سرٌ وراء عودة بسطات باب العامود.. ما هي أهداف الاحتلال الكامنة وراء ذلك؟

سرٌ وراء عودة بسطات باب العامود.. ما هي أهداف الاحتلال الكامنة وراء ذلك؟
القدس المحتلة - القسطل: عدة متغيرات تحاول بلدية الاحتلال في مدينة القدس فرضها في باب العامود بعد الانتصار الذي حققه الشبان المقدسيون فيما عاد يعرف بـ "هبة القدس"، ينظر إليها المقدسيون بعين الشك والريبة رغم أن الاحتلال يحاول تسويقها على أنها فعاليات ثقافية ومساعدات اقتصادية.   وبالإضافة للفعاليات الثقافية والدينية المدعومة من بلدية الاحتلال، والتي أشرنا إليها في تقرير سابق، وافق الاحتلال بشكل مفاجئ على إعادة البسطات لباب العامود بعد أن كان قد منعها بقرار من قيادة شرطته في عام 2013، وهو ما أثار علامات استفهام حقيقية حول الدافع لاتخاذ هذا القرار.  لكن الانطباع الأولي هو أن القرار لا يبدو بريئا في ضوء أنه جاء بعد انتصار المقدسيين في باب العامود، والإشارة الأكثر وضوحا في هذا السياق هو ما صرّح به رئيس بلدية الاحتلال في مدينة القدس بأن "الترتيب الجديد ناجح وتم بالتنسيق الكامل مع الشرطة وبمساعدتها. نحن نعمل في هذا الشأن مع قائد المنطقة في الشرطة، دورون ترجمان". وفي السياق يرى الكاتب المختص بالشأن المقدسي، راسم عبيدات، أن الاحتلال لا يمكن أن يكون حريصا على الحالة الاقتصادية في القدس، لأنه يحارب المقدسيين في أرزاقهم بشكل ممنهج، وهذا لا يخفى على أي مقدسي، وهو ما يثير شكوكا حول أهداف الاحتلال من وراء عودة البسطات لباب العامود، رغم تصريح بلديته بأن ذلك يهدف لتنشيط الحالة الاقتصادية.  واعتبر الكاتب عبيدات في مقابلة مع القسطل أن الهدف هو خلق بيئة طاردة للفعل الجماهيري المقاوم في باب العامود، فوجود البسطات من شأنه خلق مشاكل بين أصحابها والشبان الذين يشتبكون مع شرطة الاحتلال، فالطرف الأول يرى أن أي حالة اشتباك مع شرطة الاحتلال ستسبب له الضرر الاقتصادي.  وأوضح أن الهدف النهائي هو خلق فتنة داخلية بين المقدسيين، بحيث يصبح طرفا معادلة الاشتباك من المقدسيين، وهذا يؤسس إلى فكرة تصوير الشبان الذي يواجهون شرطة الاحتلال على أنهم عبء على الحالة الاقتصادية في باب العامود والقدس.  "محاولات مشبوهة لامتصاص الهبات المقدسية" تفيد مصادر القسطل أن بعض الشخصيات المشرفة على موضوع البسطات، تُنسق مع بلدية الاحتلال لتشكيل "فرق نظام" مهمتها منع الاحتكاك بين شرطة الاحتلال والشبان المقدسيين في باب العامود بذريعة الحفاظ على الحركة الاقتصادية النشطة هناك، وهو ما قد يخلق حالة من التوتر الداخلي في الشارع المقدسي، وفق مراقبين.  ويؤكد القيادي المقدسي، ناصر أبو خضير، أن الاحتلال بكافة أجهزته بما في ذلك بلدية القدس يلجأ لإجراءات امتصاصية سواء كانت ثقافية أو اقتصادية لإحباط حركة الجماهير المقدسية، ويتم تنفيذ بعض هذه المخططات من خلال جهات مشبوهة بالتنسيق مع بلدية الاحتلال والمراكز الجماهيرية الإسرائيلية.  وأضاف في مقابلة مع القسطل: "لقد حذرنا في السابق من بعض الممارسات المغطاة بصوت ديني أو اقتصادي، إلا أن بلدية الاحتلال تستغل كافة إمكانياتها ونفوذها من أجل فرض هذه المتغيرات، لكن جماهير شعبنا تعي تماما الأهداف الكامنة وراء كل ذلك".  ولفت أبو خضير إلى أن الاحتلال يلاحق أصحاب البسطات في القدس بشكل يومي، ويقوم بتغريمهم والتضييق عليهم، متسائلا: ما الذي استجد حتى يتخذ الاحتلال قرارا كهذا بإعادة البسطات لباب العامود؟.  وحول محاولة تشكيل "فرق نظام" في باب العامود، يقول أبو خضير إن هذه الخطوة خطيرة جدا، ويحاول الاحتلال تمريرها بذريعة التخفيف من ضائقة المقدسيين، وبالتالي يجب تعرية هؤلاء وطنيا وعدم التعاطي والتعامل معهم. الاحتلال حريص على اقتصاد المقدسيين!!! يفرض الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 18 نوعا من الضرائب على المقدسيين أبرزها ضريبة دخل الأفراد والشركات، ضريبة القيمة المضافة التي تحصل نسبة 17% من قيمة المبيعات، وضريبة الأملاك التي تعتمد نسبة 3.5% من قيمة مساحة الأرض، وضريبة “الأرنونا” والتي تجمع على أساس مساحة المكان سواء كان شقة أو محلا تجاريا. ويفرض الاحتلال ما يقرب 315 شيقلا على المتر الواحد، وضريبة على أصحاب المحال والعمل تبلغ 10% من إجمالي الدخل وهي رسوم التأمين الوطني، وبالتالي فإنه يحصل ما يقارب الـ 30 ألف شيقل لكل 100 متر من المحلات التجارية. ومع أن جائحة كورونا أدت إلى تعطيل كافة مجالات الحياة وإغلاق أغلب المحال التجارية خصوصاً في البلدة القديمة في القدس، إلا أن الضرائب العالية لم تتوقف، حتى بات أصحاب هذه المحال أسرى لخيارين أحلاهما مرّ، إما إغلاق أبواب محالهم بسبب إفلاسها، أو تأجيل الدفع وتحويل الأمر لمحاسب يقسط المبلغ المفروض على دفعات. وأظهرت سياسات الاحتلال في ظل جائحة كورونا حرصه الشديد على إفقار المقدسيين وتدمير واقعهم الاقتصادي، فقد صرح في حينها رئيس الغرفة التجارية في القدس، كمال عبيدات، لـ القسطل أن السياسات التي يتبعها الاحتلال في التعامل مع التجار المقدسيين تهدف لتهجيرهم وترحيلهم من خلال فرض العديد من الضرائب، كما ويستغلون جهل التجار المقدسيين لبعض أنواع الضرائب، وبعدها تبدأ الهجمات الشرسة من كافة مكاتب ضرائب الاحتلال على التجار، كل هذه التحركات هي سياسة مبرمجة، الاحتلال يعمل ليل نهار من أجل تفريغ البلدة القديمة بشكل خاص والقدس بشكل عام”. وأوضح عبيدات أن الغرفة التجارية مغلقة الآن بأمر من سلطات الاحتلال، قائلا: “الغرفة التجارية ممنوعة من العمل في القدس، ورئيس مجلسها مهدد ومحارب بكل الطرق من قبل الاحتلال، وكل ذلك لمنع العمل في القدس، ولمنع الحفاظ على حقوق المقدسيين ومحالهم التجارية”. إذن، في ضوء ما تقدم من سرد لسياسات الاحتلال ضد المقدسيين في ظل جائحة كورونا، يمكن تفنيد ادعاء بلدية الاحتلال بأن الهدف من إعادة البسطات لباب العامود هو معالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تسببت بها الجائحة، والارتقاء بالواقع الاقتصادي للمقدسيين.      
. . .
رابط مختصر
Bader

هيئة التحرير

مشاركة الخبر: