ثوبُ أمي ..
حضرت على الزيارة بثوبها الجديد الذي حدثتني عنه ذات مرّة
وقفت على بعد من الحائل، تشير بكلتا يديها وتبرز أطراف ثوبها حتى أراه
شعرت بشعور مزّق داخلي، خرج من نبع هاجس الفقدان
أخشى أن يعلق في مخيلتي ويحرسها إذا ما فقدت أمي وأنا في السجن
جلسنا متقابلين على المقاعد، يحمل كل منا جبالاً من الحنين، وجبال أمي أعلى وأمد
بحران من الحرمان التقيا على إنشاتٍ من الزجاج
ساد الصمت، الجميع ينتظر فتح الخط، خاطبتني عيناها الحزينة، إلى متى سيبقى هذا الزجاج حائلاً بيننا..؟
لا أملك يا أماه من أمري إلا الدعاء، انقطعت الأسباب إلا حبلاً من السماء أتعلق به، لعلَّ الله يحدث بعد هذه الزيارةِ أمرًا، وأنتِ الصابرة القائلة مقالةً لا زلْتُ متذكراً لها من عامي الأول (ما عند الله قريب) ، وما زلتِ ترددينها بعد ربع قرن
لا تلومنّ يا ولدي جسداً يبحث عن روحي، وقريب الله ما بَعُد أبدًا ..
هي الصحة لم يبقَ منها إلا ما أتوكأُ عليه، والأجل لا ينتظر أحدًا ..
حرر السجان التيار، بدأت الزيارة بكلمات الاطمئنان على الحال والأحوال كالمعتاد، خلا منها ما تبادلته الأعين، عجزت الألسن عن البوح بعمق الجراح
دارت رحى الكلمات نصنع منها الأمل
كتب النص الأسير رائد غيث "أبو حمدية" المحكوم بالسجن مدى الحياة (مؤبد لأربع مرات)