حربٌ على محرّري القدس.. قطع الاحتلال التأمين الصحي عنهم فكيف كان ردّهم؟
القدس المحتلة - القسطل: يستكمل الاحتلال إجراءاته بحق الأسرى المقدسيين المحررين، فاستهدفهم في البداية باستدعائهم للتحقيق مرّات عديدة، وأحيانًا متتالية، وزجّهم في سجونه لشهور وسنوات، ناهيك عن قرارات الإبعاد وغيرها من القرارات التعسفية الظالمة.
اليوم يُفاجأ بعضهم بقطع سلطات الاحتلال التأمين الصحي عنهم وعن عائلاتهم أيضًا، بمعنى أنهم لن يستطيعوا العلاج في أي مركز طبيّ تابع للاحتلال في مدينة القدس المحتلة، ضمن سياسة التنكيل والتضييق عليهم.
المحرّرون؛ رامي الفاخوري والقيادي ناصر أبو خضير وماجد الجعبة وروحي كلغاصي وحمزة زغير ومحمد أبو صبيح هم من أبناء القدس الذين فوجئوا بالأمس واليوم، بقطع التأمين الصحي عنهم وعن عائلاتهم، إضافة لأسرى معتقلين حاليًا في سجون الاحتلال من بينهم؛ رامي بركة وأمير زغير ومحمد أرناؤوط وعمر زغير، وذلك ضمن إجراءات الاحتلال في زيادة الأعباء على الأسرى المقدسيين المحررين.
يقول الفاخوري (30 عامًا) في حديثه لـ”القسطل”: “منذ سنوات ونحن نعاني من سياسات الاحتلال العقابية، مرّة نُزجّ في السجون، وأخرى يبعدوننا عن مسرى نبيّنا، ويحرموننا من الصلاة فيه، إلى جانب الاستدعاءات وتفتيش منازلنا، حتى وصل الأمر بهم إلى تهديد ربّ العمل بسبب إتاحة الفرصة لي للعمل كمدرّس في إحدى مدارس بلدة بيت حنينا وأنني أشكّل خطرًا على أمن دولتهم! ”.
الفاخوري اعتُقل أوّل مرّة عام 2006 حينما كان طفلًا يبلغ من العمر 16 عامًا، ومنذ ذلك اليوم، لا تعدّ اعتقالاته على يد الشرطة والمخابرات و”الشاباك” ولا تُحصى، وقضى ما مجموعه نحو ثلاث سنوات في سجون الاحتلال متفرّقة.
يبين الفاخوري أنه كان يمكث عدّة شهور في سجون الاحتلال ما بين اعتقال إداري، أو حكم بالسجن الفعلي بعد اتهامه بقضايا تتعلق بالمسجد الأقصى والتصدّي للاحتلال.
أمّا عن قرارات الإبعاد فهي عديدة كما يقول الفاخوري، فمنذ إصابته برصاص الاحتلال في عينه عام 2009 وحتى اليوم، والاحتلال يُصدر قرارات بإبعاده إمّا عن المسجد الأقصى وحده أو عن البلدة القديمة.
لكنّ ما فوجئ به اليوم، هو عدم قدرة زوجته إيمان (21 عامًا) على العلاج في أحد المراكز الطبية، علمًا بأنها حامل وموعد ولادتها قد اقترب.
“اليوم لا أنا ولا زوجتي ولا حتى ابني الصغير الذي يبلغ عامًا من عمره سنتمكّن من العلاج في المراكز الطبية، بسبب قطع التأمين الصحي عنّا، وتلك إحدى سياسات الاحتلال التنكيلية بحق الأسرى المحررين، وإجراء تعسفي جديد بقرار أمني ظالم”، يقول الفاخوري. وأضاف: “لن تنحني منا العزائم”.
المرشّح المقدسي والقيادي المحرّر ناصر أبو خضير أيضًا تلقّى الخبر ذاته، وتبلّغ بقطع التأمين عنه وعن زوجته وكتب عبر صفحته على “فيسبوك” إن ذلك وعلى ما يبدو تمهيد لسحب الهوية منه.
