رمضان 2022... والسيناريوهات المتصوّرة في المسجد الأقصى

رمضان 2022... والسيناريوهات المتصوّرة في المسجد الأقصى

القدس المحتلة - القسطل: لم تغب عن أذهاننا بعد أحداث 28 رمضان 2021، وما تبعها من اندلاع حرب "سيف القدس"، والتي شكّلت محاولات اقتحام الأقصى والاعتداء على المرابطين فيه شرارتها الأولى، تزامناً مع أحداث حي الشيخ جراح ومخططات تهجير عائلاته منه، ليتقاطع رمضان هذا العام مع عدد من الأعياد اليهودية المتوقّع استغلالها لاقتحام الأقصى وأداء طقوس توراتية فيه. فما أبرز الأعياد المتزامنة مع شهر رمضان؟ وهل يتكرر سيناريو 2021؟ وكيف يمكن مواجهته؟

الأعياد اليهودية التي ستترافق مع شهر رمضان

عيد الفصح العبري هو العيد الأساس الذي سيتقاطع مع شهر رمضان القادم، حيث يأتي ما بين 15 – 21 رمضان، ومدّته 7 أيام، ويصنّف من أعياد الحج اليهودية الثلاثة: "عيد العرش"، و "عيد الأسابيع" و "عيد الفصح"، يبدأ بيوم صوم وتوقّف عن العمل، وينتهي بيوم صوم وتوقّف عن العمل.

وحسب الرؤية التوراتية كما يوضّح الباحث زياد ابحيص لـ"القسطل" فلا بدّ من الحج إلىالهيكل المزعوم - المسجد الأقصى- باعتباره مركزاً للعبادة القربانية التوراتية خلال مواسم الحج الثلاثة.

"عيد الفصح هو أول أعياد الحج الثلاثة إذا ما نظرنا له من زاوية التقويم الميلادي، ويأتي بعد انقطاع طويل في الأعياد يصل إلى خمسة أشهر، وهو ما يجعل جماعات الهيكل المتطرفة تنظر إليه باعتباره منصة انطلاقها الربيعية في كل عام ميلادي"، يضيف ابحيص.

من الناحية الميدانية، يعدّعيد الفصح موسماً من مواسم العدوان الكبرى على الأقصى خلال العام، وهي أربعة: الفصح، وذكرى احتلال كامل القدس، وذكرى خراب الهيكل المزعوم، وموسم الأعياد الطويل الذي يضم رأس السنة العبرية والغفران العبري وعيد العرش، بحسب ابحيص.

ويضيف: “إن المستوطنين يوظّفون هذه المواسم لتصعيد أجندتهم الحاليةالتي تعتبر التأسيس المعنوي للهيكل- في المسجد الأقصى، عبر فرض الطقوس التوراتية فيه. ويعملون في كلّ عيد على الانتقال نحو مرحلة جديدة ومتطورة من فرض تلك الطقوس.

عيدٌ آخر يتقاطع مع يوم 27 رمضان، وهو يوم "ذكرى ضحايا الهولوكوست"، حيث يرى الباحث ابحيص أنّ هذا العيدلا يوظّف لاقتحامات الأقصى بل يجري توظيفه في إطار السعي الدائم للارتكاز على ذكرى المحرقة، باعتبارها الأساس الأخلاقي لمشروعية الكيان الصهيوني وممارساته، لذا لا بد أن ينصبّ التركيز بشكل أساس على "عيد الفصح" العبري باعتباره موسم العدوان العاتي التالي على الأقصى".

سيناريوهات الاقتحام المتوقّعة

يقول الباحث ابحيص إن "هدف الصهاينة في هذا العام هو أداء أكثر ما يمكن من الطقوس التوراتية في الأقصى، وتشمل: إدخال الفطير إلى الأقصى، قراءة قصة الخروج من مصر من التوراة في الأقصى، الدخول إلى الأقصى بلباس الكهنة وتقديم القربان الحيواني بذبح حمل صغير في باحاته، ونثر دمه تحت قبة السلسلة أو في محيطها".

يعتقد اليهودعقائدياً أنّ قربان الفصح  كان السبب المباشر لنجاة بني إسرائيل من مصر، ووصولهم إلى بر الأمان. وأنّه لا بدّ للجماعة الاستيطانية الحالية من ذبح القربان في المسجد الأقصى، أو ما يدّعون أنّهجبل الهيكل، حتّى تتجلى لهم عظمة الرب.

وكما يشير ابحيص فإنّ جماعاتالهيكل تلتمس منذ عام 2015 مساراً متصاعداً لتقريب القربان من الأقصى قدر الإمكان، بدأ بعملية محاكاة لتلك الطقوس على تلّة غرب القدس في ذلك العام، ثمّ انتقل في 2016 إلى جبل الزيتون، ووصل في عام 2017 إلى داخل البلدة القديمة أمام كنيس الخراب.

وفي عام 2018 تمت محاكاة ذبحه عند القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للأقصى. أمّا في عام 2019 فكان على سطح سوق اللحامين في البلدة القديمة. لتنقطع تلك الطقوس في عام 2020 مع إغلاقات كورونا. وأخيراً في عام 2021 كانت أمام باب المغاربة في سور المدينة من الداخل.

تقتضي محاولة ذبح قربان الفصح في الأقصى لباس الكهنة - وهذا ما تعمدت جماعاتالهيكلاستعراضه في اقتحامها للأقصى في يومعيد المساخر العبري الذي وافق الـ17 من آذار 2022 -. ويتوقّع ابحيص أن تمضي محاولة تقديم القربان في الأقصى في أحد الاتجاهين؛ إمّا محاولة فرض طقوس الذبح كاملة داخل الأقصى بتهريب حَمَل صغير السن إلى داخله، وإمّا محاولة ذبحه في مكان قريب خارج الأقصى ومن ثم جمع دمه وإدخاله إلى الأقصى ومن ثم نثره على الأرض أسفل قبة السلسلة.

الردع الجماهيري

واجه الفلسطينيون محاولات الاقتحام تاريخياً عبر الرباط وإعلان النفير العام والتواجد في المسجد الأقصى لصدّ اعتداءات المستوطنين، إيماناً بأنّ المدّ البشري هو الأقدر على مواجهة مخططات التهويد وإفشالها.

وتمكّن الردع الجماهيري من حماية الأقصى في عدة تجارب امتدّت على مدى سنوات، ولعلّ أقربها هبّة باب الأسباط عام 2017، والتي انتهت بفتح الأقصى ودخول المصلّين بعد تفكيك البوابات الإلكترونية. وهبة باب الرحمة عام 2019، وما تبعها من فتح المصلّى بعد إغلاق استمرّ 16 عاماً. وأخيراً يوم 28 رمضان 2021 عندما منع المرابطون آلاف المستوطنين من اقتحام الأقصى في ذكرى ما يسمونه "يوم القدس" (احتلال الشطر الشرقي من المدينة)، رغم كل محاولات التنكيل التي مارستها قوات الاحتلال في باحات الأقصى والتي أسفرت عن مئات الجرحى.

أمام هذا العدوان والتهديد به والتشديد على عدم إمكانية التراجع عن الاقتحام، يرى ابحيص بأنّ احتمالات التصعيد في رمضان القادم عالية، حيث شهدت القدس منذ صيف 2014 خمس هبات على مدى 7 سنوات بمتوسط فارق 17 شهراً بين الهبة الأخرى، وتتبع هذا النسق يعني أنّ المواجهة القادمة يفترض أن تنفجر في شهر 9-2022 ، لكن تقاطع الفصح مع رمضان سيرجح غالباً من احتمالية اندلاعها خلاله، ولعل الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجنب الصهاينة هذا الانفجار في هذا الظرف غير المواتي لهم هو منع اقتحامات المستوطنين خلال "الفصح العبري" بأكمله، وهو ما سيعني إن حصل تراجعاً كبيراً في الوعي والممارسة لدى المشروع الصهيوني"، بحسب ابحيص.

ويوضّح الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى زياد ابحيص لـالقسطل بأنّ هذا الاحتمال مستبعدٌ بالنظر لسلوك جماعات الهيكل وشرطة الاحتلال في "عيد المساخر" الأخير، وبالنظر أيضاً إلى حاجة رئيس الوزراء اليميني نفتالي بينيت إلى جماعاتالهيكلالمتطرفة باعتبارها بوابة مستقبله السياسي.

ويرى بأنّ الإرادة الجماهيرية هي السلاح الأقوى في وجه الاقتحام؛ لأنّها يمكن أن تمنعه من أساسه، أو أن ترغم المقتحمين على التراجع وإدخال عدد قليل ولأمتار قليلة من باب المغاربة ليخرجوا من باب السلسلة على بعد 60 متراً.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: