حرب على التيك توك.. "احتقار وإهانة الشرطة" التهمة الأكثر غرابةً ضد معتقلي القدس
القدس المحتلة - القسطل: خلال هبّة باب العامود وانتصار المقاومة الفلسطينية في غزة وحتى اليوم، وُجهّت للعديد من الشبّان الفلسطينيين تُهمة لربّما تكون غريبة بل سابقة بحسب المحامين، وهي “احتقار الأمن” أو “إهانة شرطي”.
عمل الاحتلال الإسرائيلي على اعتقال معظم الشبّان الذين يتهمهم بإهانة عناصر الشرطة “الإسرائيلية” في القدس خلال الأحداث الأخيرة، من خلال نصب كمائن لهم من قبل وحدات خاصة أو المستعربين أو اقتحام منازلهم الآمنة واعتقالهم وهم نيام.
جميع هؤلاء الشبّان الذين تم الترويج في الإعلام العبري عن عمليات اعتقالهم بأنها أحداث “مهمة”، لكنهم خرجوا من الاعتقال إمّا بعد ساعات من التحقيق معهم، أو الإفراج بشروط وكفالات مالية، لكن لا يمكن الجزم بأن ملفاتهم قد أُغلقت.
من بين هؤلاء الشبّان على سبيل المثال، الشاب الذي اعتبرت سلطات الاحتلال بأنه “أهان” شرطيًا عند أبواب المسجد الأقصى برفع إصبعه الأوسط وذلك خلال الاحتفالات بانتصار المقاومة الفلسطينية في غزة، حيث تم الإفراج عنه بشروط.
وقال محامي الشاب وهو من سكان بلدة حنينا، ناصر عودة: “إنه تم إصدار قرار اعتقال بحق الشاب في البداية، بعدما انتشر الفيديو الشهير له عند أبواب المسجد الأقصى وهو يرفع إصبعه الأوسط”.
وأضاف لـ”القسطل” أن شرطة الاحتلال نصبت كمينًا له من قبل وحداتها الخاصة، وصادرت مركبته، واعتُدي عليه بالضرب، ثم نُشر فيديو الاعتقال، وتم تعميم بيانات الشرطة التي تحدثت عن استخدام تكنولوجيا متقدمة في تلك العملية.
وأكد أن الشاب تعرّض للضرب المبرح داخل محطة الشرطة، ما استدعى نقله للعلاج في المستشفى.
عُرض الشاب على المحكمة لتمديد اعتقاله لمدة سبعة أيام، وفي نهاية المطاف استطاع المحامي عودة انتزاع قرار بالإفراج عنه بشروط.
يوضح المحامي عودة أن محكمة الاحتلال اتهمت الشاب برزمة من الاتهامات من بينها ”إهانة موظف حكومي” أي الشرطي، والقيام بمخالفة على خلفية “عنصرية” أو “قومية”.
ويشير إلى أن هذه لا تعدّ تهمة أساسية، وإنما تهمة أو مخالفة مرافقة، ولا تكون بالتالي أساسًا لطلب تمديد اعتقال، حيث طلبت نيابة الاحتلال تمديد اعتقال الشاب لسبعة أيام.
وقال إنه “لأوّل مرّة تمر علي أنا والمحامين الذين كانوا معي، حادثة مشابهة، وأن مثل هذه التهمة تكون أساسًا لطلب تمديد اعتقال”.
لم يتم تمديد اعتقال الشاب، بل انتزع المحامي قرارًا بالإفراج عنه بشروط، تكمن في إبعاده عن البلدة القديمة، ودفع كفالة مالية والتوقيع على كفالة طرف ثالث، بعد أن تم رفض شروط الحبس المنزلي والإبعاد عن القدس والكفالة العالية.
يبين المحامي عودة أن سلطات الاحتلال تبحث الآن عن الشبّان الذين ظهروا في مقاطع مصورة انتشرت بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي و”التيك توك”، والتي تتضمن إهانة عناصر الاحتلال.
ويضيف أنه تم بالفعل اعتقال شابين آخرين، أحدهما فعل الأمر ذاته “رفع الإصبع الأوسط” صوب عناصر الاحتلال عند باب الأسباط، وتم الإفراج عنه بشروط، والآخر أهان شرطية “إسرائيلية” وأُفرج عنه أيضًا.
“هم يبحثون عن هؤلاء الشبان، وينشرون مقاطع مصوّرة لاعتقالهم وضربهم، وينشرونها في إعلامهم العبري، لأنهم يعلمون أن انتشار مثل هذه المقاطع يعد جزءًا من كسر هيبة وصورة عناصر الشرطة”، يقول المحامي لـ"القسطل".
ويبين أن الاحتلال يعتبر أن اعتقالهم ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام، سيحقق الرّدع لآخرين يحاولون أن يقوموا بالفعل ذاته.
ووصف عودة ما يحصل بأنه “حرب على التيك توك”، وجزء من عملية الرّدع، وقال إن الاحتلال صحيح أنه يقوم بإصدار قرارات بالإفراج عن هؤلاء الشبان بشروط، لكن ملفاتهم تبقى مفتوحة ويُمكن تقديم لوائح اتهام ضدّهم في أي وقت؛ حتى لا يفكّر أي واحد منهم من العودة مجددًا لفعل أمر مشابه، وبالتالي يحقق الاحتلال سياسة الرّدع فعليًا.