في ذكرى استشهاد المقدسي عمر القاسم في السجون.. 32 عاما على الرسالة

في ذكرى استشهاد المقدسي عمر القاسم في السجون.. 32 عاما على الرسالة
القدس المحتلة - القسطل: في الوقت الذي بكت فيه فلسطين وزفت شهيدها فادي وشحة ،الذي ارتقى إثر إصابته في المواجهات التي خاضها مع الاحتلال انتصاراً للقدس، كانت الذكرى الثانية والثلاثين لارتقاء الشهيد المقدسي عمر القاسم، وكأن أرواح الشهداء قد اتفقت أن تتلاقى في السماء، حتى يصبح الفرح فرحين كلما جاءت الذكرى، ولذكرى استشهاد القاسم، تقف القسطل على أهم محطات نضاله، وتجربته في الأسر التي انتهت باستشهاده إزاء الإهمال الطبي المفتعل الذي تعرض له على أيدي الاحتلال، بعد الكثير من التعذيب والتضييق ورفض المساومة. ميلاد البطل في حارة السعدية في مدينة القدس المحتلة عام 1941 كان ميلاد عمر القاسم، الذي درس الابتدائية في المدرسة العمرية القريبة من المسجد الأقصى، وأكمل الثانوية في المدرسة الرشيدية، وعمل مدرساً في مدارس القدس، ثم التحق بجامعة دمشق بعدها وحصل على درجة الليسانس في الأدب الإنجليزي، والتحق القاسم بحركة القوميين العرب في عمر الـ 17، ثم راح يؤسس لمعسكرات الثورة الفلسطينية التي بدأت بالتعبئة الوطنية للشباب الفلسطيني في الخارج. عودة،واشتباك فيما بعد، وبعد عشرِ سنوات، تطلع القاسم للعودة إلى وطنه، ليؤدي رسالته في الدفاع عنه، من خلال قيادة مجموعة عسكرية تعمل داخل الوطن على إفشال مخططات الاحتلال بتهويد الأراضي وقمع وأصحابها، وفي طريقه إلى رام الله سبيلاً في بدء عمله الوطني عام 1968، اعترضته دورية تتبع للاحتلال قرب نهر الأردن، وكانت هذه مواجهته الأولى التي قرر فيها الكرّ بدل الفر، فاشتبك ورفاقه ضد قوات الاحتلال باستبسال، حتى نفذت ذخيرتهم، واعتُقلوا لاحقاً ليواجهوا الحكم المؤبد.   حياة الأسر، استبسال ومقاومة بعد اعتقاله خضع عمر ورفاقه لتحقيقٍ قاسٍ، مواجهين أصنافاً من أساليب التعذيب على يد السجانين، ووضعوا في زنازين إسمنتية لفترة طويلة، ورغم قسوة السجن والظروف اللاإنسانية التي رزح تحتها، إلا أنه ظل صلباً ولم يساوم، وقد لعب دوراً بارزاً في عملية التثقيف والتعبئة والحشد المعنوي لإعداد الأسرى وتهيئتهم لمواجهة إدارات القمع ( الإسرائيلية )، وكان القاسم من الداعين والمشاركين في إضرابات الأسرى عن الطعام سبيلاً في الحصول على حقوقهم، ونسج علاقات قائمة على الاحترام فحظي باحترام الأسرى، الأمر الذي جعله يفرض نفسه بقوة في الحركة الأسيرة. عام 1985، كانت عملية تبادل الأسرى ، وقد حاول الاحتلال قمع الحركة الأسيرة في سجونه لأجل طمس إناجزاتها ومكاسبها، وواجه عمر مع الأسرى عمليات اقتحام وتعذيبٍ وعزلٍ وتنكيل، لكنهم واجهوا هذه الإجراءات ببسالة، ونال العديد من الأسرى حريتهم في الصفقة، بفعل دعم وآلام الحركة الأسيرة وثباتها على مواقفها. ومن أبرز مواقف الشهيد القاسم، أن استدعته إدارة السجن ورفيقه أنيس دولة ونُقِلا على متن مروحية إلى مكان عملية نفذتها مجموعة مسلحة تابعة للجبهة الديمقراطية في الجليل، احتلت فيها مبنىً واحتجزت رهائن، وطلب الاحتلال منهما الحديث إلى الفدائيين لتسليم أنفسهم، غير أن القاسم رفض ولم يساوم ما استفز جنود الاحتلال وانهالوا عليه بالضرب المبرح، ووضعوه في الزنازين الإنفرادية. إهمالٌ طبي فشهادة وبفعل تعرض القاسم للتعذيب على مدار واحد وعشرين عام من الأسر، عانى الشهيد من أمراضٍ عديدة، استشرت في جسده، وبفعل سياسة الإهمال الطبي من قبل إدارة مصلحة السجون، بقي لمدة شهرين كاملين يصارع آلام المرض، ولم يستطع جسده التحمل، وفارق الحياة، واصطفاه الله بالشهادة في الرابع من حزيران عام 1989، ووارى جسده الثرى في مقبرة الأسباط في القدس حيث مسقط رأسه وذكريات طفولته التي صنعت شاباً مقاتلاً فطناً لحقوق أرضه ووطنه.  وبعد اثنين  وثلاثين عامًا على رحيل القاسم، ما زالت المواجهة مع الاحتلال واحدة، فحتى بعد استشهاده، لم تسلم عائلة القاسم من ممارسات الاحتلال وإجراءاته التعسفية، فهي توجه اليوم خطر التهجير من منزلها في حي الشيخ جراح، كإجراءٍ مستمر للتنكيل بالشهداء وأهلهم حتى بعد الموت.        
. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: