مساجد البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة.. ماذا تعرف عنها؟

مساجد البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة.. ماذا تعرف عنها؟
القدس المحتلة - القسطل: ازداد الاهتمام ببناء المساجد في القدس وفلسطين عقب الفتح الإسلامي مباشرة، في عهد عمر بن الخطاب، فكلما فتحت مدينة أقيم فيها مسجد، ولعل مسجد عمر في الحرم القدسي الشريف من أوائل هذه المساجد. وقد كانت المساجد الأولى بسيطة كل البساطة، فكانت غالباً ما تتألف من ساحة يحيط بها سور من اللبن على أساس من الحجر. كانت توضع جذوع النخل كأعمدة ويوضع عليها سقف من سعف النخيل أو الطين، وقد بنى قادة المسلمين الأولين المساجد في وسط المدن، وقرب المسجد كانت تبنى دار الإمارة، على غرار بيت الرسول في مسجد المدينة.[1] وقد تطور بناء المساجد مع الوقت، ففي زمن الخليفة عثمان بن عفان، استعملت الحجارة والجص في بناء جدران المسجد وأعمدته، وتطور ذلك في عهد الأمويين، وبدأت تأخذ طابعها الجمالي والحضاري وفي مقدمتهما "المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة". وترجع أغلبية المساجد الأثرية الباقية إلى عصور الأيوبيين والمماليك؛ حيث أدت المساجد خدمات جليلة في حفظ اللغة العربية والثقافة الإسلامية في فلسطين، وكانت مركزاً للحياة السياسية والاجتماعية، ولا سيما في العصور الإسلامية الأولى فقد كان المسجد عبارة عن المدرسة الدينية وفيه كان يحكم الأمير ويحفظ بيت المال واستقبال رؤساء القبائل، وكانت المساجد مركزاً للاحتفالات الدينية والقومية.[2] ولم تسلم المساجد من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي؛ فمنها ما تم هدمه، وتم تحويل بعضها إلى متاحف أو مرافق عامة، وهناك العديد من الانتهاكات. تضم البلدة القديمة بـ القدس 43 مسجداً، ويعتبر مسجد عمر بن الخطاب الذي بني في العصر المملوكي بجوار كنيسة القيامة من أقدم مساجد البلدة القديمة، كما يعتبر مسجد درغث في طريق الواد من أحدثها حيث بني في عهد الحكم الأردني للقدس عام 1964.[3] ويعتبر المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أهم وأقدم وأكبر مساجد البلدة القديمة، وهو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد.[4] دخل المسلمون المسجد الأقصى في واحد من أشهر الفتوحات الإسلامية عام 15 للهجرة (636 للميلاد) حين جاء الخليفة عمر بن الخطاب من المدينة المنورة إلى القدس وتسلمها من سكانها في اتفاق مشهور بـ "العهدة العمرية" وقام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجدا صغيرا عند معراج النبي صلى الله عليه وسلم.[5]  ووفقاً لمصادر تاريخية فإن مدينة القدس بشكل عام تضم اليوم ستة وثلاثون مسجداً عدا مسجدي الأقصى والصخرة داخل أسوارها بالإضافة إلى سبعة في المدينة الجديدة خارج السور. كما أن هناك ستة من مساجد المدينة القديمة واقعة داخل الحرم. وثلاثة وعشرون في خارجه. وفي هذا التقرير ستشرح شبكة القسطل عن هذه المساجد؛ وتأتي على النحو التالي:[6] المساجد المتواجدة داخل ساحة الحرم القدسي وتأتي على النحو التالي: المسجد القبلي (المسجد الأقصى المسقوف): يقع مبنى المسجد الأقصى المبارك أو ما يعرف بالمسجد القبلي في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف، وقد شرع في بنائه الخليفة المسلم عبد الملك بن مروان الأموي وأتمه الوليد بن عبد الملك سنة 705 م، ويبلغ طوله 80م، وعرضه 55 م، ويقوم الآن على 53 عموداً من الرخام و49 سارية مربعة الشكل. كانت أبوابه زمن الأمويين مصفحة بالذهب والفضة لكن أبا جعفر المنصور أمر بخلعها وصرفها دنانير تنفق على المسجد. وفي أوائل القرن الحادي عشر أصلحت بعض أجزاءه وصنعت قبته وأبوابه الشمالية.[7]   وعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 1599م، جعلوا قسما منه كنيسة، واتخذوا القسم الآخر مسكنا لفرسان الهيكل، ومستودعا لذخائرهم، ولكن صلاح الدين الأيوبي عندما استرد القدس الشريف منهم، أمر بإصلاح المسجد وجدد محرابه، وكسا قبته بالفسيفساء، ووضع منبراً مرصعاً بالعاج مصنوع من خشب الأرز والأبنوس على يمين المحراب، وبقي حتى تاريخ 21/8/1969م، وهو التاريخ الذي تم فيه إحراق المسجد الأقصى من قبل يهودي يدعى "روهان"، وبلغ الجزء المحترق من المسجد 1500م، أي ثلث مساحة المسجد الإجمالية. [8]  مسجد قبة الصخرة: بدأ العمل ببناء مسجد الصخرة في عام (66 هـ- 685م)، بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتم رصد ريع خراج مصر على مدار سبع سنوات لتغطية تكاليف نفقات البناء، وتمويل المشروع. وبعد الانتهاء من العمل، بقي من المبالغ المخصصة مائة ألف دينار، فأمر الخليفة بصهر النقود وطليها على القبة والأبواب. فجاءت القبة آية في الإبداع باحتوائها على النحاس المطلي بالذهب. كما خلع على القبة أيضاً كساء آخر؛ ليقيها تقلبات الطقس وبرودة الشتاء. إلا أن هذا الكساء أزيل في أواخر حكم العثمانيين.[9] ويعتبر مسجد الصخرة تحفة هندسية معمارية؛ لما تحوي جدرانه وأعمدته وأروقته وسقوفه وقبته من نقوش فسيفسائية، ومنحوتات فنية دفعت بالكثير من الباحثين الأجانب إلى اعتباره أجمل بناء في العالم بأسره. وقد سمي المسجد بمسجد الصخرة المشرفة نسبة إلى الصخرة الجرداء التي تتوسط المسجد، والتي يعتقد أنها تبعت الرسول محمد إلى السماء في رحلة المعراج ولكنه أوقفها.[10] المصلى المرواني: يقع المصلى المرواني أسفل الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى، وعرف هذا الجزء من المسجد الأقصى المبارك قديماً بالتسوية الشرقية، إذ بناه الأمويون أصلاً كتسوية معمارية لهضبة بيت المقدس الأصلية المنحدرة جهة الجنوب الأقرب إلى القبلة على أرضية مستوية وأساسات متينة ترتفع لمستوى القسم الشمالي. ويتكون المصلى المرواني من ستة عشر رواقاً، وتبلغ مساحته أكثر من أربع دونمات، وهو أكبر مساحة مغطاة للصلاة في الأقصى.[11]  وعندما احتل الصليبيون القدس المبارك حول الصليبيون المصلى المرواني إلى اسطبلات للخيول، واستخدموا زوايا الأعمدة لربط خيولهم، وهو ما يمكن مشاهدته في أعمدة المصلى إلى يومنا هذا. وسمي في ذلك الوقت باسم "إسطبلات سليمان" نسبة إلى نبي الله سليمان عليه السلام، وهي تسمية توراتية، وبعد التحرير الصلاحي أعاد المصلى المرواني إلى استعماله السابق باعتباره تسوية ومخزناً فقط، وبقي الأمر على ما هو عليه حتى بعد الاحتلال الصهيوني للمدينة المقدسة، حتى تم افتتاحه للصلاة عام 1996، وسمي يومها بالمصلى المرواني نسبة لعبد الملك بن مروان.[12] مصلى الأقصى القديم: يقع هذا المسجد تحت الجامع القبلي، يدخل إليه عبر درج حجري يقع قرب الرواق الأوسط في الجهة الشمالية للجامع القبلي. وهو عبارة عن ممر يتكون من رواقين باتجاه الجنوب بني في العهد الأموي، وكانا يؤديان إلى الباب المزدوج (أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك المغلقة اليوم)، ومنه إلى القصور الأموية (أي دار الإمارة) التي كانت تقع جنوب المسجد الأقصى المبارك خارج أسواره.[13] جامع المغاربة: يقع هذا المسجد في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى المبارك جنوبي حائط البراق. ولهذا المسجد بابان: مغلق في الجهة الشمالية، ومفتوح في الجهة الشرقية. ويستعمل اليوم كقاعة عرض لأغراض المتحف الإسلامي، الذي نقل من الرباط المنصوري إلى هذا المسجد، وذلك في سنة 348 هـ. وقيل إن بانيه القائد الفاتح صلاح الدين الأيوبي سنة 590 هـ الموافق 1193م، وكانت تقام صلاة المالكية في هذا المسجد.[14] جامع النساء: يقع داخل المسجد الأقصى المبارك، ويمتد بمحاذاة حائطه الجنوبي بدءاً من الجدار الغربي للجامع القبلي، وحتى الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك، فهو يمثل أقصى الجزء الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى المبارك. وهو مقسم اليوم إلى ثلاثة أقسام: أولها غربي ملحق بالمتحف الإسلامي، ويمثل امتداد للمتحف، وثانيها في الوسط وبه توجد مكتبة الأقصى الرئيسة، وثالثها شرقي ملاصق للجامع القبلي ومحلق به، ويستعمل الآن كمستودع.[15]   المساجد المتواجدة خارج الحرم القدسي وادخل أسوار البلدة القديمة: الجامع العمري أو جامع عمر بن الخطاب: أقيم هذا الجامع في المكان الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب، في القدس، بعد الفتح الإسلامي. وكان خليفة المسلمين قد رفض الصلاة في كنيسة القيامة حتى لا يقيم المسلمون مسجداً في المكان الذي صلى فيه خليفتهم.[16]   ويتوصل إلى هذا الجامع عبر مدخل تذكاري معقود، يرجح أنه يعود إلى العصر العثماني، ويؤدي هذا المدخل الغربي إلى ساحة شمالية مكشوفة. ويقع بيت الصلاة في الجهة الجنوبية من الساحة المكشوفة. ويتكون من بناء بسيط، مستطيل الشكل، مغطى بأقبية متقاطعة. وله محراب يتكون من حنية، يعلوها نقش تذكاري حجري. ويرجح أنه يعود للبناء الذي يعلو المسجد، وذلك حسب ما يفهم من قراءة نص النقش.[17] مسجد ولي الله محارب: يقع عند التقاء طريقي باب السلسلة وسوق الباشورة، في أول الزقاق المتجه إلى الجنوب الموصل إلى حارتي الشرف والمغاربة. ينسب إلى منشئه ولى الله محارب الذي أنشأه في (العشر الأول من ربيع الأول 595هـ/ كانون الثاني 1199م) كما يفيد نقش التأسيس الذي يعلو مدخله. وقد تعرض المسجد إلى محاولات طمس نقش تأسيسه وأوقافه حتى مطلع النصف الثاني من القرن العشرين الماضي. ولكن إلحاح المجاورين على ضرورة تعميرة أدى إلى الكشف عن النقش الذي يتضمن أن المنشئ وقف عليه ثلاث دكاكين أثبت منها اثنتان، أما الثالثة فقد خسرتها دائرة أوقاف القدس بسبب إثبات المدعى عليه ملكيته لها بالطابو.[18] ويتألف هذا المسجد من بيت صغير للصلاة، شكله مستطيل، وعرضه قليل، ومحرابه جميل، وسقفه مغطى بقبو نصف برميلي، ويبلغ طوله من الداخل 6,5م وعرضه 2م، وله مدخل معقود ونافذة صغيرة يطلان على الشارع العام، أما أرضه فهي مبلطة بالرخام.[19] ويواجه المسجد اليوم خطر اعتداءات الاحتلال الصهيوني من حين إلى آخر، وخاصة أطماع ما يعرف بشركة تطوير الحي اليهودي الاستيطانية، التي تسعى منذ نهاية العقد السابع من القرن العشرين الماضي إلى مصادرته. أما المستوطنون المتطرفون فلا ينفكون عن استفزاز مشاعر المسلمين ومضايقتهم حتى أنهم قاموا بتعطيل مكبر الصوت فيه، فصار الأذان يرفع فيه من خلال الربط مع مسجد البازار (عثمان بن عفان) المجاور.[20] جامع البراق: يقع هذا المسجد في الناحية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى المبارك أسفل باب المغاربة، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى المكان الذي ربط فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دابة البراق في رحلة الإسراء والمعراج. كما تحتوي على محراب أموي، وفي ناحيته الغربية كان باب قديم يسمى باب البراق أغلق بعيد العهد الأموي، وكان يصل مباشرة إلى ساحة البراق خارج المسجد الأقصى المبارك.  