّن أن جزءًا من الأطفال الذين اعتُقلوا عام 2015 وبعدها، صدرت بحقّهم أحكام عالية وصلت لسنوات أو بالسّجن المؤبد؛ تجاوزوا مرحلة الطفولة داخل سجون الاحتلال، نذكر منهم الأسرى: أحمد مناصرة، وأيهم صباح، وعمر الريماوي.

انتهاكات بحق الأسرى الأطفال منذ لحظة اعتقالهم

ويُنفذ الاحتلال انتهاكات جسيمة بحقّ الأسرى الأطفال منذ لحظة اعتقالهم واحتجازهم، والتي تتناقض مع ما نصت عليه العديد من الاتفاقيات الخاصة بحماية الطفولة، وذلك من خلال عمليات اعتقالهم المنظمة من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل ونقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، وتهديدهم وترهيبهم، والضغط عليهم في محاولة لانتزاع الاعترافات منهم، وإبقائهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة، عدا عن توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، ودفعهم على التوقيع على الإفادات المكتوبة باللغة العبرية دون ترجمتها، وحرمانهم من حقهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين والمحامي خلال التحقيق، وحرمان المرضى منهم من العلاج.

وتتواصل الانتهاكات المنظمة بحقّ الأطفال بعد نقلهم إلى السّجون، واحتجازهم في ظروف اعتقالية قاسية، يحُرم الطفل فيها من متابعة دراسته، ومن حقّه في أن يحظى برعاية عائلته، خاصّة المرضى والجرحى منهم، فهناك عدد من الأطفال ممن أُصيبوا برصاص الاحتلال سواء خلال عملية اعتقالهم، أو قبل اعتقالهم، أو ممن يعانون من أمراض، فإنهم يواجهون جريمة أخرى، وهي سياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، بما فيها من أدوات مختلفة.

كورونا والأسرى الأطفال

ومنذ بداية انتشار الوباء ورغم النداءات التي أطلقتها المؤسسات الحقوقية من أجل إطلاق سراح الأطفال، فإن سلطات الاحتلال واصلت اعتقالهم، واستخدمت الوباء كأداة تنكيل بحقّهم، والضغط عليهم وترهيبهم، حيث يواجه الأسرى الأطفال في قضية الوباء، ذات الإجراءات التي يتعرض لها الأسرى الكبار، فأقسام الأطفال لا تتوفر فيها الإجراءات الوقائية اللازمة، حيث تعرضوا لعزلٍ مضاعف كما كل الأسرى، وحرموا من زيارة العائلة والمحامين لاسميا في الفترة الأولى من انتشار الوباء، الأمر الذي تسبب لهم بأزمات، وضغوط كبيرة على مستوى الحياة الاعتقالية.

وما يزال غالبية الأطفال الأسرى وبسبب الوباء يحرمون منذ عدة شهور من رؤية عائلاتهم فيما يُسمح للمحامين بزيارتهم، ومع ذلك ترفض إدارة السجون السماح لهم بالتواصل مع ذويهم عبر إجراء مكالمات هاتفية، رغم المطالبات المتكررة من أجل ذلك.

تصنيف .. قوانين عسكرية ومدنية بحق الأسرى الأطفال

ولم يستثن الأسرى الأطفال من عمليات التصنيف التي يفرضها الاحتلال، حيث يُطبق الاحتلال بحقّ الأطفال في الضفة القانون العسكري، فيما يُطبق إجراءاته الاستثنائية في القانون “المدني الإسرائيلي” على أطفال القدس، كجزء من سياسات التصنيف التي تُحاول فرضها على الفلسطينيين، كما لا يتوانى عن اعتقالهم إداريًا، تحت ذريعة وجود "ملف سرّي".

وشكّلت قضية نقل الأسرى الأطفال من سجن "عوفر" مطلع العام الماضي إلى سجن "الدامون" بما رافقها من شهادات مروعة، محطة اعتبرها الأسرى والمؤسسات المختصة، الأخطر على مصير الأسرى الأطفال، حيث حاولت إدارة السجون استهداف أحد أهم منجزات الأسرى في قضية الأطفال منهم، من خلال تجريدهم من ممثليهم من الأسرى البالغين الذين يُشرفون على رعايتهم، ومتابعتهم داخل الأسر، ومساندتهم في مواجهة ظروف تجربة الاعتقال القاسية.

ورغم ما تفرضه إدارة سجون الاحتلال من سياسات ممنهجة تستهدف عبرها الأطفال، إلا أن الأسرى والهيئات التنظيمية وعبر سنوات طويلة، تمكنوا من مواجهة أهدافها من خلال متابعة أوضاعهم في أدق التفاصيل، وعلى عدة مستويات، ومنها المعرفية والتثقيفية.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: