الانتخابات الفلسطينية وشرعية النظام السياسي
إعلان إجراء الانتخابات الفلسطينية، أيقظ المتجمدين من سباتهم السياسي، الذي استمر 30 عاما، حافظنا فيها على المستوى القديم والأول من قياداتنا، وتيبس فيها النظام السياسي الفلسطيني بهياكل سياسية جوفاء، تحمل الأسماء والشعارات الرنانة، التي لا معنى لها سوى قوة سلطوية حاكمة تمسك الأمور في الجانبين الشمالي والجنوبي، وتبحث لها عن وسيلة لاستمرار حكمها من لعبة الانقسام لعبة الوحدة، بعد أن تصدعت صورتها في ملحمة التحرر التي لم تنجزها، ولم تبق من القضية سوى رجالاتها ومصالحها، ولينت هياكلنا السياسية لتخلد ذاتها في معركة السيطرة واستحواذ القوة بدل الشرعية، والتمثيل الغائب أمام الزعيم الأوحد، ومجموعة نخبوية تفرض ذاتها على مقدراتنا باسم الشرعية والوطنية والنضال.
ليست المرة الأولى التي نرفع فيها بوابة الإصلاح والانتخابات بطلب خارجي من أجل تجميل ما تبقى من وقاحتنا.
وللخروج من مسار الانقسام الذي أبقاهم لمدة 14 عاما ما بين المقاومة، وعملية السلام إلى مسار تقاسم السلطات عبر الوحدة الوطنية، يريدون أن يسوقوا الانتخابات الديمقراطية لتحقيق الوحدة الوطنية عبر بوابة استحقاق الشرعية من صناديق الانتخاب.
الحركة السياسية الفلسطينية المعاصرة لم تكن أبداً وحدوية ولا ديمقراطية، وهذا طبيعي عندما كانت الحركة السياسية الفلسطينية حركة مقاومة شعبية، تمثيلها الشرعي يأتي من المقاومة والنضال والاشتباك، وقياداتها ممثلون للشعب بحكم التضحية والنضال وقيادة الناس لتحقيق أهدافها، ولكن عندما دخلنا التسوية ولتنفيذ شروط الدول الراعية والداعمة والمانحة، طلب منا إجراء الانتخابات والإصلاح، الذي أفضى إلى الانقسام والتفرد وإلغاء التشريعي وإلحاق المنظمة والمجلس الوطني بالسلطة الانتقالية، ومارسنا كل أشكال الديمقراطية إلا الديمقراطية الحقيقية، وطورنا أنفسنا لندعي ذلك تارة من بوابة الشرعية وتارة باسم التحرر والمقاومة وحاليا لتحقيق الوحدة الوطنية سنتحول إلى ديمقراطيين.
أليس الأجدر بناء النظام التمثيلي الديمقراطي من الأسفل إلى الأعلى، حتى نبني نظامنا التمثيلي على ثقافة المشاركة والانتخابات والتمثيل الجماهيري وبناء المؤسسات السياسية والاجتماعية والنقابية والاقتصادية؟.
أليس الأجدر استنهاض قضيتنا الوطنية من الضياع والاندثار، ولملمة الشعب الفلسطيني من خلال مجلس وطني تمثيلي وانتخاب لجنة تنفيذية من المجلس الوطني بعيدا عن واقع السلطة الحالية التي ستبقى أقل من حكم ذاتي وأكثر من بلدية؟.
ما الهدف من هذا الإجراء سوى تأبيد وضع الشعب الفلسطيني في مسار التشرذم وتسلط الاحتلال ومد بربيج الأكسجين لمؤسساتنا العاجزة، ودخولنا عصر ما بعد النكبة والكارثة إلى عصر الضياع.
. . .