مُبعدون عن العاصمة .. لا حياة بدون القدس والأقصى في رمضان
القدس المحتلة - القسطل: ما بين هنا وهناك، تعيش “أم عيسى” حياتها في ظل غياب عامود البيت وسندها ووالد أبنائها. على بُعد أمتار من العاصمة المحتلة، يعيش زوجها عنان نجيب مُغيّبًا بأمر من الاحتلال عن بيته ومدينته ومائدة الإفطار الرمضانية.
الإعلامي المقدسي عنان نجيب مُبعد هذا العام- ليس للمرة الأولى- عن مائدة الإفطار في القدس، إلّا أن زوجته وأولاده لا يقبلون أن يكون وحيدًا، وأن يعيش الأجواء الرمضانية وحده، بل تحضّر “أم عيسى” الطعام حيث منزله المؤقت، ويتناولون الإفطار معًا، ويدعو الجميع بصمت أن يتغيّر هذا الحال بعودة قريبة إلى حيث يشاء ويهوى قلب “أبو عيسى”.
يقول نجيب: “أنا متزوّج منذ نحو 18 عامًا، عشت ست سنوات منها بعيدًا عن مائدة رمضان وأجوائه ما بين إبعاد قهري في السجون أو بعيدًا عن القدس، عن مدينتي التي عشت فيها طفولتي وشبابي”.
ويضيف لـ”القسطل”: “أفتقد كثيرًا البلدة القديمة حيث وُلدت وتربّيت، أحنّ لأجوائها الرمضانية، صلاة التراويح في المسجد الأقصى، اعتكاف الليالي العشر الأخيرة من رمضان وليلة القدر، فماذا يعني أن يأتي رمضان بدون القدس والأقصى والعائلة”.
شريفة (17 عامًا) وعيسى (15 عامًا) وجود (خمس سنوات)، هم أبناء نجيب الذين لم يستطيعوا زيارته في الإبعاد الأول عن القدس، العام الماضي، بسبب الإغلاقات التي عاشتها البلاد إثر جائحة كورونا، فكان رمضان أشبه بالأيام العادية، لكن هذا العام كان مختلفًا قليلًا رغم قساوته أيضًا.
يحدّثنا نجيب عن مسكنه فترة إبعاده في بلدة العيزرية شرق القدس، بيت صغير غير صالح لسكن عائلته وأبنائه الذين كانوا يحتاجون العام الماضي إلى تهيئة كافة الظروف لدراستهم الإلكترونية، وهو ما لم يكن مُتاحًا في هذا البيت.
لم تترك “أم عيسى” زوجها فهي تُحاول أن تكون مصدر قوّته التي تُعينه على هذا الإبعاد كعادتها، تخرج من بلدة بيت حنينا شمالًا، إلى العيزرية شرقًا، وتقطع المسافات لأجل أن تكون العائلة والأبناء معه، وأن يشعر ولو بجزء بسيط من هذا الشهر الفضيل.
يوضح نجيب أنه لا يوجد من يسأل عن حال المُبعدين عن مدينة القدس المحتلة، لا يوجد حاضنة رسمية تهتم بهم أو أن تؤمّن لهم المسكن المؤقت وظروف العيش التي تحفظ لهم كرامتهم لحين عودتهم وانتهاء مدّة إبعادهم.
ويقول إن “الحاضنة الرسمية هي فقط لأنصار الحزب الحاكم، أما نحن فلا اهتمام ولا اكتراث لقضيتنا، يتم التعامل معنا بشكل مستهتر بألمنا وقيمتنا ونضالنا، لكن إن كان المُبعد من المحسوبين على السلطة الفلسطينية لوجدنا كل الجهات المختصة اهتمت فيه”.
أبعدت سلطات الاحتلال الإعلامي نجيب عن القدس لستة شهور العام الماضي، وتم تجديد أمر الإبعاد لأخرى مثلها تحت ذريعة أنه "يشكّل خطرًا على أمن الدولة"، لكن ورغم قساوة تلك القرارات إلا أن ذلك لم يزده إلّا صلابة وثباتًا على مبادئه.