الأسير المقدسي محمود عيسى.. من يصلي عنه في الأقصى بعد غياب أمه؟
القدس المحتلة - القسطل: "في الطريق من غرفتها إلى الصلاة، صلاة الفجر تحديدا، كانت أمي تمرّ بالشرفة التي عُلقت فيها صورة محمود، تحملها وتقبلها، تطرح عليه السلام، تهمس له، ثم تهب له أجر الصلاة". بهذه الكلمات تجمل انتصار، شقيقة الأسير المقدسي محمود عيسى، علاقة أمها عائشة بمن غاب عنها منذ 29 عاما، لتغيب هي عن الحياة للأبد في آخر شهر من العام الماضي.
ليست صلاة الفجر وحدها التي تذكر الحاجة عائشة بابنها، تروي انتصار أن والدتها كانت تذهب للصلاة كل يوم جمعة في المسجد الأقصى لتصلي عنها وعنه لأن قلبه معلق بالمسجد الأقصى ويشتاق للصلاة فيه، وكانت تمسك بيدها سبحة وتقوم بالدعاء له بعدد حبات السبحة ذات 99 حبة كل يوم أكثر من مرة، وبعد كل صلاة تمسك المصحف وتقبله وتدعوا الله أن يفك أسره.
الأسير محمود عيسى والمكنى " أبو البراء" أسير مقدسي الهوى والهوية ولد في بلدة عناتا إحدى ضواحي مدينة القدس لأسرة بسيطة ومحافظة، درس الإبتدائية والإعدادية في مدرسة عناتا ثم انتقل إلى مدرسة الرشيدية الثانوية في القدس، كان منذ طفولته قوي الشخصية وقيادي يستطيع أن يؤثر على من حوله، كما تقول شقيقته انتصار لـ القسطل، لذلك كان انتماؤه لحركة المقاومة الإسلامية حماس وهو في مدرسة الرشيدية تأثير على زملائه بالدراسة وكذلك العائلة، حيث التزمت شقيقاته بالحجاب، وأشقاؤه بالصلاة.
محمود الإبن الأصغر من الذكور، والمدلل بالنسبة لوالدته الحاجة عائشة، فكانت تخصه بكل ما هو طيب حالها حال جميع الأمهات الفلسطينيات، لكن علاقته الاستثنائية معها، لها أسباب أخرى، توضح انتصار، فقد كان مطيعا لها، وصاحب نكتة، تحب مرافقته كل الوقت. اعتقل محمود وهو في ريعان شبابه بعمر 23 عاماً، وحكم بالمؤبد ثلاث مرات و46 عاماً، حكمٌ لم يمنع عن الحاجة عائشة الأمل بأن يخرج وتحتضنه، لكن الموت والاحتلال كانا حدا فاصلا بين الحقيقة والأمنية.
وكان الأمرُ الأمَرّ، هو تزامن يوم وفاتها ودفنها مع اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي سجن نفحة الذي يقبع فيه، حيث جرى عزل جميع الأسرى وتكبيلهم وضربهم وتركهم بالهواء البارد بدون غطاء أو تدفئة ما جعل هذا اليوم أصعب وأمر على العائلة، تقول شقيقته انتصار. مشيرة إلى أنه باقتحام الاحتلال السجن، لم يترك الأسرى يواسونه في مصابه الجلل.
وحول الاعتقال، تقول شقيقته إنه جرى في يونيو/ حزيران 1993 بتهمة تشكيل أول خلية عسكرية لحركة حماس في القدس، وخطف الضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي نسيم توليدانو قرب مدينة اللد يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1992 لتحرير الشيخ أحمد ياسين الذي كان معتقلاً في وقتها.
وتبيّن انتصار أن شقيقها عمل قبل اعتقاله في مهنة الصحافة، وبعد اعتقاله صدرت له عدة مؤلفات كان آخرها كتاب "السياسة بين الواقعية والشرعية: دراسة نقدية لكتاب الأمير لمكيافيلي"، وتعتبره دولة الاحتلال من أخطر الأسرى في سجونها، وهو من الأسرى القلائل الذين قضوا نصف مدة اعتقالهم في العزل الانفرادي.
كان حلم حرية محمود هو الأمل الذي عاشت من أجله الحاجة عائشة وقضت جل حياتها تنتظر تلك اللحظة التي تراه فيها حراً خارج السجن، في انتظار هذه اللحظة، كانت "تتغطى بحرام قد تركه محمود قبل 29 عاماً" وتقول "هذا حرام محمود الي كان بتغطى فيه".