الجريح علي طه..فصولٌ من المعاناة
القدس المحتلة-القسطل: خطوةٌ واحدةٌ كانت تفصل بين حريته وسجنه، يقف على باب سجن "الرملة" مودعًا عائلته التي رافقته قبل اعتقاله، فيما ينتظره السجّانون بالقيود، يخطو خطواته ويميل جسده يمينا كلما داس الاسفلت بقدمه المصابة، ليبدأ فصلا جديدا من المعاناة.
علي بلال طه (17 عاما) من مخيم شعفاط بالقدس المحتلة، أصابه الاحتلال برصاص متفجر "دمدم" في قدمه اليمنى خلال مواجهات قرب حاجز شعفاط في شهر تموز العام الماضي، واعتدوا عليه بالضرب وتم سحله رغم إصابته.
نُقل الجريح علي طه لمستفى "شعاري تصيدق" الإسرائيلي لتلقي العلاج، ومكث فيه طيلة 40 يوما، منها 18 يوما كان مقيدا بالسرير لا يقوى على الحركة يحيطه عناصر من شرطة الاحتلال.
نتج عن إصابة علي تفتت في العظام، وهو ما استدعى تركيب "أسياخ بلاتينية"، وكان لا يستطيع الوقوف عليها أو المشي إلا بالاستناد على عكازتين.
لم تنته معاناة علي عند هذا الحد، بل تم توجيه تهمة له بإلقاء الحجارة خلال المواجهات، ليواجه المحاكم التي أصدرت قرارا بإبعاده عن منزله إلى بيت حنينا، ومن ثم تحويله للحبس المنزلي في مخيم شعفاط لمدة عام ونصف، رغم معرفة القاضي الإسرائيلي بأن علي يحتاج للعلاج المستمر.
كان علي يقف على نافذة المنزل يراقب طلبة المدارس أثناء ذهابهم للمدرسة، دون أن يكون قادرا على الخروج من باب المنزل، ليحول الحبس المنزلي دون اكمال تعليمه المدرسي.
ودّع علي مرحلة الطفولة بأقسى تجربة، ليُحرم من أن يخرج ويلعب مع بقية الأطفال، أو يتوجه للدكان لشراء ما يشتهيه، ليكون المكان الوحيد الذي يخرج إليه ويعتبره نُزهة هو المستشفى، وحتى ذلك كان يتطلب من عائلته الحصول على تصريح من المحكمة من خلال المحامي لاستكمال العلاج.
حوّل الحبس المنزلي علي لشخص عصبي، إضافة لما كان يشعر به من أوجاع شديدة في قدمه كانت ترافقه طيلة الفترة، إذ كانت إصابته تتطلب رعاية طبية مستمرة.
في الرابع من الشهر الحالي، حكمت محكمة الاحتلال على الجريح علي طه بالسجن الفعلي لأربعة أشهر ونصف، مع غرامة مالية تصل لمبلغ 11 ألف شيقل، ليكن وقع الحكم عليه صادما. لم يكن يتوقع علي بعد عام ونصف من الحبس المنزلي والإصابة والمعاناة، أن يُحكم عليه بالسجن.
صباح اليوم استيقظ علي وتناول وجبة الفطور الأخيرة مع عائلته قبل أن يتحول للاعتقال، أجواء من الحزن خيّمت على المنزل، فيما لم تستطع والدته وشقيقاته من إخفاء دموعهن، ودّع أفراد العائلة وخرج من الحبس المنزلي إلى الأسر.
رافق علي إلى سجن الرملة عائلته، التي تتخوف من تراجع الحالة الصحية لنجلها في الأسر، نظرا للاهمال الطبي، وظروف السجن الصعبة، خاصة أنه حتى اليوم لا يستطيع الوقوف على قدمه.
يقول بلال طه والد علي لـ"القسطل" علي لم ينته من العلاج، ويحتاج لرعاية طبية خاصة، وعمليات جراحية، وما زال يعاني من آلام وأوجاع في قدمه لا سيما في الأجواء الباردة، واعتقاله سيزيد من سوء حالته الصحية".
وأضاف أن إدارة السجون لن تتابع علاج علي، وكل ما يتم توفيره للأسرى المرضى حبة مسكن تخفف من الآلام. أما علي فقبيل اعتقاله أكد لعائلته أن لن يستطيع تحمل الأسر في ظل إصابته وسيزيد الشتاء من معاناته.
. . .