وبيّن أن استهدافًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي سيطال كل ما يخصه، حيث تم بالأمس تمديد توقيف نجله عنان حتى الخميس القادم بعدما اعتُقل قبل أيام من منزله في شعفاط شمالي القدس، بتهمة مهاجمة مستوطن كان يحمل سكينًا بجانب بيتهم.
وأضاف: “أبلغت بالأمس أنه تم قطع التأمين الصحي والوطني عني وعن زوجتي بحجة أنني لا أسكن القدس وأنني من سكان الضفة الغربية (المحرِّر: علمًا بأنه قيد الإقامة الجبرية في منزله بشعفاط وممنوع من دخول الضفة لمدة 6 شهور بقرار احتلاليّ وممنوع أيضًا من الوصول لكافة أحياء القدس باستثناء مكان سكنه) وهذا يعني فقدان حق إقامتي في القدس، أي مقدمة لسحب هويتي المقدسية”.
وقال معقّبًا على ذلك: “منذ ولادتي قبل ستين عامًا لم أغادر القدس إلا زائرًا لمعتقلاتهم، ولدت في القدس وعاهدت نفسي أن لا أموت إلا بين أحضانها وفوق ترابها، ومرحى لكل ضريبة ولكل ثمن ندفعه بكل تصالح وقناعة دفاعًا عن حقنا في الانغراس شوكة في حلق عدونا متمترسين في قدسنا وإلى الأبد”.
أبو خضير قضى 16 عامًا متفرّقة من عُمره في سجون الاحتلال، وهو أكاديمي، وجريح، ومحرّر، أفرج الاحتلال عنه في الرابع آذار الماضي، بعدما قضى ثلاثة شهور رهن الاعتقال الإداري.
أمّا المحرر ماجد جعبة، كتب عبر صفحته على “فيسبوك”: “استمراراً في سياسة التمييز العنصري لدى الاحتلال، وإمعاناً منه باستهداف أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده، وانتهاجه لسياسة العقاب الجماعي، قامت مخابرات الاحتلال بإيقاف التأمين الصحي عني وعن زوجتي وأبنائي بحجة أنني غير مقيم في مدينة القدس”.
ويضيف أن “هذا الإجراء العنصري يأتي بعد أن قطعوا مخصصات التأمين الخاصة بأولادي، وإغلاق حساب البنك الخاص بي، ومنع زوجتي من فتح حساب بنكي..”.
المحرر جعبة قضى أكثر من ست سنوات متفرّقة في المعتقلات، أُبعد عن منزله وبلدته القديمة وقُدسه وأقصاه ومُنع أيضًا من دخول الضفة الغربية وذلك لفترات حدّدتها له سلطات الاحتلال بشكل تعسّفي، ومنعه من التواصل مع بعض الشخصيات المقدسية.
ومعقبًا قال: “إن هذه الإجراءات العنصرية لها ما بعدها، فالاستهداف لن يتوقف ما دام الاحتلال جاثماً على أرضنا، وهذا يدل على مدى الانكسار والذل الذي أصاب هذا الاحتلال، ولكننا هنا باقون، في قدسنا، في أرضنا، لن تنزعوا منا ارتباطنا بقدسنا وأرضنا، فنحن أصحاب الأرض وأنتم الدخلاء”.
سبق لسلطات الاحتلال أن اتّبعت هذا الإجراء العقابي بحق المرابطات في المسجد الأقصى والمعلمات فيه، فاستهدفتهن في الاستدعاءات للتحقيق ثم الاعتقالات، مرورًا بقرارات الإبعاد الظالمة عن المسجد والبلدة القديمة، حتى وصل الأمر إلى قطع التأمين الصحي عنهن وعن عائلاتهنّ وحرمان أبنائهنّ من مخصصات التأمين، وذلك من أجل رباطهنّ ودفاعهنّ عن الأقصى.