في ذكراها الـ73.. هل اقتربت النهاية؟
القدس المحتلة - القسطل: في الذكرى الـ73 لنكبة فلسطين وتهجير أهلها منها وتدمير قراها وبلداتها واغتصاب أراضيها، هل أوشكت النكبة على الانتهاء وسط ما يحصل من تغيير معادلات في فلسطين المحتلة من نهرها حتى بحرها على أيدي أبنائها وتصدّيهم للاحتلال؟.
منذ شهور ونحن نتابع قضية حي الشيخ جراح، ومحاولة الاحتلال عبر قضائه تهجير سكانه الأصليين منه، إلّا أنهم ثابتون صامدون أمام محاولات سلبهم منازلهم وأرضهم التي يسعى المستوطنون إلى تملّكها بأوراق مزوّرة.
تأجّل البت في قضيتهم لمدّة شهر، لكن التضامن معهم لم يتوقف أبدًا، فالشبان الفلسطينيون ينظمون وقفات تضامنية يومية مع أهالي الحي، يغنّون للوطن والقدس والأقصى، يُقابلهم مستوطنون استولوا سابقًا على عدد من منازل الحي، بأصوات موسيقى صاخبة وباعتداءات وصلت في النهاية يوم أمس إلى إطلاق النار بشكل مُباشر على المقدسيين.
شرطة الاحتلال أيضًا تتحضّر يوميًا لقمع تلك الوقفات، تُطلق الرصاص المطاطي والقنابل الغازية والسامة وترش غاز الفلفل، وتستخدم سيارة المياه العادمة لفض أي تجمع، ورغم ذلك أيضًا الثبات هو عنوان المرحلة، ولسان حال الجميع يقول: “لن نرحل” تمامًا كما قالها أهالي حي الشيخ جراح وما زالوا يقولونها حتى اليوم.
وليس في الشيخ جراح وحسب، فالمقدسيّون علّموا الاحتلال أن كلمتهم هي أساس المرحلة في هذا العام والأعوام السابقة، ولم يخضعوا أبدًا لإملاءاته مهما كلّف ذلك. سلبهم مصلى باب الرحمة سنوات عديدة، وفي ليلة وضحاها أعادوا فتحه وعاد مسجدًا تُقام الصلوات والعبادات فيه كباقي المساجد المسقوفة في المسجد الأقصى.
أحضر بواباته الإلكترونية، ووضعها على أبواب المسجد الأقصى، مُعتقدًا بأنه يستطيع تحويله كما حصل في المسجد الإبراهيمي في الخليل، لكن أهل المدينة ومن ساندهم من أهلنا في الداخل المحتل قالوا كلمتهم، وأُزيلت تلك البوابات.
وحاول الاحتلال أن يفرّغ باب العامود من التواجد فيه خلال شهر رمضان هذا العام، ونشرت الشرطة حواجزها الحديدية، فاندلعت هبّة جديدة انتهت بانتصار إرادة أبناء العاصمة وإزالة الحواجز، رغم ما تعرّضوا له من قمع من قبل شرطة الاحتلال وعلى مدار أسبوعين تقريبًا، ثم إفشال اقتحام 28 رمضان الذي دعت له "جماعات الهيكل" لاقتحام مكثّف وكبير للمسجد الأقصى ولم يستطع مستوطن واحد أن يدخل باحات الأقصى.
اليوم تعيش الضفة الغربية والقدس وضواحيها والداخل المحتل مواجهات يومية وصدام متواصل مع قوات الاحتلال والمستوطنين، وغزة تُقاوم قصف الاحتلال المستمر منذ أسبوع حتى تجاوز عدد شهدائها 139 شهيدًا، والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تدكّ صواريخها في قلب مستوطنات الاحتلال، وتُلحق أضرارًا كبيرة فيها، فهل تنتهي النكبة التي عاشها أجدادنا وآباؤنا وما زلنا نعيشها نحن، قريبًا، ونعيش لحظة العودة التي لطالما حلمنا بها؟.
يذكر أن الفلسطينيين يحيون اليوم، الـ15 من أيار الذكرى الـ73 للنكبة، التي خلقت واقعًا سياسيًا جديدًا، أوجد كيانًا محتلا سُمّي بـ "إسرائيل"، على أنقاض 78 في المائة من مساحة دولة فلسطين التاريخية، والتي تشهد تغيرًا مستمرًا لخارطتها منذ العام 1948.
شكّلت "النكبة" عملية تحوّل مأساوي في خط سير حياة الشعب الفلسطيني، بعد سلب أرضه ومقدراته وممتلكاته وثرواته، وما تعرّض له من عمليات قتل ممنهج وتهجير على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
وبدأت وقائع النكبة، فعليًا، قبل الـ15 من أيار؛ والذي اختاره السياسيون لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية، عندما هاجمت عصابات صهيونية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقًا.
ووفقًا لما يؤكده العديد من المؤرخين والباحثين، فإن عملية التهجير القسري للفلسطينيين تمت "بشكل مبرمج ومخطط، بهدف تطهير فلسطين من سكانها العرب"، فيما واكبت تلك العملية حملات مكثفة من الإرهاب والمجازر والتي شكلت إحدى الأسباب الرئيسية لترك الفلسطينيين قراهم ومدنهم قسرًا، على أمل عودة قريبة.
سيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه.
كما شهد عام النكبة أكثر من 70 مجزرة نفذتها العصابات الصهيونية، وأكثر من 15 ألف شهيد والعديد من المعارك بين المقاومين والاحتلال الإسرائيلي.