محاميّان ردًا على انتهاك المقابر: ردّة فعل الشارع لا تتناسب مع حجم الحدث

محاميّان ردًا على انتهاك المقابر: ردّة فعل الشارع لا تتناسب مع حجم الحدث

القدس المحتلة - القسطل: أكد محاميان مقدسيان أن ردّة الفعل الشعبية والرسمية على انتهاكات الاحتلال لمقابر المسلمين والتعدّي على حرمة القبور، وتكسير شواهدها، وتحطيم رفات الشهداء، ضعيفة جدًا، ولا تتناسب مع حجم الحدث.

جاء ذلك بعدما عملت "سلطة الطبيعة" التابعة للاحتلال على استكمال أعمال الحفر والتجريف وتكسير أشجار مقبرة الشهداء التابعة للمقبرة اليوسفية، لليوم الثاني على التوالي، وسبق ذلك تحطيم عدد من  القبور والشواهد، وحفر متواصل حتى وصلوا إلى رفات الموتى والشهداء

وقال المحامي مدحت ديبة عبر صفحته على فيسبوك”: إردة فعل الشارع لا تتناسب مع حجم الحدث، كان الأجدر بدء الاعتصامات على غرار سابق الهبات كـ باب الرحمة والأسباط.

وأضاف: أنا ألوم هنا المرجعيات الدينية والأوقاف وخطباء المساجد وتحديدًا المسجد الأقصى في ضرورة توجيه الشارع”.

أمّا المحامي حمزة قطينة فكتب مقالًا مطوّلًا حول الحدث في مقبرة الشهداء، وقضاء الاحتلال وغياب الموقف الرسمي والشعبي الحقيقي في هذه المسألة.

وأوضح عبر صفحته على “فيسبوك” أنه خلال شهر كانون أول عام 2020 اقتحمت جرافات بلدية الاحتلال أرض مقبرة صرح الشهداء، وهدمت سورها وبدأت بأعمال التجريف والتخريب فيها لإقامة حديقة ضمن مشروع تهويدي كبير "ما حول أسوار القدس" يتضمن القطار الهوائي "التلفريك" ومسارات واستراحات.

كان هذا هو الاعتداء الثالث على التوالي على أرض المقبرة خلال أقل من 7 سنوات، إذ في سنة 2014 قامت البلدية بإغلاق أكثر من 40 قبراً بالباطون لمنع الدفن فيها، وفي سنة 2017 جرفت جزءاً كبيرًا من الأرض واقتلعت الأشجار وخربت المنطقة الجنوبية من المقبرة.

وقال إنه بكل أسف، ردة الفعل الشعبية والرسمية على هذه الاعتداءات على مر السنوات كانت ضعيفة جداً بل وحتى لم تكن هناك ردة فعل أصلاً، وفي بعض الأحيان لم يحضر للدفاع عن المقبرة سوى رجل واحد فقط تجاوز السبعين من عمره ليقف وحيداً أمام جرافات الاحتلال، هو رئيس لجنة المقابر الحاج أمين أبو زهرة.

وأوضح ملكية الأرض كمقبرة إسلامية ثابت قطعاً بالوثائق الرسمية علاوةً على القبور والصرح الشاهد على هذا الوضع، ومنذ سنة 1964 أكدت محكمة الاستئناف الأردنية – فترة الحكم الأردني في القدس الشرقية – أنّ هذه الأرض أصبحت جزءاً من منطقة المقابر ضمن المشروع الهيكلي الجديد، والدفن فيها قد توالى منذ سنة 1967.

وبيّن أن الاحتلال الإسرائيلي يُنكر ذلك، ويسعى لغصب هذه الأرض وسرقتها بكل الوسائل، بالإرهاب والقوة والخاوة قبل القانون، ويُصرح بأنّ هذه الأرض (والأرض المجاورة لها –سوق الغنم) هي الحلقة الأخيرة التي بقيت لاستكمال المشروع "الوطني التهويدي" حول أسوار القدس، وأنّ هذا المشروع هو مصلحة يهودية عليا، وفقدان السيطرة على هذه الأرض سيجعل المشروع مقطوعاً غير متصل.

وأكد أن المؤامرة للاستيلاء على المقبرة طبخها الاحتلال على نار هادئة منذ سنوات، فمنذ سنوات السبعينيات صنّف الاحتلال هذه الأرض كمنطقة عامة مفتوحة ثمّ منطقة حدائق خضراء، وحظر الدفن فيها، وبدأ بالتنفيذ والاقتحام الفعلي بعد أكثر من 30 سنة ليجعل مسألة الاعتراض على هذا التصنيف مسألة شبه مستحيلة. هذا الأسلوب انتهجه الاحتلال في آلاف الدونمات التي تخص المقدسيين شرقي القدس.

وقال” موقفنا المبدأي بخصوص التعامل مع القضاء الإسرائيلي في القضايا الجوهرية التي تمس قضايانا الأساسية واضح منذ سنوات، إذ أننا نرى بأنّ هذا القضاء لا يتمتع بالحياد والنزاهة والعدالة التي تتيح له الفصل في القضايا بانصاف ورد الحقوق لأصحابها ورفع الظلم عنهم، بل إنّه يتأثر بتأثيرات خارجية كثيرة، منها تأثيرات عقيدية دينية أو سياسية ومنها تأثيرات بل وتعليمات أمنية ومخابراتية، وبالتالي التعويل على القضاء في القضايا الجوهرية – خصوصا التي تتعلق بالمقدسات وغيرها – هو مراهنة خاسرة”.

وأضاف: “لم يختلف موقفنا في هذه القضية، انما طُلب منا اللجوء للقضاء كإجراء تكتيكي فقط لعرقلة المشروع وتأخيره بأي وسيلة لكسب الوقت، خصوصاً وأنّ الجرفات في شهر 12/2020 كادت تجهز على الأرض خلال أيام معدودة، ولم يعترض عليها – رسميا أو شعبياً - سوى قلة قليلة، ولعلّ الظروف تتغير وتتهيأ للالتفاف الشعبي والرسمي حول هذه القضية وحرمة المقابر والموتى والدفاع الحقيقي عنها. ومنذ اليوم الاول أعلناها بشكل واضح أنه لا يًمكن التعويل على الإجراءات القانونية وحدها بدون موقف رسمي أو شعبي يُسندها، وللأسف لم نر أي استجابة أو تفاعل حقيقي حتى الآن”.

ومارست البلدية والطبيعة جميع أساليب الكذب والخداع والتضليل أمام المحاكم بخصوص هذه الأرض، لكنها فشلت في ذلك، وتوقفت الأعمال لأكثر من 8 أشهر في الأرض إلى حين  قيام جهة مجهولة باستحداث ثلاثة قبور جديدة داخل الأرض، الأمر الذي أعطى ذريعة للقاضي "الجديد الذي تمّ تحويل الملف خصيصا له"  لالغاء أوامر المنع والسماح للبلدية باستمرار الأعمال حتى لا يتم انشاء المزيد من القبور واحباط المشروع التهويدي فيها، خصوصا وأنّ خلفية القاضي العقيدية تجعل من هذا المشروع مصلحة عليا، بحسب قطينة.

وقال “أطلقنا صرخة بأن القيام بهذه الأعمال سيؤدي حتماً إلى نبش القبور وانتهاك حرمتها، وقد حصل ذلك فعلاً وخرجت عظام الموتى وجماجمهم بعد أن حطمتها جرافة الاحتلال، بضوء أخضر من القضاء. اليوم القضاء لا يستطيع الرجوع الى الوراء، لأنّ المسؤولية الكاملة عن جريمة نبش القبور تقع عليه وعلى جميع هذه الأجهزة من بلدية وطبيعة وشرطة”.

وأكد المحامي قطينة أنه بدون أي موقف رسمي أو شعبي واضح، سيستمرون في إخفاء معالم هذه الجريمة قبل أن يسمع بها العالم، وقال “مع ذلك لم يتنه الوقت بعد، وما زال هناك متسع لموقف رسمي وشعبي واضح”.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر:

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *