التعليم في القدس.. مدارس تتورط في الأسرلة مقابل المال وأخرى تناضل
القدس المحتلة - القسطل: ما تزال مؤسسة دار الطفل العربي في القدس تُعاني من أزمة مالية عقب جائحة كورونا التي لم تؤثر على البلاد فقط، وإنّما على العالم كله. تلك المؤسسة تعتمد على تبرّعات أهل الخير منذ أن تأسّست قبل أكثر من سبعين عامًا، ورغم كل الأزمات التي كانت تمرّ بها سابقًا لم تخضع لبلدية الاحتلال وكانت ترفض كل العروض التي تُقدّمها الأخيرة لاستمرارية عملها.
دار الطفل وعدد ضئيل جدًا من المدارس هي التي وقفت في وجه الاحتلال، ولم تحصل على منح ومخصصات من شأنها أن تجعل المدرسة “كرة” في يد بلدية الاحتلال ووزارة المعارف “الإسرائيلية”، تخضع لأوامرها وقراراتها وأسرلة التعليم.
التقت “القسطل” برئيس لجنة أولياء أمور مدارس شرقي القدس، زياد الشمالي، وحدّثنا عن الضغوطات التي يُمارسها ا"لإسرائيليون" عبر المغريات من المنح وغيرها، بحق المدارس المقدسية، لإخضاعها لإملاءاته وأسرلة التعليم بشكل كامل في القدس.
يقول الشمالي إن المدارس الأهلية التي ما زالت ترفض الحصول على أي مخصصات من الاحتلال “تعدّ على الأصابع” أي أنها قليلة جدًا، رغم الضائقة المالية التي تمر به، خاصة خلال الآونة الأخيرة ومع اجتياح فيروس كورونا للبلاد.
ويضيف أن ما فاقم من معاناة المدارس، عدم دفع قدرة الأهالي على دفع الأقساط بسبب الأوضاع الاقتصادية، ومتطلبات الحياة في القدس والغلاء، وتوقّف الأعمال بسبب كورونا، ما تسبب بإجبار بعض المدارس على الحصول على مخصصات من الجانب الإسرائيلي.
وأشار إلى أن الأمور تشابكت مع بعضها البعض، وأصبح التعليم في المدينة على شفا حفرة، فحتى الدّعم المادي من قبل الجانب الفلسطيني أو عبر مؤسسات دولية توقّف بشكل كبير ولافت عن مؤسسات القدس بسبب الوضع السياسي والأمني.
ترخيص المؤسسات التعليمية من قبل الاحتلال الإسرائيلي دفع العديد من المدارس الأهلية على الحصول على مخصصات منه. “في البداية كانت دولة الاحتلال تُعيق حصول تلك المدارس على تراخيص متذرّعة بوجود بعض النواقص في السلامة والأمان والعديد من الشروط، لكن ما إن توافق المدرسة على الحصول على المخصصات، يغض الاحتلال النظر عن ذلك ويمنح الترخيص فورًا”، بحسب الشمالي.
ويوضح أنه ما إن يتم منحها ترخيص العمل حتى تنصاع تلك المدارس للأوامر والأنظمة المعمول بها من قبل الجانب الإسرائيلي، هذه الأمور خلقها الاحتلال ليطوّع الكم الهائل من المدارس تحت جناحه وبالتالي يفرض عليه ما يريده.
هناك مدارس وبعد أن حصلت على تلك المخصصات أصبحت تعطّل في يوم نكبتنا “استقلال الاحتلال”، وأدخلت عطلة الربيع إلى عطلها، يقول الشمالي: “بالعربي.. بما انك بتوخد مني بدك تنصاع لأوامري وقوانيني”. تبع ذلك فتح تلك المدارس الأهلية صفوفًا تدرّس المنهاج الإسرائيلي.
ماذا عن السلطة ودورها في حل أزمة المدارس ؟
خلال العامين الدراسيين 2018 /2019 - 2019 / 2020، قدّمت السلطة الفلسطينية منحًا عن طريق الـUNDP لنحو 70 مدرسة أهلية في القدس، دفعات تضاهي النسب التي يقدمها "الإسرائيليون" للمؤسسات الأخرى، بحسب ما أفاد به الشمالي.
وأكد أن هذا العام لم تتقاضَ أي مدرسة شيقل واحد بسبب عدم تقديم السلطة للمبلغ المطلوب (30 مليون شيقل) بحسب الخطة التي أُبرمت لثلاث سنوات، وذلك بسبب الضائقة المالية التي تمر بها نتيجة كورونا.
بعض المدارس حصلت على 45 بالمئة من المبلغ، وأخرى حصلت على 70 بالمائة، أو 90 بالمائة للمدارس التي لا تتقاضى مخصصات من الاحتلال. لكن هذا العام 2020/ 2021، السلطة الفلسطينية لم تدفع عن طريق الـUNDP، المخصصات اللي كان من المفترض أن تدفعها للمدارس الأهلية.
ولفت الشمالي إلى أن سلطات الاحتلال قيّدت عمل السلطة في القدس، فأغلقت كل مؤسساتها في المدينة بما فيها التلفزيون الفلسطيني، ومنعت عقد أي فعالية من خلال فضها واعتقال القائمين عليها.
وأشار إلى أن أي مؤسسة مقدسية تتلقى أموالًا من السلطة الفلسطينية، فإن الجانب الأمني الإسرائيلي يلاحقها، ويقوم بإغلاقها على الفور، بسبب تقاضيها دعمًا من السلطة.
رغم ذلك، يبين الشمالي أن هذا الأمر لا يعني أن السلطة قد رُفع عنها الواجب، بل تستطيع تقديم المساعدة عن طريق مؤسسات دولية وأهلية وبطرق أخرى لحل ضائقة المدارس التي تقف في الواجهة أمام الاحتلال وأسرلة التعليم في المدينة، واليوم مهددة بالإغلاق بسبب الضائقة المالية التي تمر بها.
يُشار إلى هناك ما بين 270 إلى 300 مدرسة -بشكل عام- في بلدات شمال وشرق وجنوبي القدس، و150 روضة مستقلّة منها ما هو خاص ومنها ما يتبع بلدية الاحتلال، يُسيطر على أكثر من نصفها الجانب الإسرائيلي.