إغلاق النفق في بلدة بدو شمال غرب القدس...طريقةُ الاحتلال الممنهجة للتضييق على 60 ألف نسمة
القدس المحتلة-القسطل: لمّا صارت حواجز الاحتلال روتيناً يومياً للفلسطينين، وصارت إعاقة طريقك لعملك أو أيّاً كانت الوجهة التي تسلكها أمراً طبيعياً، وكأن الغريب أصبح أن تمر بسهولة وبدون وجود حواجز تعيق سيرك، وهذا حال الفلسطينيين في الطرق لواصلة بين القرى الفلسطينية والتي غالباً تصنف مناطق ج وبين مراكز المدن، وفي بلدة بدو شمال غرب القدس، يعاني سكان البلدة والقرى المجاورة من إغلاقات الاحتلال المستمرة للطريق الوحيد الواصل بين البلدة ومدينة رام الله، ما يسبب كل مرة اكتظاظاً مرورياً، وتذمراً من القاطنين في هذه المناطق.
كان آخر هذه المضايقات عصر اليوم، حين أغلقت قوات الاحتلال النفق الواصل بين بلدة بدو- الجيب وهو المدخل الوحيد لثماني قرىً بذريعة القيام بأعمال صيانة، ما تسبب بأزمة مرورياً خانقة استمرت لساعاتٍ طويلة.
وكان مجلس محلي بدو قد أُبلغ من الارتباط قبل أسبوع بأن النفق سيغلق من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثالثة مساءً لأجل أعمال صيانة فيه، لكن ما حصل هو عدم التزام قوات الاحتلال بالموعد الذي أعلنت عنه، وبدأت بأعمالها تمام الثالثة مساءً، ثم اكتشف المواطنون أن أعمال الصيانة هذه هي تركيب كاميراتٍ داخل النفق، لمراقبة المارين من أبناء البلدة والقرى المجاورة.
وللوقوف على تفاصيل الجلبة التي أحدثتها قوات الاحتلال، تواصلت القسطل مع مدير مكتب محافظة شمال غرب القدس محمد الطري الذي قال:"لقد حذرت من هذا الأمر قبل عدة أيام ومنذ إعلان خبر صيانة النفق، وقلت أن علينا فضح مخطط الاحتلال، ولكن للأسف لا استجابة، ومنذ إبلاغ الاحتلال بأعمال الصيانة في منطقة النفق علمت أن الموضوع يتعلق بتركيب كاميرات، وهذا فيه تشديد للإجراءات على أهالي المنطقة، ويعني أننا وشبابنا مراقبون باستمرار، والأمر الآخر فهو يتعلق بإغلاق النفق عمداً لأجل التضييق على 60 ألف نسمة ، يعتبر هذا الطريق مدخلها الوحيد.
ويضيف الطري للقسطل:"بالرغم من أنني مدير المحافظة لم أعلم بالإعلان إلا عن طريق رؤساء البلديات ومن خلال صفحة الفيسبوك لبلدية بدو، وقد بُلغت البلدية من خلال الارتباط الفلسطيني، ولمعرفتي بأن أعمال الصيانة ستبدأ في التاسعة صباحاً، غادرت العمل متوجهاً للنفق لتفقد الأوضاع، فلم أجد أي أحدٍ يقوم بالصيانة، وعدت في تمام الثانية والنصف لتفقد النفق مرة أخرى، ومررت بقرية الجيب ولكني لم أجد أحداً، وفي طريق عودتي أغلقوا النفق واصطدمت باكتظاظ وأزمة مرورية خانقة.
ويروي الطري تفاصيل الأزمة:" هبطت من السيارة متوجهاً نحو ضابط الدورية غاضباً، وأخبرته أن ما فعلوه بالناس من تعمد عدم الالتزام بوقت العمل المعلن عنه هو فعل قمعي لا أخلاقي، وهدفه تشتيت الناس، فقد التف بعضهم من طريق "الخنيدق" البعيد صباحاً للوصول إلى رام الله، ظناً منهم أن طريق النفق مغلقة، وعند العودة سلكوا الطريق الرئيسية ظناً منهم انتهاء أعمال الصيانة، لكن ما قام به الاحتلال هو إغلاق النفق تمام الثالثة مساءً بدل إنهاء العمل في هذا الوقت، هذا غير المدارس التي أغلقت أبوابها لعدم تمكن الطلبة والمعلمين من الوصول لها".
ويكملُ الطري:"حصلت مُلاسنة بيني وبين الضابط وحملته مسؤولية الأطفال في السيارات العالقة لعدم قدرتهم على تحمل الحرارة المرتفعة، وطلبت منه أن يفرج عن العالقين لربع ساعة على الأقل، ولكنه رفض، وصار يصرخ في كل المتواجدين من الشباب والنساء، فعدتُ أدراجي لقرية الجيب ريثما يُعاد فتح النفق".
ويؤكد الطري أن مصطلح صيانة هو للتمويه فقط، فمنذ متى يحرص الاحتلال على راحتنا حتى يقدم صيانةً للنفق، ويقول:"حصل ما توقعته فعلاً فقد كانت ادعاءات الصيانة هذه لأجل تركيب كاميرات مراقبة، وقبل هذه المرة حفروا لنا حفراً و "مناهل" في النفق حتى إذا جاءت سيارة مسرعة سقطت فيها ما يسبب حوادث كارثية، هذا غير إضاءة النفق غير المتوفرة ما يُصعب القيادة ليلاً، وصولاً إلى قضية تنظيف النفق، التي إذا ما طلبنا إذناً بتنظيفه، تطلّب ذلك قصةً طويلة تحتاج لتنسيقاتٍ من خلال الارتباط للحصول على موافقات بذلك.
ويستدرك الحديث بقوله للقسطل:"إن عدنا لسبب وضع النفق من أساسه، فقد تم بناؤه لتأسيس وضع ٍأمنيٍّ يخص الاحتلال، بعدما أغلقوا كل الطرق الأخرى المؤدية للقدس ورام الله، فمثلاً إن أرادوا أن يضيقوا على 60 ألف نسمة يعتبر النفق هو معبرها الوحيد، أغلقوا البوابة بكل سهولة، بدون اكتراثٍ لما سيحصل في المواطنين من تكدس وتأخر عن الأعمال وغيره، وأستطيع ربط هذه الممارسات بالذي يحدث في منطقتي سلوان والشيخ جراح في القدس، حتى تسهل السيطرة على البلدات العربية التابعة للقدس، وممارسة الضغط والتضييق على القاطنين فيها لإجبارهم على الخروج، وهذه سياسة ممنهجة يتبعها في كل المناطق".
. . .