لجنة تحقيق إسرائيلية لبحث الفشل في مواجهة هبة الأقصى
رغم أن المواجهة الأخيرة التي شهدتها رحاب الأقصى وساحاته، لم تستمر لأكثر من أسبوع، ولم يتخللها اشتباكات عسكرية، أو عمليات مسلحة، بل اقتصرت على فعل شعبي جماهيري فلسطيني كبير، أسندته المقاومة بتحذيرات جدية للاحتلال، لكن حجم الإحباط الذي ساد أروقته، ظهر واضحا، ولعله مبالغا فيه، أكثر من مرات سابقة.
وقد ظهر لافتا أن الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين استحضروا وهم يرصدون جوانب خسارتهم في هذه المواجهة القصيرة جملة من القواعد القتالية، رغم أنه لم يحصل قتال حقيقي، لكنهم اعترفوا بشكل لا يقبل التشكيك أن "النظرية القتالية" التي قامت عليها دولة الاحتلال، والمتمثلة بإرغام الخصم، دولة كان أو منظمة، على طي صفحة أي مواجهة وفق شروط وقواعد الاحتلال، لم تنجح هذه المرة، رغم ما يملكه الاحتلال من تفوق كبير على الفلسطينيين في الجوانب المادية واللوجستية، لكن النهاية أثبتت بما لا تخطئه العين أن صاحب هذه الإمكانيات لم يستطع التفوق على خصمه الفلسطيني، ذوي القدرات المادية المتواضعة!
يتساءل الإسرائيليون: هل خضنا المواجهة الأخيرة في الأقصى وفق قواعد الفلسطينيين، وانزلقنا إلى معركة، ظهر فيها لهم تفوق نسبي؛ ومن ثم لم يكن بمقدورنا أن نحقق النصر عليهم؟!
مع العلم أن دولة الاحتلال اعتادت، وكجزء من أعرافها الدستورية والقانونية، تشكيل لجان تحقيق وفحص إخفاقاتها، التي رافقت عملياتها العسكرية وحروبها النظامية، ومن أهمها لجنة أغرانات 1973؛ لفحص إخفاقات حرب أكتوبر، ولجنة كاهان 1982 عقب مذابح صبرا وشاتيلا، ولجنة لانداو 1986 لفحص أساليب التحقيق في جهاز "الشاباك"، ولجنة شمغار 1995 بعد اغتيال "رابين"، ولجنة أور للتحقيق في أداء الشرطة خلال أحداث أكتوبر 2000، ولجنة فينوغراد 2007 للتحقيق في إخفاقات حرب لبنان الثانية، واليوم قد يبدو الاحتلال مضطرا لتشكيل لجنة تحقيق جديدة في 2022 لبحث إخفاقاته في هبة الأقصى.
قد لا يأخذ التحقيق في إخفاقات الاحتلال خلال مواجهة هبة الأقصى بعدا علنيا على شكل لجنة تحقيق رسمية، خشية أن يشكل ذلك دعما معنويا للفلسطينيين من جهة، أو سببا لـ"تطيير" بعض الرؤوس من جهة أخرى، خاصة في وزارة الأمن الداخلي والشرطة، لكن من الواضح أننا سنشهد لقاءات تضم قائمة طويلة من الشخصيات الرسمية في المستويين؛ جنرالات حاليين ومتقاعدين من المستوى العسكري، وساسة ووزراء حاليين وسابقين من المستوى السياسي، للإجابة عن السؤال الكبير: أين أخفقنا في الأقصى، وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
وربما لا يكون مبكرا الخروج بأنباء "سيئة" في نظر الإسرائيليين في خلاصة التحقيق المفترض عنوانها الأساسي "أننا فشلنا"، خاصة في ضوء مخاوف حكومة بينيت-لابيد من الإطاحة بها، الأمر الذي أسفر في النهاية عن تبدد الردع الإسرائيلي.
. . .