محمد وريم .. قصّة الحب التي لم تأسرها السجون حتى عانقت الحريّة

محمد وريم .. قصّة الحب التي لم تأسرها السجون حتى عانقت الحريّة

القدس المحتلة - القسطل: هو الحُبّ سيّد القلوب وكاسر القيود، هو الذي يملأ الجسد أملًا وحياةً حتى لا يبقى في جوفه ذرة من الانكسار والألم. كان يقول لها “اتركيني ولتعيشي حياتك علّك تجدين سعادتك مع غيري”، لكنها كانت تردّ عليه على الفور بأن “السجون لا تغلق على أحد” حتى تبعث في قلبه البهجة.

محمد محمود وريم مصطفى من بلدة العيساوية شمالي شرق القدس المحتلة، يبلغان من عمرهما 25 عامًا، لم يُنصتا لذاك الصوت الذي كان يثبّط من معنويّاتهما، بل كانا يسمعان لما هو أكبر وأعمق، هو الحب الذي عاش ست سنوات في سجون الاحتلال ولم يضعف بل زادت شعلته.

اعتُقل محمد في الـ17 من شهر آيار/ مايو عام 2015، ووجهت له محكمة الاحتلال تهمة الضلوع بأعمال مقاومة. في الشهور الأولى من اعتقاله قررت عائلته أن تخطب له “ريم” ابنة بلدته التي لم تتردّد في الموافقة على الارتباط به، حتى بعدما تم الحكم عليه بالسجن لمدة 71 شهرًا.

كانت تسمع تلك الأصوات التي تقول “لا تنتظريه .. تلك ست سنوات.. لن تستطيعي احتمالها”، لكنها لم تعرها أي اهتمام، وقررت أن تمضي في هذه الطريق، وأن تكون شريكة محمد. وبالفعل انتظرته طيلة السنوات الست التي لم تره فيها إلّا مرة واحدة فقط، ومرّت الزيارة كـ”لمح البصر”، كما تحدّثنا.

تقول ريم لـ”القسطل”: “لا يمكن القول إنها سنوات مرّت بسرعة، بل كانت ثقال، لكنه الأمل بأن الحرية ستكون قريبة بإذن الله”، مضيفة أن أصعب الأوقات كانت حينما تسمع عن اقتحام وحدات القمع للسجون، خاصة النقب حيث كان يحتجز الاحتلال محمد، فكانت تبحث عن أي خبر يهدئ من روعها ويطمئنها على خطيبها.

الزيارة الأولى..

لم تحظ ريم برؤية محمد سوى مرة واحدة، وذلك بعدما تم عقد قرانهما في الرابع والعشرين من شهر كانون ثاني/ يناير من العام الماضي 2020، لم تنم ليلة الزيارة، بل باتت تفكّر كيف سيكون اللقاء وما الذي سيتحدّثان به.

تقول ريم: “لم أنم أبدًا، وما آلمني أن الزيارة التي تبلغ مدتها 45 دقيقة، مرّت كأنها ثوانٍ قليلة جدًا، وبتُّ أقول في نفسي.. يا الله ما أصعب تلك الزيارات على الأسير وأهله، إنه إحساس لا يشعر به إلّا من ذاق مرارته حقًا”.

لحظة الإفراج..

تم الإفراج عن محمد يوم أمس الـ14 من شهر نيسان الجاري من سجن النقب الصحراوي، وطوى تلك الصفحة المُرّة والسجون التي حاولت أن تُضعف عزيمته في إكمال تعليمه، حيث تمكن من دراسة التاريخ.

تقول “أم هادي” والدة محمد لـ”القسطل”: “لحظة الإفراج عنه كانت لا توصف، ولا يُمكن لأي كلمة أن تعبّر عن سعادتنا بهذا اليوم، ولكن في القلب غصّة، بأن تركنا خلفنا أسرى وذويهم ممن يتمنّون أن يعيشوا اللحظة ذاتها مع أبنائهم”.

رمضان الأول بعد 6 سنوات في السجون ..

إن الأسرى في السجون يتعطّشون لرائحة الأهل ولمّة العائلة، فما بالكم بجمعة رمضان. تقول “أم هادي”: “في كل عام يكون مقعد محمد فارغًا، أرفع يدي وأدعو الله أن يكون معنا وأن نعيش الأيام الفضيلة برفقته.. الحمد لله.. هو اليوم معنا وبيننا”.

سألنا والدته عن “الطبخة” التي طلبها منها محمد لإعدادها البارحة، فقالت: “طلب الكبسة والسمبوسك..”، واستدركت: “لكنه لم يأكل كثيرًا، يبدو أن فرحته كانت هي السبب، الحمد لله أن منّ عليه بالفرج، وأتمنى أن يتم الإفراج عن جميع أسرانا في السجون”.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: