القدس الدولية: قبول "التسوية" خروج عن الإجماع الوطني والقومي والإسلامي
القدس المحتلة - القسطل: أكدت مؤسسة القدس الدولية أن الموافقة على قرار “التسوية” الذي تطرحه محكمة الاحتلال على أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، هو خروج عن الإجماع الوطني والقومي والإسلامي.
وأوضحت في بيان لها، أنها تأكدت عبر اتصال هاتفي مع محامي عائلات الشيخ جراح سامي ارشيد، الأنباء التي تحدثت أمس عن تقديم موقف بالموافقة على التسوية التي طرحتها محكمة الاحتلال "العليا" في الرابع من شهر تشرين أول/ أكتوبر من هذا العام.
وقالت إن هذه التسوية مخادعة تهدف لتقويض قضية الحي، والتي سبق للمؤسسة أن بينت مخاطرها القانونية والوطنية وأوضحت الرفض القاطع لها في بيان مفصل في الـ18 من الشهر الجاري.
وأرسلت المؤسسة رسالة توضح فحوى الموقف إلى المحامي سامي ارشيد ونسخة منها للمحامي حسني أبو حسين، حيث جاء في الرسالة:
“عطفاً على مكالمتنا التي تمت في 1-11-2021، وبين يدي انتهاء المهلة المحددة لتسليم الإجابة على التسوية المقترحة من محكمة الاحتلال المسماة "العليا"، فقد أوضحنا لكم بأننا نتابع ما يجري عن كثب وبالتفصيل، وبأن الاستعداد لتسليم موقف عن سبعة من عائلات من حي كرم الجاعوني في الشيخ جراح بالموافقة على التسوية هو أمر يخالف الإجماع الوطني، ويهدد بتقويض قضية الحي سياسياً وجماهيرياً وإعلامياً، ويلقي بظلال ثقيلة على مصير بقية العائلات، وعلى مصير أهالي سلوان الذي تواجه ستة أحياء منه خطر التهجير.
إن محاولة بناء مقولات فضفاضة في قضية مصيرية وطنياً وعربياً وإسلامياً كالشيخ جراح تمس مئات الملايين من أمتنا أمر لا يمكن تمريره، وإن التعامل بسرية مع عرض المحكمة وكل تفاصيله منذ شهرين هو محل تساؤل كبير من طرفنا في مؤسسة القدس الدولية التي تمثل أكبر إطار شعبي عربي وإسلامي تأتلف في إطارها شخصيات تمثل الحركات القومية والإسلامية، وحركات المقاومة على اختلاف جنسياتها وأطيافها، والأمة العربية بطوائفها والأمة الإسلامية بشعوبها.
لقد كان حي الشيخ جراح منطلقاً لحربٍ بُذلت فيها الدماء، وقُدمت فيها التضحيات، وهُدمت لأجلها أبراج وفقدت لأجلها مئات العائلات مأواها إلى غير رجعة؛ ومحاولة اختزالها بأنها قضية ملكية شخصية تمس العائلات هو تسطيح واختزال وتقزيم يسهم في تفريغ هذه التضحيات الجسام من معناها.
إننا نتفهم أن العائلات في الحي تحت الضغط، وأمام تهويل الاحتلال وتضييقه، وإغراءات المحكمة، قد تتعب من طول المواجهة أو تضعف عزيمتها للحظة كأي إنسان في عين العاصفة، وواجبكم وواجبنا في هذه المرحلة هو أن نقف إلى جانبهم ونسند أكتافهم، وإحاطة قضيتهم بالسرية لإعادتها إلى خانة القرار الشخصي والذهاب به خلسة عن القوى الوطنية للمحكمة مرفوضٌ جملة وتفصيلاً.
وإذا كان هذا التفهم يجري على أهل الحي، فإنه لا يجري عليك كمحامٍ صاحب معرفة وخبرة ودراية بمحاكم الاحتلال وأساليبها، ولا يخفى عليك بكل موضوعية وعقلانية استهداف ماكينة القضم والضم لدى الاحتلال للشيخ جراح بكل أجزائه، وأن أي تسوية تبقى في هذا السياق ولا تخرج عنه.
في الختام، نقول لك أخ سامي بكل وضوح وبما نمثل، بأن الإجماع الوطني والعربي والإسلامي قد قام على رفض كل تسويات الاحتلال وطروحاته كما عبرت عنه عشرات المواقف خلال الشهور الماضية، وإن خروجك عن هذا الإجماع يحملك المسؤولية الوطنية والأخلاقية والقانونية على المستوى الشخصي، ونؤكد لكم بأن هذه القضية لن تمر إن حصلت لا سمح الله، وإننا لنرجو أن يبقى رصيدك نظيفاً، ورايتك بيضاء، وأن تكون أميناً على موقعك كمحامٍ تمثل أهل الحي في الجانب القانوني فقط، ولست قائد معركتهم، ولا صاحب قرار فتح النار فيها.
لقد كانت قضية الشيخ جراح مثالاً للاستجابة الوطنية والعربية والإسلامية والدولية، ولم يُترك أهل الحي وحدهم رغم صعوبة المواجهة، ولن يتركوا بإذن الله، وقد اتصل الأخ إسماعيل هنية في 26-10-2021 بعائلات الحي وأعطاهم ضمانة المقاومة، كما أكد الأخ خالد مشعل في 27-10-2021 بأن ما حصل في 28 رمضان يتكرر وسيتكرر، وهذا التزام لا يسمح بالاحتجاج بأنكم تُركتم وحدكم بأي حال.
نتطلع إلى رفض مقترحات المحكمة اليوم، ووقف التعاطي مع أي مقترحات منها، ومواصلة خوض الصراع كما يجب أن تواصَل، ونحن معكم وإلى جانبكم وكذلك شعبكم وأمتكم، فلا تبيعوا تضحياتهم بثمنٍ بخس.
يذكر أن مصادر مطلعة أفادت لشبكة القسطل أمس أن عائلات الشيخ جراح السبع التي من المقرر أن ترد على مقترح التسوية الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، قد وقعت عليه رغم كل المواقف الرافضة لهذا المقترح، لما له من تبعات كارثية على ملكية الأرض، وأيضا بما يمثله من اعتراف بشرعية مطالبات المستوطنين. وقالت المصادر إن أطرافا عدة من داخل وخارج حي الشيخ جراح عملت على إقناع العائلات بالتوقيع على مقترح التسوية، من بينها شخصيات في لجنة أهالي الشيخ جراح، وقد علمت القسطل بأسمائها ودورها في إقناع الأهالي. وبحسب المصادر فإن أطرافا أخرى أوضحت للأهالي خطورة الأمر، وحاولت تذكيرهم بأن قضية الشيخ جراح كانت شرارة في حرب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال أدت لاستشهاد المئات وإصابة الآلاف، ولا زال قطاع غزة يعيش تداعياتها إلى الآن. وحذر مراقبون من أن مقترح التسوية يعني اعتراف السكان بأنهم مستأجرون لدى منظمة “نحلات شمعون” الاستيطانية، وسيدفعون لهذه المنظمة إيجارات المنازل، وسيخرجون منها لاحقا في ظروف معينة لأنهم اعترفوا أنها ليست ملكهم بدليل أنهم يدفعون أجرتها. وتقول المصادر إن موقف السلطة الفلسطينية كان بأنها مع القرار الذي يتخذه الأهالي، مشيرة إلى أن هناك محاولات من بعض الأطراف لإقناع الأهالي بالتراجع عن تقديم الوثيقة التي تتضمن توقيعهم على مقترح التسوية، والتي من المقرر أن تقدم غدا لمحكمة الاحتلال، إذ لا زالت هناك فرصة للتراجع عن ذلك. وفق المصادر، فإن الأمور يمكن حسمها باتجاه عدم التوقيع قبل تقديم الوثيقة اليوم الثلاثاء، إذا تقرر التراجع عن الموافقة على مشروع “التسوية”.