الشـهيد مروان شويكي..الأب الذي خطفه الاحتلال من أطفاله
القدس المحتلة-القسطل: "ادعيلي يما أنال الشهادة"، كان جالسا قرب والدته حين طلب مروان شويكي منها أن تدعو له قبل يوم واحد من استشهاده، ليخطفه الاحتلال من بين أبنائه وزوجته ويحرمهم منه.
الشهيد مروان شويكي من بلدة الطور بالقدس المحتلة، الابن السادس لوالديه، كانت طفولته تتميز بالهدوء، ويُعتبر من الطلبة المجتهدين في المدرسة، لكن الظروف لم تساعده على استكمال تعليمه المدرسي.
في الصف الحادي عشر، اضطر مروان لترك الدراسة عقب اندلاع الانتفاضة الأولى، ونتيجة الإضرابات والحالة التي تعيشها مدينة القدس، التحق مروان بمشغل الأحذية الذي كانت تملكه العائلة، وذلك لمساعدة والده المريض وشقيقه الأكبر الذي يدرس الطب في الخارج.
في عام 1989 اقتحمت قوات الاحتلال منزل والد مروان، لاعتقال شقيقه عدلي، لكنه لم يكن يتواجد في المنزل، حينها اعتدى جنود الاحتلال على والده، ليقفز مروان ويضرب جنديين.
هجم جنود الاحتلال على مروان، واعتدوا عليه بالضرب، وبعد أن قيدوه قاموا بتثبيته على مقدمة الجيب العسكري وانطلقوا به، احتجزوه ساعات قبل الافراج عنه في صباح اليوم التالي.
كان مروان يحب القدس ومتعلقا بالمسجد الأقصى، كبقية المقدسيين الذي تربوا وعاشوا بالأقصى. وفي مجزرة الأقصى فقد ثلاثة من أصدقائه الذي ارتقوا شهداء قبل ثلاثين عاما.
تزوج مروان وأنجب أربعة أبناء وابنة، كان متعلقًا بهم، محبًا لهم، يكرّس وقته لهم، أكبرهم كان عمره أحد عشر عاما، وأصغرهم ستة أشهر عندما خطفه الاحتلال من بينهم.
في العاشر من شهر حزيران عام 2006، أمضى مروان يومه الأخير في منزل والده، برفقة شقيقاته وأبناء أشقائه.
كان يجلس قرب والدته عندما طلب منها أن تدعو له أن ينال الشهاة، لكنها رفضت طلبه، فما كان منه إلا أن يؤم صلاة العشاء بأفراد عائلته، وأثناء الصلاة رفع يديه يدعو الله أن يرزقه الشهادة لترد والدته قائلة "آمين".
بعد الصلاة، قال مروان لوالدته:"رفضتي طلبي، لكن عندما دعوت قلتي آمين". بعد زيارة منزل والده، توجه لزيارة شقيقه عدلي، ليقضي ليلته الأخيرة برفقته.
يقول عدلي لـ"القسطل":"كنا نسهر سويًا، عندما كان يتحدث مروان عن أحد الشهداء في مدينة العراق، وكيف أن النور يسطع من وجهه، وطلب مني أن أدعو له". كرر مروان طلبه من شقيقه، عندما شعر أنه يتجاهله، ليستجيب له بالدعاء.
يضيف أن مروان كان يتحدث كثيرًا عن الشهداء ومنزلتهم، ويتمنى أن يموت شهيدًا.
في اليوم التالي، الحادي عشر من شهر حزيران، كان مروان يقود باص "ترانزيت" عائدًا من عمله ليلًا برفقة عدد من العمال قرب بلدة بير نبالا، التي كانت سلطات الاحتلال في حينها تشرع ببناء جدار الفصل العنصري على أراضيها، عندما أطلق الاحتلال النار صوب مركبته.
ست رصاصات أصابت باص مروان، إحداها اخترقت ساقه الأيسر وأصابت الشريان الرئيسي، ليطلق صرخة ألم ويوقف المركبة.
ترجّل العمال من السيارة وحاولوا اسعاف مروان، لكنه وخلال دقائق نزف جسده آخر قطرة دمٍ، ليرتقي شهيدًا.
غاب الشهيد مروان عن أفراح العائلة التي كان ينقصها البهجة لغيابه، وكبر أبناؤه وتزوج ابنه الأكبر خالد وابنته، دون أن يقف والدهم إلى جانبهم ويشاركهم فرحتهم.
. . .