وينزل إلى مصلى البراق حالياً من خلال الرواق الغربي للأقصى بدرجات حجرية يبلغ عددها 38 درجة، ويفتح المصلى كل يوم جمعة للزيارة.[21] جامع خان السلطان: يقع هذا الجامع خارج الحرم داخل السور في خان السلطان بسوق باب السلسلة.[22] جامع القرمى: يقع ضمن مجمع معماري يقوم في إحدى محلات القدس التاريخية التي كانت تعرف بمحلة مرزبان (حي القرمي اليوم) وتحديداً بالقرب من حمام علاء الدين البصير. وينسب إلى مؤسس زاوية القرمي الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد التركماني الشهير بالقرمي الشافعي الذي ولد في دمشق في سنة (720 هـ/1320م) وعرف بالعبادة والزهد والصلاح وتوفي في القدس سنة(788 هـ/1386م). أما المسجد والزاوية فيقومان ضمن أوقاف الأمير ناصر الدين محمد بن علاء الدين شاه بن ناصر الدين محمد الجبيلي بالمحلة المذكورة الذي كان له اعتقاد كبير بالشيخ القرمي فوقف عليه ثلث أملاكه.[23] ومن بين مساجد البلدة القديمة مسجد باب خان الزيت، جامع حارة اليهود الكبير، جامع حارة اليهود الصغير، جامع سويقة علون، جامع القلعة، جامع الحانقاة، جامع قمبر، الجامع اليعقوبي، جامع بني حسن، جامع حارة الأرمن، جامع طريق النبي داوود، جامع حارة الجوالدية، جامع الشيخ لولو، الجامع الصغير، جامع حارة النصارى، جامع البازار، جامع الزاوية النقشبندية، جامع المولوية، جامع زاوية الهنود. المصادر والمراجع: [1] دائرة الدبلوماسية والسياسات العامة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، المعالم الإسلامية في القدس، 25 شباط 2013. https://n9.cl/igmz [2] المرجع السابق. [3] موقع الجزيرة نت، تعرف على مساجد البلدة القديمة بالقدس، 4/3/2017. https://n9.cl/l27ew [4] المرجع السابق. [5] المرجع السابق. [6] عارف باشا العارف، تاريخ القدس، (القاهرة: دار المعارف بمصر، 1951)، ص 278-280. [7] رائف يوسف نجم وآخرون، كنوز القدس، (دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب، 2011)، ص 75. [8] دائرة الدبلوماسية والسياسات العامة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، المعالم الإسلامية في القدس، 25 شباط 2013. https://n9.cl/igmz [9] وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، المعالم الإسلامية. https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4239 [10] المرجع السابق. [11] عبد الله معروف ورأفت مرعي، أطلس معالم المسجد الأقصى، (عمان: مؤسسة الفرسان للنشر والتوزيع، 2010)، ص 22. [12] المرجع السابق، 22-23. [13] المرجع السابق، ص 27 [14] معروف ومرعي، أطلس معالم المسجد الأقصى، ص 40. [15] المرجع السابق، ص 41. [16] نجم وآخرون، كنوز القدس، ص 104 [17] المرجع السابق. [18] دائرة شؤون القدس التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، مسجد ولي الله محارب، 14 سبتمبر 2014. http://www.jerusalemaffairs-plo.ps/wp/?p=3210 [19] المرجع السابق. [20] المرجع السابق. [21] معروف ومرعي، أطلس معالم المسجد الأقصى، ص 39. [22] وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، المعالم الإسلامية. https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4239 [23] دائرة شؤون القدس التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، مسجد القرمي، 13 أكتوبر 2013. http://www.jerusalemaffairs-plo.ps/wp/?p=3269  
. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: