طقوسٌ استفزازية للمستوطنين في الأقصى.. ما هو أبرزها وما الهدف منها؟
القدس المحتلة- القسطل: لا يكفّ المستوطنون عن اقتحام المسجد الأقصى بشكلٍ يومي (عدا يومي الجمعة والسبت)، عبر "باب المغاربة"، وممارسة طقوسهم وجولاتهم الاستفزازية في باحاته بشكلٍ علني، تحت حراسةٍ مشددة من قوات الاحتلال الخاصة المدججة بالأسلحة.
تنقسم هذه الطقوس الاستفزازية التي يمارسها المستوطنون إلى نوعين، يهدف الاحتلال من خلالها للتأسيس المعنوي لـ "الهيكل"؛ للتعامل مع المسجد الأقصى المبارك باعتباره "الهيكل المزعوم"، وتكريسه كمركز للحياة الدينية اليهودية، وفقاً للباحث زياد ابحيص.
طقوسٌ يومية..
يقول الباحث والمختص في شؤون القدس زياد ابحيص لـ القسطل: "هناك نوعان من الطقوس التي يحاول المستوطنون فرضها في المسجد الأقصى المبارك".
ويتابع أن: "النوع الأول هو الطقوس اليومية التي تتم في كل أيام السنة، وتهدفُ للتكريسِ التدريجي للمسجد الأقصى المبارك باعتباره مركزاً للحياة الدينية اليهودية".
ويوضح ابحيص أن هذه الطقوس تتنوع بين "تلاوة صلاة "الشماع" التي يخاطب بها اليهودي رب "إسرائيل" ليسمعه طبيعة إيمانه، وهي تُحوّل الرب إلى مستمعٍ وتجعل العابد الذي يعلن اعتقاده مركز العبادة كما يلاحظ العلامة المسيري رحمه الله، إضافةً لتلاوة صلوات الصباح، وإجراءات طقوس البلوغ التي يجري من خلالها الاحتفال ببلوغ الصبيان من اليهود بمجموعة من القراءات والأدعية".
ووفقاً للباحث ابحيص، فإن ذروة هذه العبادات غير الموسمية هو الانبطاح الكامل على الأرض، أو ما يُسميه اليهود بـ "السجود الملحمي"، ينبطحون فيه على وجوههم بكامل الجسد، ويصرخون بصلوات "الشماع" متوجهين لقبة الصخرة في محاولةٍ لتكريسها باعتبارها "قبلتهم".
ويحذّر من أن هذا الشكل من الطقوس آخذٌ بالتزايد في الأقصى في كل عام، لافتاً إلى أنه قد شَهِد يوم عرفة في عام 2020 نحو 30 سجوداً ملحمياً في تكثيفٍ لأداء هذا الطقس في ما يسميه الصهاينة بـ "ذكرى خراب الهيكل".
طقوسٌ موسمية..
ويُحدّث ابحيص القسطل أن: "النوع الثاني هو الطقوس الموسمية التي ترتبط بالأعياد الدينية، ويُعتبرُ أخطرها تلك الأعياد التي يسميها اليهود بـ "أعياد الحج" التي تعتبر المسجد الأقصى مركزاً لها".
ويبيَّن أن أبرز "أعياد الحج" التي يوظفها المستوطنون ضد الأقصى هو "عيد الفصح"، والذي يأتي عادةً متزامناً مع شهر نيسان/ أبريل، و"عيد العرش" الذي يتم ما بين شهري أيلول/ سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر.
ويضيف ابحيص: "فيمّا يجري تهميش ما يعرف بـ "عيد الأسابيع"، وهو ثالث "أعياد الحج" الدينية لصالح العيد الصهيوني القومي المُستحدث المسمى بـ "ذكرى توحيد القدس"، والذي يحتفل خلاله الصهاينة بذكرى استكمال احتلالهم للقدس ويأتي في شهر أيار/مايو عادةً".
وقد تزامنت "ذكرى احتلال القدس" العبرية في العام الماضي مع تاريخ 28 رمضان؛ ما أدى لإفشال اقتحام الأقصى خلاله بالرباط الشعبي، ومن ثُمَّ تفريق "مسيرة الأعلام" المعتادة خلاله لاستعراض "السيادة الصهيونية" على القدس بفعل صواريخ المقاومـــــــة القادمة من غزة، كما أوضح.
وبدوره، يؤكد الباحث ابحيص على أن المستوطنين يحاولون جلب أكبر عددٍ من المستوطنين بشكلٍ متكرر، إلى جانب الحرص على أداء الطقوس الدينية، في "أعياد الحج".
وإلى جانب "أعياد الحج"، هناك أعياد أخرى ترتبط بـ "الهيكل المزعوم" وهي؛ "ذكرى خراب الهيكل" التي تتحرك ما بين شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس.
أما "عيد الغفران" يأتي في شهري أيلول/سبتمبر وتشرين أول /أكتوبر، إضافةً لـ "عيد الأنوار" الذي يأتي عادةً في شهر كانون أول/ديسمبر من العام الميلادي، ويرتبط بإشعال "الشمعدان التساعي".
