اتّهمتْ بمساعدة ذوي الأسرى.. الحُكم على الأسيرة الأعور بالسجن 22 شهرًا
القدس المحتلة - القسطل: بعد تحقيقات قاسية ما بين محقق وآخر، وظروف عزل صعبة، ومنع من لقاء الأهل والمحامي، حُكمت اليوم الأسيرة المقدسية إيمان الأعور بالسجن لمدة 22 شهرًا.
اعتُقلت الأعور (43 عاماً) فجر الـ17 من شهر حزيران/ يونيو الماضي بعدما اقتحمت عناصر من مخابرات وشرطة الاحتلال مدججين بأسلحتهم وبرفقة كلابهم البوليسية حي الأعور في عين اللوزة ببلدة سلوان في القدس. اعتُقلت برفقة نجلها الذي أفرج عنه لاحقًا، واعتقل الاحتلال زوجها عبد المنعم الأعور (50 عاماً) أيضًا في 30 أيار/ مايو الماضي، وهما والدا الأسير محمد الأعور.
الزوجان تعرّضا لتحقيقات قاسية على يد مخابرات الاحتلال في مركز “المسكوبية” غرب القدس، قبل نقلهما لسجون الاحتلال “الدامون” و”مجدو”.
الأسيرة إيمان مريضة وبحاجة لمتابعة طبية حثيثة، وكان من المفترض أن تُجرى لها عملية جراحية خلال الأسبوع الأول لاعتقالها، لكن محكمة الاحتلال استمرت في تمديد اعتقالها ضمن ملف سري في البداية، إلى أن تم تقديم لائحة اتهام ضدّها وزوجها أيضًا.
للأعور ستة أبناء، وسبعة أحفاد، بغيابهما تركا وجعًا كبيرًا خاصة لابنيهما غير المتزوجين الذين يعيشان معهما في المنزل هداية (21 عامًا) وجبريل (19 عامًا) .
في بيان لها، أوضحت لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أن الاحتلال يتّهم الأعور بتقديم المساعدة لأهالي الأسرى، فأصدرت المحكمة “المركزية” التابعة للاحتلال في القدس، حكمًا بسجنها فعليًا لمدة 22 شهرًا، وغرامة مالية بقيمة 20 ألف شيقل. أما زوجها فقد تم الحكم عليه سابقًا بالسجن لمدة 9 شهور.
رحلة العذاب ..
هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نقلت إفادة الأسيرة الأعور خلال أيلول الماضي، وما تعرضت له من قمع وتنكيل وتعذيب خلال عملية اعتقالها والتحقيق معها.
عند الساعة الـ2:30 من فجر اليوم الـ17 من شهر حزيران/ يونيو الماضي دهمت قوات من مخابرات وشرطة الاحتلال منزل الأعور بطريقة وحشية، قيدوا نجلها جبريل واعتقلوه وأخرجوه من المنزل أمامها، ثم قلبوا المنزل رأساً على عقب حيث فتشوا كل زاوية به.
وتقول الأعور: “كنت مع أخواتي وأحفادي الصغار في المنزل، فوضعوهم كلهم بغرفة وأقفلوها، وأنا وابني الكبير أبقونا بالصالون، شتمونا بأقذر الشتائم، ثم اعتقلوني دون معرفة السبب”.
وتضيف: “اقتادوني إلى جيب عسكري وبداخله قيدوني بأصفاد حديدية، ثم نقلوني إلى التحقيق في “المسكوبية”، وبقيت هناك نحو شهر كامل بالزنازين”.
عاشت الأعور أيامًا عصيبة في هذا الشهر، حيث كانت تقضي في البداية يومين أو ثلاثة في التحقيق بشكل متواصل، واستراحتها لمدة خمس دقائق فقط للأكل في الزنزانة، والعودة مجددًا للتحقيق.
تتابع الأعور حديثها: “كان التحقيق على مدار الساعة لدرجة أنني كنت أغفو على الكرسي الذي قيّدوا من خلاله يديّ للخلف بقيود حديدية (..) مما تسبب بآلام شديدة ما زلت أعاني منها لغاية الآن وأشعر أن منطقة أسفل ظهري وكأنها مخدرة”.
وأكدت أنه خلال التحقيق ساومها المحقق بمرضها، وكان يسخر منها ويقول لها: “أنت كاذبة، أنت لست مريضة يا ساقطة”.
قبيل الاعتقال، تعرّضت الأعور لحادثة أدت إلى كسر في الحوض، وأجرت عملية لإزالة الرحم والمبايض نتيجة أورام في المنطقة وفي الكبد أيضًا، وهي بحاجة إلى أخذ علاج هرموني لذلك.
وتُكمل الأعور روايتها: “بعد نحو أسبوعين من اعتقالي في المسكوبية، تم إحضار زوجي الأسير عبد المنعم للضغط علي من أجل سحب اعترافات كاذبة بالقوة، حيث تم تهديدي به عدة مرات وكانوا يسخرون منه، والتقليل من قيمته أمامي وإهانتنا، شعرت حينها بالضغط النفسي وبأن زوجي سيصاب بالجلطة القلبية، كان المحققون ينهالون علي بالكلام البذيء، وكان وقع كلامهم صعب علي حيث أن تحطيم العظام كان أهون من التحطيم الذي حطموني به لفظياً، عنف كلامي لا يحتمل”.
وتضيف: “بعدها تم تحويلي لعصافير عسقلان بعد أن اوهموني بأنهم سينقلوني إلى المعبر، كان هناك عملاء وجواسيس، وضعوني بغرفة في قسم الشباب والجواسيس أمام غرفتي، ثم أعادوني مرة أخرى للتحقيق بالمسكوبية”.
الزنازين ..
أما عن الظروف في عسقلان فقالت إنها “صعبة حيث شعرت بأنني بوكر للأفاعي البشرية “الجواسيس”، باب الغرفة أوله وآخره من الشبك، ويُمكن رؤيتي بشكل كامل ما اضطرني إلى البقاء بملابسي والحجاب طوال الوقت على مدار الساعة ليلاً نهاراً.
“أما عند الحمام كنت أضع غطاءً على باب الغرفة من فوق كي لا يشاهدني الأسرى الجنائيون وأخرج بسرعة لأزيله لئلا أعاقب حيث حذروني من ذلك”، تبيّن الأعور.
وفي “المسكوبية”، عانت الأعور من ضغط نفسي وعنف كلامي بالتحقيق، وعندما صرخت في وجههم نسبوا إلها وصفًا بأنها “خطيرة”، وعلى إثر ذلك نقلوها إلى زنزانة فيها عدة كاميرات، وهناك الوضع كان أكثر صعوبة.
وأكدت أن ظروف الزنازين بالمسكوبية صعبة جداً، فهي مليئة بالحشرات، الجدران خشنة مليئة بالنتوء من الصعب الاتكاء عليها ولونها إسمنتي أسود تشبه القبر، أما الزنزانة التي بها كاميرات لونها أبيض لكن الحشرات فيها غير طبيعية، قالت إنها لأول مرة تراها في حياتها، وأضافت: “بسبب الأكل السيء كنت أفضّل البقاء بلا أكل لنحو 4 أيام أحيانًا، رغم أنني كنت بحاجة لأكل خاص بسبب وضعي الصحي”.
وأضافت أنه تم التحقيق معها من قبل عدد كبير من المحققين، وكان يصل عددهم أحياناً إلى تسعة في الغرفة والوقت ذاتهما، وينهالون عليها بالأسئلة ويهاجمونها، وأحياناً كانوا يبصقون بوجهها.
بعد التحقيق معها تقرر نقلها إلى سجن “هشارون” وبالتالي عليها أن تخضع للحجر لمدة 14 يومًا بسبب كورونا قبل الدخول هناك، وقالت: “كانت ظروفي قاسية وسيئة جدًا ولا توصف، معبر هشارون حيث كنت في الحجر يعتبر عملية إسقاط ممنهجة للأسيرات الأمنيات بسبب وضعنا بقسم جنائي للرجال”.
وتؤكد: “كان هناك معتقل جنائي يغني بأسلوب وكلمات فحواها مليئة بكلمات وإيحاءات جنسية، ونتيجة تكرار فعله هذا “الجاسوس” وعدم إسكاته ومعاقبته من قبل إدارة السجن، قمت أنا والأسيرة ربا عاصي بإرجاع وجبتيْ طعام كخطوة احتجاجية”.
تم نقل الأعور إلى سجن “الدامون” حيث تُحتجز حاليًا، وهي تُعاني من آلام في العظام وهشاشة أيضًا، وقالت: “حالتي الصحية متدهورة، وعندي كتلة على الأوتار الصوتية وعند النوم أكاد أختنق فأضطر إلى النوم وكأنني جالسة”، وفي ختام حديثها قالت “نحن نموت”.