معاناة عائلة نجم الدين الفقيه.. عندما يصبح البيت زنزانة
القدس المحتلة - القسطل: في القدس قد تضطر للانتظار لثلاث ساعات أمام بوابة حديدية قبل أن يسمح لك جنود الاحتلال بالدخول إلى منزلك كما الحال مع عائلة ثائر نجم الدين الفقيه من قرية قطنة شمال غرب القدس، التي أصبحت حياتها مرهونة بمزاجية جنود الاحتلال منذ 15 عاماً.
منزل العائلة الواقع على أطراف قرية قطنة يجسد نوعا غريبا من الممارسات الإسرائيلية في محاصرة الفلسطينيين في منازلهم، فمنذ عام 2006 أصبحت العائلة محاصرة بين مستوطنة "هارادار" من جهة، وجدار الفصل العنصري من جهة أخرى.
في عام 2009، أعلن الاحتلال عن المنطقة التي تقيم فيها العائلة "منطقة تماس"، وبنى ممرا مغلقا من ثلاثة جوانب ينتهي ببوابة حديدية، وأصبح الدخول والخروج من المنزل لا يتم إلا من خلال بطاقات وتصاريح خاصة للعائلة، وهو ما أدى لعزل أفرادها عن قريتهم وأقاربهم بشكلٍ كامل، كما يوضح لـ"القسطل" ثائر الفقيه، مشيرا إلى أن أي شخص لا يسكن في المنزل لا يستطيع الدخول من البوابة الحديدية حتى لو كان من الأقارب والأصدقاء.
وأشار إلى أنه في بعض الأحيان يضطر أفراد العائلة للانتظار لساعات طويلة أمام البوابة لأن الخروج منها يتم في ساعات محددة (السابعة صباحا حتى الخامسة مساء)، أما في الأعياد اليهودية يقوم جيش الاحتلال بإغلاقها عليهم بالكامل.
ويروي ثائر لـ"لقسطل" قصة عن معاناتهم في شتاء العام 2018 حيث حصل عطل كهربائي في البوابة، وماطل الاحتلال في إصلاحه، ما تسبب باحتجازهم داخل المنزل لأسابيع، فكان سكان القرية يمررون الطعام والمستلزمات للعائلة من فتحة في البوابة.
ويكمل ساردا بعضا من فصول معاناة العائلة مع البوابة الاحتلالية: في إحدى المرات، عانت طفلتي من ألم شديد فجائي، وحاولت الخروج من البوابة لنقلها للمستشفى، إلا أن قوات الاحتلال منعتني لأكثر من ساعتين، وظلت طفلتي تصرخ على مرأى الجنود، الذين منعوا الطبيب أيضا من الحضور للمنزل.
وذكر الفقيه أنه منذ استشهاد الشاب نمر الجمل في مستوطنة "هارادار" عام 2017، بدأ الاحتلال بإجراء تفتيش يومي لأفراد العائلة.
في القدس تورث المعاناة
توفي الوالد نجم الدين الفقيه عام 2020 بعد أن صمد في منزله أمام مضايقات الاحتلال ومستوطنيه لخمسين عاماً. يقول نجله ثائر" بعد وفاة والدي قررت وشقيقتي العيش في منزل العائلة، وتوقفت عن العمل حتى لا أغادر المنزل لأنه في حال ذهبنا للسكن في أي مكان آخر سيُسيطرون عليه ".
ويصف ثائر معاناة عائلته قائلاً "كل الشعب الفلسطيني داخل سجن لكن أنا مثل الأسير الذي تم وضعه في زنزانة منفردة".
وتشير وفاء، شقيقة ثائر، في حديثها لـ"القسطل" إلى أن الاحتلال ساوم أهلها وتحديدا والدها من أجل بيع المنزل مقابل أموال طائلة، وكان يرد عليهم في كل مرة: "لو منحوني مقابله منزلا في مكة لن أتنازل عنه". أما شقيقها ثائر فيرى أن "الإنسان كتلة من كرامة، والأرض جزء من كرامته، التي يجب أن لا يتنازل عنها".
وفي مقابلة مع "القسطل" قال رئيس مجلس قرية قطنة يوسف الفقيه إن المرحوم نجم الدين الفقيه كان في كل مرة نلقاه يودعنا بجملة "أراكم غدا، يجب أن أكون عند البوابة قبل الخامسة، وعندما تعرض لجلطة قلبية حادة، منع الاحتلال سيارة الإسعاف من الدخول لنقله". موضحا: "تعاون أهل القرية على نقل نجم من إحدى فتحات الجدار إلى المستشفى".
ولفت إلى أن مُضايقات الاحتلال بحق العائلة تتضاعف يوما بعد يوم، ففي إحدى المرات تم تغريم أحد أقارب العائلة بسبب مجيئه لزيارتهم، ورغم أنه لم يتمكن من ذلك، إلا أن جيش الاحتلال عاقبه على اقترابه من البوابة.
وصادر الاحتلال حوالي 65% من أراضي قرية قطنة لصالح مستوطنات "كريات عنابيم" التي بنيت على أنقاض قرية العنب، وتقع إلى الجنوب من القرية، و(معالي حاميشا)، و"هارادار" التي أقيمت على جبل الرادار إلى الجنوب الشرقيّ من قطنة، ومستوطنة "نطاف" المبنية على أنقاض قرية "نطاف" المهجرة.
وأكد رئيس مجلس قطنة أن الحال في القرية مختلف عن القرى الأخرى فهي محاصرة بالمستوطنات، وجدار الفصل العنصري، بالإضافة لمنطقة "الحرام" كما يسميها أهل القرية، وهي المنطقة التي يحظر على السكان عمل أي نشاط فيها أو الانتفاع منها، أما المناطق المصنفة "B" و يسمح لأهالي القرية البناء فيها فتبلغ مساحتها 1800 دونم من أصل المساحة الكلية للبلدة 11500 دونم.
وعلّق رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف لـ"القسطل" على حالة عائلة الفقيه وغيرها، بأنه يتم العمل دائماً على تقديم كافة الخدمات للعائلات المحتجزة منازلها خلف الجدار، وأن جدار الفصل العنصري مخالف للقانون الدولي وقرار محكمة لاهاي.
. . .