دير مار إلياس في عين التهويد.. الأهداف والغايات الاحتلالية

القدس المحتلة-القسطل: لم يدّخر الاحتلال الإسرائيلي يوماً أي جهدٍ في طمس الإرث الفلسطيني التاريخي والديني والجغرافي في دير مار إلياس الواقع في القدس المحتلة، ويعتبر من أضخم الأديرة المعروفة التابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس. لهذا لا يبدو خبر تسريب عقارات كنسية بمساحة 110 دونمات في الدير مقابل 125 مليون شيكل، أمرا غريبا، فقد سبق وأن تم تسريب 71 دونما منه في عام 2009.

يقع دير مار إلياس بين مدينتي بيت لحم والقدس، ويتربع على ربوة تطل على شارع القدس -الخليل، على ارتفاع 817 متراً فوق مستوى سطح البحر.

ويحاول الاحتلال تغيير جغرافية المكان سارقاً من إطلالات الدير أجملها، ومن عادته معظمها، فمن ربوته ترى القدس شمالاً، وبيت لحم جنوباً، وجبل أبو غنيم شرقاً والذي حوّله الاحتلال إلى مستوطنة عَتِمة اسمها ” هار حوما”، وجبال الفريدس شرقاً.

وطوقت المستوطنات الإسرائيلية دير مار إلياس، حيث أصبحت خربة “طبالية” الأثرية المقابلة للدير موقعاً إسرائيلياً باسم “تلة الطيار” نسبة لطائرة اسرائيلية سقطت فيها خلال معارك 1967. كما وأقيم حول الدير مستوطنة “رمات راحيل” التي شهدت معارك عام ال1948.

وقال الكاتب المهتم بالمواقع التاريخية “أسامة العيّسة” لـ“القسطل”  إن دير مار إلياس عاصر أكثر من عهد أثري، مؤكداً أن المنطقة مستهدفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ زمن.

وأفاد العيّسة أن خطورة الأمر تكمن بتكريس محاولات الاحتلال فصل بيت لحم عن القدس، وإقامة مشروع سياحي لخنق مدينة بيت لحم، والتضييق على السكان الأصليين.

وأشار العيّسة لـ“القسطل” أن المشروع سياسي سياحي اقتصادي، لا سيما أن الشقق التي سيقيمها الاحتلال تقدر بمليون شيكل للشقة الواحدة، فضلا عن إقامة الأبراج.

وأكد العيسة أن المنطقة تشهد مؤخرا حفريات أثرية تسمى “حفريات إنقاذية” تقوم بها الآثار الإسرائيلية قبل القيام ببناء المخططات.

تعددت الروايات حول تسمية الدير. البعض يعتقد أنه سمي بهذا الاسم لأن البدو يقدرون النبي إلياس، فسمي نسبة له حتى لا يتعرض لهجمات البدو وغزواتهم.

والبعض الآخر يقول إنه سمي تخليداً لذكرى النبي إلياس “إيليا” الذي توقف في منطقة الدير خلال هروبه إلى الجنوب، إثر تحديه للملكة ايزابيل، بعد مقتل آلهة بعل على جبل الكرمل، حسب رواية الكتاب  المقدس.

عزل الدير…وإيقاف الحياة فيه

لم يكتف الاحتلال ببناء المستوطنات حول دير إلياس، مغيراً جغرافية المكان، بل فصل مدينة بيت لحم وحاصر القدس، ليضيق الخناق على حيوية الدير ويقتل شريان الحياة فيه، بعد أن أصبح الدير معزولاً لصعوبة الوصول إليه من قبل المواطنين.

ارتبط دير إلياس  قديماً بتقاليد عديدة: منها عقد أكاليل الزواج فيه، ومن أهم التقاليد التي اشتهر بها الدير في شهر آب “عيد مار إلياس” إذ يحضره المواطنون ليفوا بنذور كانوا قطعوها على أنفسهم بمناسبة الحوادث التي تصيبهم، فيقدمون الشموع، وتنكات الزيت أو الأيقونات، أو تطريز على قطع خاصة صنع بيت لحم للكنيسة وخدم الكنيسة.

وينتشر الباعة في ساحة مبنى الدير، الذي يشبه حصناً أو قلعة قديمة، بينما تعج الكنيسة التي تقع بالطابق الأرضي من الدير برجال الدين، ويوجد به أيضاً الغرف العديدة والساحات السماوية الفسيحة.

حملات تهويد مستمرة

عضو المجلس المركزي للطائفة الأرثوذوكسية، عدي بجالي، قال إن الصفقة الجديدة تأتي لتنفيذ مخطط الاحتلال من أجل حصار بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور.

وصرّح بجالي أن الأراضي التي تمت تصفيتها بين القدس وبيت لحم سواء تمت بتواطئ البطريركية أو بموافقتها أو تسريبها، تصل إلى نحو 400 دونم، مؤكداً أن هدف البطريركية التصفية الكاملة والتهويد لكافة العقارات التاريخية.

وأوضح بجالي  أنه تبين أن أراضي البطريركية في تل الطبالية في دير مار إلياس في شمال بيت لحم، تقع ضمن الاستهداف الاستيطاني للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أنه تم فحص الخرائط الخاصة بهذه الأراضي، والتي تؤكد مخططات الاحتلال الاستيطانية.

وقال بجالي خلال المؤتمر إن الصفقة الجديدة  تشمل اتفاقية لبناء وحدات سكنية يكون للبطريركية منها 150 وحدة، والتي ستقام على 110 دونمات في دير مار إلياس.

فيما قالت العضو في “مجموعة حراك الحقيقة” نيفين أبو رحمون لـ“القسطل” إن المشروع المنوي إقامته على أراضي دير مار إلياس، سيطوق القدس بالوحدات الاستيطانية.

وأوضحت أن الاحتلال يسعى لتهويدها كونها منطقة استراتيجية جداً وقريبة على مدينة بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا، في خطوة يسعى الاحتلال من خلالها لضرب الاقتصاد والاستثمار الفلسطيني، إضافة لعزل العرب الأرثوذكس عن الأوقاف المسيحية التي تواجه سيطرة يونانية كاملة من قبل البطريرك اليوناني.

وأشارت أبو رحمون إلى أن تهويد مدينة القدس أصبح غاية في الخطورة، كونها مستهدفة من قبل الاحتلال الاسرائيلي.

وطالبت، الحكومة الفلسطينية، بعقد جلسة رسمية للمجلس المختلط واعتباره مجلسا قانونيا بكامل الصلاحية ومنحه كافة الصلاحيات لمزاولة مهامه القانونية.

رابط مختصر