الأحياء والأموات في القدس مستهدفون

الأحياء والأموات في القدس مستهدفون

العدوان على المقابر الإسلامية يتواصل ويتصاعد، الإثنين تنوي جماعات صهيونية أمريكية إقامة احتفال على جزء من مقبرة مأمن الله، كبرى المقابر الإسلامية، والتي جرى مصادرة قسم منها لصالح إقامة ما يسمى بمتحف التسامح عام 2010، التابع لجمعية "سيمون ويزانتال" الصهيونية الأمريكية المتطرفة، وهذا الاحتفال سيشارك فيه السفير الأمريكي المتصهين السابق ديفيد فريدمان المقيم في مستعمرة "بيت ايل" وكذلك وزير الخارجية الأمريكي السابق المتطرف مايك بومبيو، والذي اعتبر بأن الاستيطان في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي، وكذلك هي منتوجات المستوطنات.

وشهدنا أمس عدواناً سافراً على مقبرة اليوسفية، التي جرى هدم مدخلها ودرجها، ومصادرة 4 دونمات و300م منها، بالقرب من صرح الشهيد؛ لمنع المسلمين من الدفن فيها، والعمل على تحويلها إلى حديقة تلمودية توراتية، حيث أقدمت جرافات الاحتلال على نبش وجرف رفاة وعظام  ا لشهداء.

هذا العمل الشنيع أثار غضب وحنق سكان مدينة القدس، الذين توافدوا للدفاع عن حرمة قبورهم ورفاة وعظام موتاهم وشهدائهم، وقبل ذلك كان العدوان على مقبرة باب الرحمة، حيث جرى مصادرة جزء منها من أجل حفر قواعد اسمنتية لـ13 بارتفاع 26 متراً، تشكل حوامل لسكة حديد القطار الطائر "التلفريك" الذي سينقل المصلين اليهود والزوار إلى ساحة حائط البراق، بالإضافة إلى الإطلالة على كل ما يدور في الأقصى.

العدوان الإسرائيلي الممنهج والمبرمج على المقدسيين ومقدساتهم، وعلى أحيائهم وأمواتهم مستمر ومتواصل بلا توقف، وما يصدر عن محاكم احتلالية يأتي فقط من أجل ذر الرماد في العيون، ومن أجل تخفيف حدة الاحتجاجات الدولية، ومن أجل عدم إحراج دول حلف "ابراهام " التطبيعي من العربان المنهارين، وكذلك حتى لا تتصاعد الأمور مع الحكومة الأردنية، صاحبة الرعاية والوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي المقدمة منها المسجد الأقصى، وفي الوقت الذي التقى فيه الملك الأردني عبد الله الثاني مع رئيس وزراء الاحتلال الحالي من الصهيونية الدينية "بينت" ووزير خارجيته لبيد، كل على حدا بشكل سري، ووعدا بعدم المس بالوضع القانوني والتاريخي والديني للمسجد الأقصى، ولكن هذه الوعود شبيهة بالوعود التي قطعها رئيس وزراء الاحتلال السابق نتنياهو للملك عبد الله الثاني، كما يقول المأثور الشعبي "كلام الليل مدهون بزبدة"، أي سريع الذوبان، فقادة حكومة الاحتلال من بينت رئيس وزراء الاحتلال إلى وزيرة داخليته شاكيد، ووزير أمنه الداخلي عومر بارليف ومفتش عام شرطته يعكوف شبتاي ..الخ، سمحوا للجماعات التلمودية والتوراتية بأداء طقوس تلمودية وتوراتية لصلوات صامتة في المسجد الأقصى، في تطور خطير نحو تثبيت وقائع جديدة تغير من الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية للمسجد الأقصى، في خطوات ممنهجة ومنظمة، عبرت عنها القاضية اليمنية المتطرفة بيهلا يهالم فيما يسمى بمحكمة الصلح الإسرائيلية، والتي أعطت قراراً بالسماح للحاخام اليمني المتطرف أريه ليبو وأتباعه بأداء طقوس الصلوات الصامتة في الأقصى، وهذا الحاخام العنصري هو أمين سر مجلس "السنهدرين الجدد"، الذي شكله مجموعة من الحاخامين من التيار القومي- الديني لإحياء ما يسمى بالهيكل المزعوم بدل المسجد الأقصى مع كامل طقوسه التلمودية والتوراتية.

بعد موجة الغضب التي اجتاحت المجتمع المقدسي، ورفعت من حدة الغليان في المدينة، وبما ينذر بانفجار الأوضاع على نحو أوسع وأشمل، وبما يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه في نيسان الماضي، حيث هبات القدس الثلاث؛ ساحة باب العامود، الأقصى والشيخ جراح، والتي جاءت كرد فعل مباشر على العدوان الإسرائيلي على شعبنا في القدس بهدف تهويد ساحة باب العامود وتغيير الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية في الأقصى وطرد وتهجير سكان حي الشيخ جراح.

ما يسمى بالمحكمة المركزية الإسرائيلية، بعدما رأت بأن الأوضاع يمكن أن تنفجر على نطاق أوسع من مدينة القدس، أصدرت قراراً بمنع أداء الصلوات التوارتية الصامتة في الأقصى، ولكنها لم تلغ قرار محكمة الصلح، وتركت التقرير بشأن الصلوات والطقوس التلمودية والتوراتية في الأقصى بيد قائد شرطة الإحتلال.

وسبق قرار تلك القاضية المتطرفة جملة من الممارسات الميدانية المدعومة من قبل المستويين السياسي والأمني، مهدت لقرار تلك القاضية المتطرفة، خلال فترة الأعياد جرت محاولات لإدخال الأدوات المستخدمة في احتفالات ما يسمى بعيد العرش من سعف النخيل وأغصان الريحان والصفصاف، وكذلك رفع العلم الإسرائيلي في الأقصى، والنفخ في البوق وترديد ما يسمى بنشيد دولة الاحتلال "هتكفا"، وإحياء طقوس زواج وممارسات لا أخلاقية وفاضحة، وأداء طقوس ما يسمى بالسجود الملحمي، وتبجح زعيم "الصهيونية الدينية" المتطرف اليميني ايتمار بن غفير بأنه في المرة القادمة سيدخل علناً إلى "جبل الهيكل"، أي المسجد الأقصى رافعاً علم دولة الاحتلال.

العدوان والاعتداءات على القدس بأحيائها وأمواتها ومقدساتها وفي المقدمة منها الأقصى لم ولن تتوقف، في ظل حالة فلسطينية منقسمة على ذاتها ومتشظية وضعيفة، وسلطة لا ترتقي بدورها ومسؤولياتها إلى حجم المخاطر المحدقة بالقدس والأقصى، وكذلك الحكومة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات والأقصى، فردود الأفعال الباهتة فلسطينياً وعربياً واسلامياً، والمكتفية باللازمة المكررة والاسطوانة المشروخة والتي لم تعد مقنعة لطفل فلسطيني، من بيانات شجب واستنكار ومذكرات احتجاج وبكاء وعويل على أبواب المؤسسات الدولية، لن تلجم العدوان لا على القدس ولا على الأقصى ولا على الكنائس ولا على المقابر الإسلامية والمسيحية، ولا على الرموز والقامات الدينية والوطنية، كما حدث مع سماحة الشيخ عكرمة صبري الذي جرى اقتحام بيته أمس، والتحقيق معه في معتقل المسكوبية في القدس، حول الصلاة في مصلى باب الرحمة والدعوة للرباط في المسجد الأقصى، ومن ثم القرار الذي رفض التوقيع عليه بإبعاده القسري عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر:

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *