المدرسة التنكزية بالقدس.. من معلم تاريخي إلى مقر لشرطة الاحتلال
القدس المحتلة - القسطل: تعتبر المدرسة التنكزية واحدة من أعرق معالم مدينة القدس التي تم بناؤها في العهد المملوكي، تحمل بين أروقتها تاريخ حقبة مهمة ونوعية في تاريخ القدس، وقد بناها الأمير المملوكي سيف الدين تنكز الناصري وسمية المدرسة نسبت له، لكن مع احتلال مدينة القدس من قبل الاحتلال الاسرائيلي في عام 1967، أصبحت المدرسة تحت سيطرة الاحتلال الذي غير ملامحها بعدما أقيم فيها كنيسان يهوديان ومن ثم تم استخدامها كمقر لقوات حرس الحدود التابعة لشرطة الاحتلال، في تجاهل واضح لتاريخ وإسلامية هذه المدرسة ومحاولة تهويدها.
بنيت المدرسة في العهد المملوكي عام 729 هجري، وتقع إلى الغرب من المسجد الأقصى المبارك جنوب طريق السلسلة، وضمت في وقتها مدرسة ودار للحديث ودار للصوفية، وتعتبر هذه المدرسة التي يتم تسميتها أيضاً بالمدرسة الخانقية أو رباط الخانقية شاهدة على كثير من الأحداث التاريخية، فقد قام السلطان المملوكي فرج بن برقوق بتحويل قسم منها إلى محكمة شرعية ومقر قضاة القدس عقب زيارته إلى مدينة القدس عام 815 هجري، كما اتخذ منها السلطان المملوكي قايتباي اتُخذت مقرًا للقضاء والحكم.
وبقيت المدرسة تؤدي مهمتها كمكان ومركز للقضاء والديوان حتى عام 1941، حيث تقرر تحويلها إلى مسكن لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وبقيت تضم مدرسة الأقصى الشرعية الثانوية في القدس، ومكتب المؤتمر الإسلامي ومكان لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية داخل المسجد العام حتى احتلال القدس.
شكل احتلال القدس محطة فارقة في تاريخها بعدما قررت سلطات الاحتلال السيطرة عليها وطرد الطلاب الشرعيين منها في عام 1969، حيث تم تحويلها إلى نقطة عسكرية لشرطة حرس الحدود لدى الاحتلال، وكان الهدف من التواجد فيها هو مراقبة المسجد الأقصى بشكل كامل، حيث ركبت أول كاميرا متحركة لمراقبة المسجد الأقصى في المدرسة التنكزية في عام 1996، لكن في الوقت الحالي تضم المدرسة أكثر من 200 كاميرا مراقبة تستخدمهم سلطات الاحتلال لمراقبة المصلين وقمعهم وإطلاق النار عليهم في الهبات والاحتجاجات، أو اعتقالهم كون هذه الكاميرات مرتبطة بمركز تحقيق " القشلة".
وعلى الرغم من أنه صدر أكثر من 65 قرار من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة " يونسكو" بشأن انتهاكات الاحتلال حول المواقع والمعالم الأثرية في القدس التي يجري تهويدها، لكن دولة الاحتلال لم تولي اهتمام لشيء، فقد استمرت في عملية تهويد المدرسة بعدما أجرت حفر عدة أنفاق أسفل المدرسة ضمن حفريات نفق " "الحشمونائيم" الذي تم افتتاحه في عام 1996، ويتصل هذا النفق بداية من الجنوب من ساحة البراق وصولاً إلى السور الغربي للأقصى، ومن ثم إلى المدرسة العمرية شمالًا، ويتفرع منه أنفاق أخرى من الجوانب.
لم تقف ممارسات الاحتلال التهويدية عند هذا الحد ففي مارس\ آذار 2006، قام رئيس دولة الاحتلال في حينها موشيه كتساف بافتتاح كنيس يهودي في أحد الأنفاق التي تم تدشينها أسفل المدرسة التنكزية، كما يضم أحد طوابق المدرسة كنيساً يهودياً يقيم فيه الحاخامات والمستوطنين المتطرفين طقوسهم وصلواتهم التلمودية بداخله باستمرار.
وفي عام 2021، شرعت سلطات الاحتلال ببناء مظلة من الخشب فوق المدرسة التنكزية، جاء بناؤها كنقطة مراقبة للمصلين داخل المسجد الأقصى، حيث يتواجد بداخلها طيلة الوقت جنود الاحتلال وشرطته.