مركز القدس: الاحتلال يقرّ قوانينَ دوافعها "عنصرية" و"ديمغرافية" صرفة
القدس المحتلة - القسطل: أكد مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إن الاحتلال يعمل من خلال سنّ قوانينه، بضرب حقوق الفلسطينيين المقدسيين، وأن دوافعه "عنصرية" و"ديمغرافية" صرفة.
وقال المركز في بيان له، اليوم الإثنين، إن برلمان الاحتلال "الكنيست" أقرّ في العاشر من آذار 2022، وقبل العطلة البرلمانية بثلاثة أيام، قانون "المواطنة ودخول إسرائيل" العنصري (قانون مؤقت).
وأضاف أن القانون المقر بأغلبية 45 صوتاً مقابل 15 صوتاً، يعيد للوجود معظم التشريعات السابقة التي وردت في قانون "المواطنة" للعام 2003، والذي انتهى العمل به في السادس من تموز 2021، بعدما فشل الائتلاف الحاكم بضمان الأغلبية اللازمة لتجديده.
وأوضح أنه مثل سلفه، يمنع قانون 2022 بشكل كامل الفلسطينيين والفلسطينيات من سكان القدس أو داخل الخط الأخضر من تقديم طلبات لم الشمل مع أزواجهن وزوجاتهم من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة، ما لم يتجاوز الزوج سن الـ35 والزوجة الـ 25، هذا ويشمل المنع سكان ومواطني كل من سوريا والعراق ولبنان وإيران، التي يضعها القانون في خانة الدول المعادية.
وعليه، ووفق المادة 3 من القانون، فإن النساء الفلسطينيات دون سن الـ25 والرجال دون سن الـ35 ممنوعون من العيش برفقة أزواجهن وزوجاتهم في القدس وخلف الخط الأخضر. وينص القانون على إمكانية منح بعض الاستثناءات لأسباب "إنسانية" من خلال "اللجنة الإنسانية" التي يعيّنها وزير الداخلية، على أن لا يتجاوز عدد هذه الاستثناءات الـ58 طلباً بالمجمل (بغض النظر عن عدد الطلبات الإجمالي)، وهو نفس عدد الاستثناءات الممنوحة في العام 2018 (المادة 7 (ز)). الأسباب الإنسانية قد تشمل العنف المنزلي (المادة 7 (ج)) أو كون أحد الزوجين يحمل الجنسية السورية ومتزوج/ة من حملة الإقامة الدائمة في الجولان المحتل (المادة 7 (و)(2))، بينما وجود الأطفال لا يعتبر من الأسباب الموجبة للمعاملة الإنسانية (المادة 7 (و)(1)).
وقال المركز إن الفلسطينيين الذين تعدوا سن الـ 35 والفلسطينيات اللواتي تعدين سن الـ 25 يسمح لهم بطلب تصريح "إقامة" مع أزواجهن وزوجاتهم في القدس وداخل الخط الأخضر (المادة 4)، على أن يجدد التصريح بشكل سنوي، ولا يمنح التصريح لحامله أية حقوق اجتماعية أو اقتصادية، بما فيها الحق بالتأمين الصحي.
هذا وسيطبق القانون بأثر رجعي على كافة العائلات التي تقدمت بطلب لم الشمل أو لتحسين وضعيتها ولم تقبل طلباتها خلال فترة الشهور الثمانية التي فصلت بين انتهاء العمل بقانون الـ2003 وإقرار القانون الحالي، مع العلم أنه ولعدة شهور بعد انتهاء العمل بقانون الـ2003، رفض موظفو وزارة داخلية الاحتلال، وبناء على تعليمات وزيرة الداخلية ايليت شاكيد، معالجة الطلبات المقدمة من قبل الفلسطينيين، وتصرفوا على أساس أن القانون لا يزال ساري المفعول، ما اعتبر غير قانوني ومخالف لنصوص القانون الإداري من قبل محكمة الاحتلال العليا في كانون الثاني، والتي طلبت من وزارة الداخلية نشر إجراءات عمل مؤقتة لمعالجة طلبات لم الشمل.
ستقوم "دائرة السكان والهجرة" التابعة للاحتلال، بناء على هذه الإجراءات، بمعالجة طلبات الحصول على الحق بالإقامة المقدمة من قبل الفلسطينيين الذين تجاوزوا سن الـ 50 والحاصلين على تصريح إقامة لمدة 5 سنوات على الأقل. وتم دمج هذا الإجراء بشكل جزئي في القانون الجديد، حيث تم السماح للفلسطينيين فوق سن الـ50، والذين حصلوا على تصاريح مؤقتة لعشر سنوات على الأقل، بالتقدم بطلب الحصول على حق "الإقامة المؤقتة" في القدس وداخل الخط الأخضر (المادة 5)، على أن يتم تجديد الإقامة كل عامين، وعلى أن تعطي حاملها الحق بالحصول على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
أكد مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان برفقة العديد من المؤسسات الحقوقية الأخرى، منذ تمرير النسخة الأولى من القانون في العام 2003، مراراً، بأن الدوافع خلف هذا القانون "عنصرية وديمغرافية صرفة"، فبينما بررت الجهات الرسمية "الإسرائيلية" إقرار القانون بداية بذرائع أمنية، وقيام المحكمة العليا بتبني هذه الذرائع في مناسبتين مختلفتين، لم يخف المروجون له دوافعهم الديمغرافية والمبنية على فكرة التفوق اليهودي.
واعتبرت الوزيرة شاكيد إقرار القانون انتصارًا لحل الدولة اليهودية على دولة جميع المواطنين عندما غردت "الدولة اليهودية 1 – دولة جميع مواطنيها 0"، بينما كانت قد قالت في شباط الماضي "ليس هناك أي داع لتجميل الحقائق، للقانون دوافع ديمغرافية كذلك". بينما وزير خارجية الاحتلال يائير لبيد، والذي يصنف بكونه وسطياً، كان قد شدد على نفس النقطة خلال خطاب أمام حشد من أعضاء حزبه "لا داعي من الخجل من جوهر قانون المواطنة، فهو أحد أدوات الحفاظ على الأغلبية اليهودية لدولة إسرائيل".
الدافع الديمغرافي، والمغلف بإدعاءات أمنية غير مثبتة، كان واضحاً في أهداف القانون الجديد، حيث نصت المادة الأولى على أن القيود المفروضة على المواطنة ودخول إسرائيل تأتي في سياق "أن إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية بطريقة تضمن الحفاظ على المصالح الضرورية والأمن القومي للدولة".
المركز أوضح سينتهي العمل بالقانون الجديد خلال عام، ولكن داعميه الأساسيين بقيادة شاكيد، يشددون على أنه سيشكل إحدى الدعائم الأساسية في القانون الأساسي الدائم الذي سيسعون لإقراره، تحت مسمى القانون الأساسي للهجرة.
بناء على انتهاكه غير المبرر وغير القابل للتبرير للحقوق الأساسية للفلسطينيين، سيقوم مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بتقديم اعتراض على دستورية قانون "المواطنة" أمام المحكمة العليا التابعة للاحتلال، سيقدم المركز هذا الاعتراض نيابة عن عشرات العائلات الفلسطينية التي كانت قد تقدمت بطلبات لم الشمل من خلال المركز خلال فترة انتهاء العمل بقانون 2003، والتي لم تتم معالجة طلباتها من قبل وزارة الداخلية. هذا وسيعترض المركز على دستورية النصوص والقيود القانونية من جهة، وكذلك على تطبيق بنوده بأثر رجعي.
يعيد مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان التأكيد على أن السياسة "الإسرائيلية" بفرض قيود مشددة على لم شمل العائلات الفلسطينية، ونفيها المستمر لحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، وقانون "حق العودة" (والتي تمنح هذا الحق بشكل حصري لليهود حول العالم)، تلخص نظام "إسرائيل الممأسس للهيمنة والقمع المنهجيين للشعب الفلسطيني والذي يرقى لجريمة نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد). والذي يشكل كذلك انتهاكاً صارخاً لحق الفلسطينيين في الكرامة الإنسانية، والحياة العائلية والمساواة. أخيراً، فإن تطبيق القانون بأثر رجعي ينتهك مبادئ قواعد القانون الإداري الإسرائيلي بحد ذاته.
يشكل هذا القانون، بحسب المركز، إلى جانب التهديدات المنهجية بسحب حق الإقامة من الفلسطينيين المقدسيين، ضربة قوية لحقوق الفلسطينيين المقدسيين، والذين يمثلون الأغلبية الكبرى من أولئك المتزوجين من مواطني الضفة الغربية.
وأكد أن حق المرء بالحياة بسلام وأمن وكرامة مع عائلته، والحق باختيار الشريك لتأسيس العائلة، حقوق أساسية تواظب دولة الاحتلال على حرمان الفلسطينيين منها بشكل ممنهج، حيث قامت "إسرائيل" وتقوم بتمزيق العائلات الفلسطينية، وتخضعهم بشكل دائم للخوف والفصل وعدم اليقين.