280 فرداً يتهدّدهم التهجير في الطور لصالح إقامة "الشارع الأمريكي"
القدس المحتلة - القسطل: تعتزم بلدية الاحتلال ارتكاب مجزرة بحق منازل المقدسيين في بلدة الطور شرقي القدس المحتلة، ضمن مخطط مصادرة 45 دونماً من أراضيها، ويهدد كابوس التهجير والطرد أكثر من 280 فرداً مقدسياً يسكنون في منازل مُقامة على تلك الأراضي، وذلك لصالح استكمال تنفيذ ما يسمى بـ "الشارع الأمريكي" الاستيطاني.
ووفقًا لهذا المشروع، سلّمت بلدية الاحتلال العشرات من أوامر الهدم والإخلاء لمقدسيين في البلدة، بغية تهجيرهم تمهيدًا لارتكاب مجزرة كالتي شهدتها العاصمة خلال السنوات الماضية.
ووفقاً للباحث والمختص في شؤون القدس فخري أبو دياب فإن هذا المشروع يمرّ بثلاث مراحل، أنجز الاحتلال منها جزءاً كبيراً.
تتمثّل المرحلة الأولى بالمنطقة الفاصلة بين القدس وبيت لحم جنوبي القدس، مروراً بصورباهر وجبل المكبر، وصولاً إلى سلوان. أما المرحلة الثانية، وهي قيد العمل تبدأ من سلوان وصولاً إلى بداية الجبل الجنوبي لمنطقة جبل الزيتون.
وقريباً سيبدأ العمل في المرحلة الثالثة، بعد إنهاء الأمور اللوجستية في منطقة الطور، وهذا يتطلب هدم 54 مبنى في طريق "الشارع الأمريكي".
عن المشروع..
قبل أكثر من 13 عامًا، طرحت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال مخطط شارع الطوق بالقدس المحتلة، بحيث يشمل المخطط المدينة من الشرق والغرب، ويعد المقطع الأوسط من الشارع هو الأضخم، والذي يمتد على طول (12 كم) مع عرض وارتداد يصل إلى 70 مترًا.
بدأت المرحلة الأولى والثانية لشق الطريق الأمريكي في عام 2016 لتنتهيا في عام 2021، ثم تتبعهما المرحلة الثالثة فيما بعد.
تمثلت المرحلة الأولى بالمقطع الجنوبي من الشارع، والذي يبدأ من حاجز مزموريا العسكري جنوب شرق القدس “بالقرب من بيت لحم”، ويمر من أراضي صورباهر ثمّ أم طوبا، منتهياً في منطقة الشيخ سعد من أراضي السواحرة.
أما المرحلة الثانية، فيشيد فيها المقطع الأوسط من الشّارع، والذي يمتد من منطقة الشيخ سعد، ليتصل مع نفقٍ يمرّ من باطن الجبل، منتهيًا في حيّ عين اللوزة وسط سلوان.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المقطع من الشارع يخترق أراضي جبل المكبر، البالغة مساحتها نحو 382 دونماً.
وفي المرحلة الثالثة للمشروع، والتي سيبدأ العمل فيها قريباً، سيتم إنجاز المقطع الشماليّ والأخير من الشارع الأمريكي؛ والمكون من نفق يشق أسفل جبل الزيتون، منتهيًا عند حاجز الزعيّم العسكريّ إلى الشمال.
أبو دياب: تغيير الوجه الحضاري في القدس
وشدد أبو دياب في حديثه مع “القسطل” على أن هذا المشروع ضمن مساعي الاحتلال لفرض وقائع جديدة على القدس، ومن أجل تغيير الوجه الحضاري فيها، عن طريق تقليل عدد السكان المقدسيين، ومحاصرة التجمعات السكانية المقدسية وقطع تواصلها مع بعضها البعض، وعدم السماح لها بالتوسع.
وتابع أن "هذا المشروع من أجل استخدامات مستقبلية أمنية.. بعد أن يتم طرد وتشريد المقدسيين، سيتم إحلال مستوطنين مكانهم، وتسهيل سرعة حركتهم ووصولهم في الجزء الشرقي من القدس ومحيطها، على حساب الأراضي الفلسطينية المقدسية، وعلى حساب المباني العربية".
وأشار إلى أن الاحتلال يصرف الأنظار في بعض المشاريع ليتسنى له العمل بشكل سهل وسلس فيها، ودائماً يبتكر وسائل لهدم المنازل وتقليل عدد السكان مُدعياً بأنها مشاريع خدماتية لهم، ولكنها ليست سوى مشاريع خدماتية للمستوطنين.
عدا عن المراكز الأمنية التي سينشئها الاحتلال على جانبي الطريق؛ ما يبين بشكلٍ واضح الأهداف من هذه المشاريع الاستيطانية، كما أوضح أبو دياب.
وبحسبه، فإن مدينة القدس بحاجة لـ 5 آلاف وحدة سكنية سنوياً، ومن أجل تقليل عدد السكان ودفعهم للرحيل يقوم الاحتلال أولاً بهدم هذه المباني، وثانياً يرفض منح تراخيص بناء لأي مقدسي، رغم الحاجة لها نتيجة الضائقة السكنية.
وأكد أبو دياب على أن الاحتلال يتعمد أن تمرّ أطول مسافة من هذا الطريق عبر منازل المقدسيين، ولا يقوم بتحويلها عبر طرق أخرى عندما يعلم بوجود تجمعات سكنية؛ فهو يسابق الزمن في تغيير الوجه الحضاري في القدس.
كما يدعي أن هذا المشروع يخدم السكان المقدسيين؛ من أجل تخفيف الضغط الدولي والعالمي وإيجاد مبرر لهدم المنازل.
كيف يمكن مواجهة هذا المشروع؟
وحول طرق مواجهة هذا المشروع، يعتقد أبو دياب بأنه من المهم تنظيم وقفة داخلية وخارجية، وأن لا يتم الاكتفاء بردات الفعل، بل يجب العمل على إعاقتها وإيقافها بشكلٍ فوري، وفق خطط مدروسة ومنظمة.
وأردف "يجب على المؤسسات الرسمية والشعبية أن تعي تماماً أن الاحتلال يضع البصمات الأخيرة لتغيير الوجه الحضاري في القدس، وتغيير التركيبة السكانية".
وأشار إلى أن أهالي صورباهر وجبل المكبر لم يستطيعوا وقف هذا المشروع، رغم كل الاعتراضات التي رفعوها لمحاكم الاحتلال؛ لأنها جزء من المنظومة الاحتلالية، التي توافق على مشاريع التهويد بغلاف قانوني.
وشدد على أن هذا المشروع مخالف للقانون الدولي، لأن هذه المنطقة التي يمر بها حسب القانون هي منطقة محتلة لا يجوز ترحيل وطرد السكان منها.
تكلفة المشروع
تشرف على تنفيذ المشروع شركة “موريا لتطوير القدس”، والتي تتبع بلدية الاحتلال بالشراكة مع وزارة المواصلات “الإسرائيلية”.
وتصل تكلفة إنشاء المشروع إلى 250 مليون دولار، وتدرج سلطات الاحتلال ميزانيته ضمن ما تسمى بـ”الخطة الخماسية” والتي تهدف إلى دمج المقدسيين في الاقتصاد والمجتمع “الإسرائيلي”.
يذكر أن الاحتلال يخطط لإقامة هذا الشارع منذ عام 1994 تقريباً، ويعتبر من الشوارع الاستراتيجية التي وضع لها الاحتلال مخططات بعناية فائقة باعتباره من المشاريع الاستيطانية الكبرى، التي يسعى من خلالها لإلغاء أي اتفاق أو انفصال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة