زيادة وتيرة التضامن العالمي مع قضايا القدس.. فما الأبعاد المستقبلية لذلك؟
القدس المتحلة – القسطل : لم تكن هبة القدس الأخيرة الأولى من نوعها، ولم تكن اقتحامات المسجد الأقصى وتنكيل جيش الاحتلال أيضاً جديدةً على العالم، ولطالما حاولت الرواية الصهيونية تغليب رأيها وصورتها الدولية أمام العالم، لكن مواجهة العدوان الأخير كانت له أبعادٌ مختلفة، وتفاعلٌ مختلف من العالم، فقد شارك في المسيرات التضامنية مئات الآلاف، وفي الدول الأوروبية والولايات الأمريكية دون اقتصار هذه المسيرات على الدول العربية، فما الذي اختلف في معادلة العدوان الأخير على المسجد الأقصى والانتهاكات التي تتعرض لها القدس وأحياؤها، وكيف صار هذا التحول العالمي والالتفاف نحو القضية الفلسطينية؟
القسطل توجهت للمحلل السياسي تيسير العلي والذي قال:" نستطيع أن نعتبر ما حدث من تضامن مع الشعب الفلسطيني إنجازاً عظيماً، حيث بدأ العالم يسمع ألمنا ويشاهد جرائم الاحتلال والتمييز العنصري الذي يمارس ضدنا، وهذا يتجلى في عملية إجلاء الفلسطينيين من بيوتهم من جهة وعملية حرمان أصحاب الديانات المقدسة من أداء شعائرهم من جهة أخرى، كذلك فإن التغطية الإعلامية الناجحة بما في ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير ومتواصل، أدى لوصول الرسالة للعالم جميعه، ووبدى ذلك جلياً بانتشار مشاهد القمع والضرب وإطلاق النار والغاز والمياه العادمة".
وأضاف:"هناك جانبٌ آخرُ مهم وهو موقف التضامن الذي تمثل بالرد على جرائم الاحتلا من غزة، وهذا نقل الصورة إلى شكل آخر من الأشكال، على الرغم أن بعض التحليلات خشيت أن يؤدي هذا الانتقال إلى حرف البوصلة عن القدس، ولكن الذي حصل بالفعل هو اندماج بين عمل شعبي وعمل عسكري، ومن المهم بمكان أن نعلم أن ما جرى وراء الخط الأخضر في أراضي الداخل المحتل، كان بنفس مستوى ما جرى في القدس والشيخ جراح، بمعنى أن كل سياسة الاحتلال التي قامت على أساس أن فلسطينيو الداخل هم بمثابة مواطني دولة الاحتلال، كانت باطلة وتبين بشكل واضح موقف عنصري يقوم على كراهية العرب والرغبة في ممارسة سياسة الطرد الجماعي والعقوبات، كما أن عملية تمييز البيوت لم تحصل إلا في أسوء أنظمة العالم عنصرية، فكيف وإن كان ذلك مع أهل الأرض الأصليين! بأن تجرى معاملتهم بهذا الشكل بعد 70 عام من الاحتلال".
وبين المحلل السياسي العلي بقوله:" إن هذا فتح عيون كثير من القوى سواء على الصعيد الأوروبي الأمريكي الأسترالي، وحتى البرلمانات، فبالأمس كانت صور النواب البرلمانيين الإيرلندين وهم يضعون الكمامات عليها رسم العلم الفلسطيني، إذن كل هذه المقومات تقول للعالم هناك شعب يضطهد ومحروم من حقه في تحقيق مصيرة، ولاجئوه محرومون من العودة، والمواطنون محرومون من حقوق المساواة في المواطنة".
واستدرك قائلاً:" لكن إن فكرنا إن كان التضامن سيستمر أم لا، فأنا أعتقد من الناحية الموضوعية، طالما أن هناك احتلال يرفض ووجود الشعب الفلسطيني والإقرار بحقوقه ويمارس كل أشكال القمع اليومي التي لم تتوقف ولا لحظة حتى بعد وقف العدوان على غزة، فمثلاً اليوم التالي لوقف اطلاق النار قامت قوات الاحتلال، بالاعتداء على المصلين في القدس أمام شاشات وكاميرات العالم كله، وبالتالي موضوعياً الحال تبقى قابلة للإنفجارات المتتالية.
لذلك ومن أجل حماية هذه العملية فلا يجب أن تتم بشكل عفوي، ويجب تنظيمها بشكل عمل وطني ينسق بين كل هذه المجموعات والحراكات والقوى السياسية سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في تجمعات الشتات الفلسطيني المنتشرة على كل بقاع الأرض إضافة إلى موقف تنسيقي مع الاخذ بعين الاعتبار ظروفهم الخاصة وبرنامجهم الخاص، وأعتقد أن النظر والاعجاب او التعاطف والبكاء لا يكفي، لذلك لا بد من التنظيم ومواصلة هذه العملية حتى ينتهي الاحتلال".
وأكد العلي أن الأمل ليس بعيداً ولكن الآمال والرغبات لا تتحقق لوحدها وهناك تقدم كبير، لأن الموضوع قد خرج عن السيطرة الاسرائيلية، وأصبح بيد شعوب المنطقة، وليست الضفة الغربية والقدس فقط، ولكن المنطقة عموماً بما فيها جبهة المقاومة وأطرافها، وقوى التحررالوطني، امتداداَ إلى الدول العربية، حيث شعرت النا أنه آن للعرب أن يتحركوا من المغرب إلى تونس وليبيا ومصر إلى سوريا إلى العراق والأردن وإلى الحدود اللبنانية والحدود الاردنية، وكانت هناك مواقف مشرفة، كموقف العشائرالأردنية التي طالبت الملك عبد الله بالذهاب لنصرة أشقائهم الفلسطينين، لذلك هذه الحالة لن تخبو، ولكنها يجب أن تُنظم بحيث نضمن استمراريتها.
وختم العلي بقوله:" نحن بالفعل نواجه إسرائيل والقوى المتحالفة معها، وبالتالي معركتنا طويلة ولكننا أصحاب حق ومدعومين من جبهة شعبية عربية واسعة ومن جبهة شعبية عالمية واسعة، وهناك إصرار سمعناه من أهالي الشهداء الذين كانو يدفنون شهدائهم في غزة، كانو يقولون فداءا للوطن، واعتقد ان هذه الرسالة يجب أن نتمسك بها جميعاً حتى نحافظ على دماء شهدائنا وأطفالنا وتاريخنا الذي نشهد جميعنا على حجم التضحيات التي وضعناها سبيلاً لهذه القضية العادلة".
. . .