إلى ماذا تهدف هذه الطقوس؟
يقول الباحث ابحيص لـ "القسطل" إن "هذه الطقوس تهدفُ للتأسيس المعنوي لـ "الهيكل"؛ للتعامل مع المسجد الأقصى المبارك باعتباره "الهيكل المزعوم" حتى وإن كانت أبنيته هي أبنية الأقصى الإسلامية، وتكريسه كمركز للحياة الدينية اليهودية، على اعتبار أن ذلك يشكل مدخلاً للتأسيس الفعلي لـ "الهيكل المزعوم" في مكان الأقصى وعلى كامل مساحته".
ويُبيَّن ابحيص أنه يمكن تفصيل هذه "الأعياد الدينية" بحسب الأهداف التي يتطلع إليها المستوطنون، في كل واحد منها على الترتيب وفق شهور السنة الميلادية على الشكل الآتي:
-"عيد الفصح" العبري: يأتي في شهر نيسان/أبريل، وهو أول الأعياد الكبرى التي توظف للعدوان على الأقصى، وأبرز طقوسه هو تقديم "القربان" الذي يحلم المستوطنون بتقديمه في المسجد الأقصى في العام القادم، إضافةً لنفخ البوق المعدني وأداء طقوس التطهر ومختلف الصلوات.
وسيتوافق "عيد الفصح" مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك، وتحديداً ما بين 14-22 من شهر رمضان وعلى مدى ثمانية أيام متتالية.
-"ذكرى توحيد القدس" العبرية: وتأتي هذا العام يوم الأحد 29 أيار/مايو، ويسعى المستوطنون خلالها إلى اقتحام الأقصى ثأراً من اقتحام 28 رمضان الذي أفشله الرباط، وإلى عقد "مسيرة الأعلام" بمشاركةٍ حاشدة من جديد.
-"ذكرى خراب الهيكل": وتأتي هذا العام يوم الأحد 7 آب/أغسطس، وتتقاطع مع يوم عاشوراء، ويهدف المتطرفون خلالها إلى تسجيل رقم قياسي للمقتحمين ولـ "السجود الملحمي" على ثرى الأقصى.
-"عيد رأس السنة العبرية": ويأتي هذا العام في 26 و27 أيلول/سبتمبر، ويهدف المستوطنون خلاله إلى تكرار نفخ البوق في الأقصى، تكرار اقتحام الأقصى بثياب "التوبة" البيضاء حفاةً، وأداء صلوات التوبة العلنية في الأقصى.
-"عيد الغفران" العبري: ويحل هذا العام يوم الأربعاء 5 تشرين أول/أكتوبر، ويهدف المستوطنون خلاله إلى اقتحام الأقصى بأعداد كبيرة، ونفخ البوق فيه في الفترة المسائية، وغالباً ما سيحاولون فعل ذلك في "الكنيس المغتصب" في المدرسة التنكزية التي يقوم جزء منها فوق الرواق الغربي للأقصى، وأن يقتربوا هذا العام من تقديم "قربان الغفران" الذي يختلف في طقوسه قليلاً عن "قربان الفصح".
-"عيد العرش": ويأتي ما بين 10-17 من تشرين أول/أكتوبر، وسيحاولون خلاله تسجيل رقم قياسي لأعداد المقتحمين الصهاينة، وإدخال "سعف النخيل" و"القرابين النباتية" للأقصى، وغالباً ما يستخدم هذا العيد لاستعراض الدور المتعاظم لشرطة الاحتلال في إدارة المسجد الأقصى بعد أن سلبت الأوقاف الإسلامية الكثير من صلاحياتها.
-"عيد الأنوار" العبري: وسيحل هذا العام ما بين 18-26 من شهر كانون أول/ديسمبر، وسيكون هدفهم خلاله أن يشعلوا "شمعدان الأنوار" التساعي في الأقصى، ليضيفوا شمعة في كل ليلة من ليالي هذا العيد، وهو ما فعلوه هذا العام في المسجد الإبراهيمي وافتتحه رئيس الكيان الصهيوني "يتسحاق هيرتزوج"، وهم يحلمون بأن يكون المسجد الأقصى المبارك المحطة التالية لهذا العيد.
"الإرادة الشعبية هي مفتاح إجهاض العدوان"
يعتقد الباحث ابحيص أن "الإرادة الشعبية هي مفتاح إجهاض هذا العدوان في كل مرة، وقد شهدنا وشهد العالم كله كيف تمكنت اليد من أن تمنع المخرز في اقتحام 28 رمضان، وفشلت شرطة الاحتلال رغم كل التعزيزات التي استدعتها من قوات الشرطة الخاصة في فرض الاقتحام، أو في إدخال مستوطن واحد، في مواجهة الإرادة الراسخة التي حملها المرابطون في قلوبهم بمنع الاقتحام بأي ثمن".
ويختتم حديثه قائلاً إن: "أجندة التأسيس المعنوي لـ "الهيكل" صديقة للأعياد، فكل المطلوب هو أداء الطقوس التوراتية المنصوص عليها في كل عيد، وأن يكون الأقصى مركز أداء تلك الطقوس؛ ولذلك فإن السلاح الأساسي في إفشالها هو تكثيف الرباط في تلك الأعياد، ومنع الصهاينة من فرض أي طقسٍ من الطقوس، بل منع الاقتحامات من أصلها، حينها لا يكون للاقتحامات اليومية معنى ما دامت الاقتحامات الأكبر والأكثر أهمية تُمنع بالرباط".
. . .