ما الهدف وراء اقتحام شخصيات حكومية "إسرائيلية" للمسجد الأقصى؟
القدس المحتلة - القسطل: أول أمس، وضمن مجموعات المستوطنين المُقتحمة للمسجد الأقصى المُبارك، كان ممثل أحزاب الائتلاف في حكومة الاحتلال، عضو الكنيست عميت هليفي، على رأس المقتحمين، في إشارة إلى التبني الحكومي لاقتحامات المسجد بشكل رسمي وواضح، بحسب مختصين في شؤون القدس والمسجد الأقصى والشأن الإسرائيلي.
يقول رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهجير ناصر الهدمي إن اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى كان في البداية من أجل جس النبض، ورؤية ردة الفعل التي يقوم بها المقدسيون لهذه الاقتحامات.
ويضيف أن تلك الاقتحامات تطورت شيئًا فشيئًا حتى باتت تتم من أجل فرض أمر واقع جديد في الأقصى، وتطبيع عملية الاقتحام وقبولها من قبل المقدسيين.
ويُلفت إلى أن أخبار الاقتحامات باتت تُنشر عبر وسائل الإعلام على أنها خبر طبيعي يومي، والاختلاف فقط في الأعداد، أو إذا كان هناك مواجهات أو حدث معين في باحات المسجد، بمعنى “انتهاك يومي دون ردة فعل”.
يؤكد الهدمي لـ”القسطل” أن هذا الواقع الخطير الذي يعيشه المسجد الأقصى، خاصة اقتحام مثل هذه الشخصيات أمثال هليفي الذي يمثل أحزاب ائتلاف حكومة الاحتلال، يُعلن تبني حكومة الاحتلال وهذه الأحزاب التي يمثلها لسياسة الاقتحام وتغيير الواقع سواء القانوني أو الديني في المسجد عبر هذا الاقتحام.
“يحرص الاحتلال بشكل شديد على تكثيف عملية الاقتحام وتوسيعها وانتشارها بعد أن كانت محصورة فقط في قيادات المستوطنين وغلاة المتطرفين منهم”، بحسب الهدمي، ويوضح أن الاحتلال كان حريصًا على جعلها نشاطًا شعبيًا مستغلًا بذلك فترة الأعياد من خلال الدعوات لاقتحام المسجد الأقصى بشكل جماعي، والصعود إلى ما يقولون عنه ”جبل الهيكل”، كل هذا بهدف جعل عملية الاقتحام شعبية ومنتشرة، من أجل المحافظة على استمراريتها وتغذيتها بالأعداد وفرض أمر واقع جديد.
يعتبر الهدمي أن تبني حكومة الاحتلال للاقتحام يعني التجهيز من أجل فرض مشاريع حكومية لأحزاب الائتلاف الحكومي، يتم تنفيذها في الأقصى، وهذا أمر خطير جدًا، لا يُمكن المرور عنه مرور الكرام، أو يُنظر له على أنه أمر عابر، وإنما مخطط له، وفيه رسائل كثيرة يتم إرسالها ليس فقط للفلسطينيين ولأهل مدينة القدس وإنما لكل المسلمين ليعوا تمامًا خطورة الموقف في المسجد الأقصى.
الباحث في الشأن الإسرائيلي سامر خليل يقول لـ”القسطل” إن ما يجري اليوم في الساحة السياسية الإسرائيلية يعتبر حالة من اللااستقرار، والتي تقسّم إلى جانبي؛ ديني وسياسي، فالسياسي يتمثل في حالة النزاع الواضح في أروقة برلمان الاحتلال “الكنيست” ما بين الأحزاب، وكيفية تفكك الكتل البرلمانية، وبالتالي الدعوة لانتخابات كنيست جديدة، فهذا الأمر يتمثل في “مغازلة” وكيفية العمل على استقطاب أغلب أصوات المعكسر اليميني المتطرف في دولة الاحتلال حول الانتخابات، فكل هذه الأمور تتمثل في تكثيف الأعمال الاستيطانية والتهويد واقتحامات المسجد الأقصى كرسائل.
أمّا اقتحامات المسجد الأقصى فهي تمثّل الجانب الديني، فشخصية مثل هليفي واقتحامها للمسجد ما هي إلا دليل قاطع على فكر ونهج وأيديلوجية هذه الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو، ورسالة خارجية أيضًا للكل العربي المهرول لحالة الانبطاح السياسي مع دولة الاحتلال أن الأماكن المقدسة سواء إسلامية أو مسيحية هي تحت السيطرة الاحتلالية الإسرائيلية.
ويوضح خليل أن ما يحدث في المسجد يتطلب -إن صح التعبير- وقفة عربية بامتياز، لكن مع الأسف الحالة الموجودة اليوم في الوطن العربي على المستوى السياسي لن تؤثر في سياسة ونهج دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين ككل والمقدسيين والأماكن المقدسة في المدينة المحتلة.
يشار إلى أن الاقتحامات تتم بشكل يومي في المسجد الأقصى وخلال فترتين، وفي كل يوم تشهد باحاته تطورًا من قبل الشرطة والمستوطنين، إمّا في تمديد فترة الاقتحام، أو تغيير مسار الاقتحامات المُعتادة، في محاولة فعلية لفرض وقائع جديدة.