أيام قليلة تفصلنا عن مسيرة الأعلام..هل تشتعل المواجهة من جديد؟
القدس المحتلة - القسطل: أعطت حكومة الاحتلال، اليوم الأحد الموافقة على تنظيم مسيرة الأعلام السنوية الاستفزازية، بعد طلب قدمه المستوطنون، وعلى رأسهم جماعات الهيكل، ينص على دخول المسجد الأقصى وباحاته مع رفع أعلام الاحتلال.
وتقام المسيرة، ابتداءً من ظهر الـ18 من مايو /أيار، الذي يصادف يوم الخميس القادم، ويستمر حتى المساء.
ويقول رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، إن "سلطات الاحتلال تضع نصب أعينها هدف السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، ومن أدوات وأساليب الاحتلال في ذلك هو قضية مسيرة الأعلام".
وأضاف الهدمي لـ"القسطل" أن "مسيرة الأعلام تعد رمزية، تهدف منها سلطات الاحتلال إظهار سيادتها على المدينة المقدسة، بمناسبة ما تسميه يوم توحيد القدس، لذلك هي تحرص دائمًا على أن تُظهر هذه المسيرة السيادة «الإسرائيلية». إلا أنه في الأعوام الأخيرة كان من الواضح أن هذه المسيرة لم تثبت أيَا من هذه الادعاءات، وفشلت هذه المسيرة القيام في برنامجها".
وأوضح أن "الجانب الآخر الذي علينا أن نعيه، هو أن هذا العام هناك حكومة أكثر تطرفًا من سابقاتها، حسب ما أسماها بن غفير هي حكومة يمينية خالصة، كل هذه الأمور إضافة إلى أن هذه الحكومة قد فشلت في عدة مناسبات أن تقمع وتكسر إرادة المقدسيين، وفشلت في مواجهتها الأخيرة مع غزة، فهي تريد في مسيرة الأعلام أن تثبت قوتها، وتظهر قدرتها على فعل ما لم تفعله الحكومات السابقة، سواء التي كان يرأسها نفتالي بينيت، أو يائير لبيد، أو حتى التي كان يرأسها بنيامين نتنياهو في الأعوام السابقة".
واستدرك أن "هذه الحكومة تريد أن تظهر مسيرة الأعلام بشكل أكثر تطرفًا، وتعمل جماعات الهيكل على تطوير هذه المسيرة، لتكون بمظهر لم تستطع المسيرات السابقة أن تكون عليه، ومن ضمن هذه الأمور هو دخول المسجد الأقصى المبارك".
وأشار إلى أن "الظروف الميدانية الحالية تثبت أن الأمر بعيد المنال، ولن تجرؤ حكومة الاحتلال على التصعيد في هذا الاتجاه، وبالذات في موضوع المسجد الأقصى المبارك ومسيرة الأعلام".
وذكر أن "هناك تحليلات كانت تتحدث عن أن الحرب جاءت استباقية حتى يتم قطع الطريق على المقاومة في مسيرة الأعلام، ولكن من الواضح أن القضية قد قلبت عليهم، وكأن التصعيد الذي حصل أرسل رسالة إلى سلطات الاحتلال، على أنه دون حصول مسيرة الأعلام والواقع في هذا الشكل، فكيف إذا تجرأ الاحتلال وأجرى مسيرة الأعلام، وقام بانتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك".
وأضاف أن "بنيامين نتنياهو قد ذكر أن مسيرة الأعلام لن تدخل الأحياء الإسلامية، بمعنى البلدة القديمة، وهذا يشير إلى التحديد والتقصير من قدرة مسيرة الأعلام، بحيث أنها أصبحت كمثل الأعوام السابقة" موضحًا أنها "إن لم تدخل أحياء البلدة القديمة، فهي لن تستطيع دخول المسجد الأقصى المبارك".
وتابع بالقول إن "جماعات الهيكل تقدم طلبات وتدفع بهذا الاتجاه نحو مسيرة الأعلام، وبن غفير يطالب، ولكن هل واقعيًا ستستطيع حكومة الاحتلال أن تصعد في المسيرة، في ظل الأحداث التي جرت".
وأشار إلى أن "الأمر بعيد المنال، والاحتلال لن يفلح في مسيرة الأعلام، حيث حملت المقاومة في الحرب رسالة أنه ليس من صالح حكومة الاحتلال التصعيد فيما يخص القدس والمسجد الأقصى".
من جهته، يؤكد المحلل السياسي المقدسي، راسم عبيدات، أن "المقاومة تدرك تمامًا بأن القدس والأقصى هما الطريق لحماية القضية الفلسطينية وبالتالي إدخال القدس في المعادلة من خلال القصف بالصواريخ بالأمس، يشير إلى أن قوى المقاومة تريد أن تحافظ على معادلات الردع، وقواعد الاشتباك وأن تبقي القدس ضمن المعادلة، بمعنى أن هناك إصرار".
وأضاف عبيدات لـ"القسطل": "نحن ندرك تمامًا أن سيف القدس مستعد للرد على كل ما يمس القدس والمسجد الأقصى المبارك، ونعي تمامًا أن المقاومة قد ربطت وحدة المسار والمسير ما بين القدس وقطاع غزة، في معركة سيف القدس الأخيرة عام 2021، ومن ثم توحدت الساحات ضد الاحتلال" مشيرًا إلى أن "من أهداف الحرب التي شنها نتنياهو على قطاع غزة هو أن يمرر مسيرة الأعلام، ويمنع قطاع غزة من التدخل لصالح القدس والأقصى وخوض حرب أخرى".
وشدد على أن "هذه القضية جوهرية وأن السير بالأعلام ورفعها في سماء مدينة القدس هو رمز من رموز السيادة، التي تعني فرض السيطرة على مدينة القدس".
وأوضح أن "جماعات الهيكل قد قدمت طلبًا بدخول المسجد الأقصى من خلال باب الأسباط، مع الدخول بالإعلام إلى المسجد، وهذا يعني تطور نوعي وخطير" مشيرًا إلى أنه "يعتقد جازمًا بأن قوى المقاومة لن تسمح بأن يكون هناك تمرير لمسيرة الإعلام".
واستدرك أن "الحرب قد وضعت نتنياهو في مأزق عميق، وليس من صالح الاحتلال الآن السير في تنفيذ المسيرة، وخاصة بعد أن أطلقت المقاومة صواريخها على مواقع متعددة، واستطاعت أن تتجاوز القبب الحديدية، بصواريخ متطورة، بعيدة المدى".
واستطرد بالقول إن "حكومة الاحتلال الآن تحت وضع أمني مهدد، خاصة بعد حالات الخوف والهلع التي عاشها المستوطنون، والتي دعت إلى فتح الملاجئ، والتجهيز نحو الكثير من الأمور للحماية؛ خوفًا من صواريخ المقاومة، لذلك فإن حكومة الاحتلال هي غير مستعدة الآن لخوض حرب جديدة".
واعتبر أن "حكومة الاحتلال تدرك تمامًا أن تراجع أداء مسيرة الأعلام، هو عكس ما يطمح إليه مخطط وزير أمن الاحتلال، إيتمار بن غفير، الذي يخطط إلى تطوير المسيرة ويصر على التوغل والتوحش في القدس، بالإضافة إلى الإصرار على عمليات الاغتيال في كل فلسطين".
وبيّن أن "مسيرة الأعلام تأتي في اليوم الـ28 من أيار/مايو العبري، أي الـ18، ويأتي يوم الجمعة، ولكن الاحتلال عمل على تغيير ونقل المسيرة إلى يوم الخميس؛ لأنهم يدركون أنهم لن يستطيعوا الدخول لباحات المسجد الأقصى يوم الجمعة، ولا حتى شوارع القدس القريبة من المسجد، بسبب الكثافة البشرية في المصلين، وهم غير قادرين على مواجهة ذلك".
وأكد "أنهم يريدون أن يثبتوا وقائع جديدة في القدس والمسجد الأقصى، ليست ضمن إطار التقسيم المكاني والزماني، بل يتعداه الأمر لإيجاد قدسية وحياة يهودية في المسجد الأقصى وشراكة في المكان".
وأردف أن "الاحتلال يريد أن يحول الأقصى من مسجد إسلامي خالص إلى مقدس مشترك عبر الإحلال الديني بشكل متدرج، ولذلك نشهد الهجمة على مصلى باب الرحمة، لفصله عن باقي مصليات المسجد الأقصى".
بدوره، يشير الباحث في شؤون القدس، زياد ابحيص إلى أن "جماعات الهيكل تحاول أن تطور من عدوان مسيرة الأعلام كل عام، ولكن الفارق هذه المرة أن لديها شعور بالحماية، وتشعر أن وجود إيتمار بن غفير يعطيها غطاءً حكوميًا اتثنائيًا، تحاول أن تستخدمه، للضغط على شرطة الاحتلال".
وأضاف ابحيص لـ"القسطل" أن "وجود حكومة يمينية متطرفة، داعمة لمخططات الهيكل، قد ساعد جماعات الهيكل وجبل المعبد على حشد أكبر عدد من المستوطنين، لاقتحام الأقصى في هذا اليوم".
وبيّن أن "مجرد رفع مطلب جماعات الهيكل، بدخول المسجد الأقصى، يعني زرعه في الخيال الصهيوني أنه سيأتي في السنوات القادمة، حتى لو لم يتحقق في هذا العام، واعتباره هدفًا خطيرًا ومهمًا يتم العمل عليه".
وختم بالقول إن "على الجميع الوعي بخطورة الأمر، ويجب عدم الاستخفاف بالمطالب الضمنية، ضمن ما تهدف إليه جماعات الهيكل، مثل: فتح باب الأسباط للاقتحامات، وإدخال الأعلام والطبول، وممارسة الطقوس الدينية والرقص، مع توسع وقت الاقتحامات، وكل هذا يأتي ضمن السياق العدواني الإجمالي للمسجد الأقصى المبارك، وهو فرض التأسيس المعنوي للهيكل والتعامل مع المسجد باعتباره هيكلًا قائمًا".
من الجدير بالذكر أن حكومة الاحتلال، وكل الجماعات اليمينية المتطرفة وعلى رأسها جماعات "الهيكل"، تحتفل بهذا اليوم، باعتباره يوم خضوع القدس تحت سيطرة الاحتلال، وحسبانه مناسبة "وطنية خالصة".