مطار القدس أم مستعمرة "عطروت".. ما العمل؟
أنشئ مطار القدس من قبل سلطات الانتداب البريطاني في منطقة قلنديا عام ١٩٢٢، وبعد حرب ١٩٤٨ انتقل المطار إلى الولاية القضائية للحكومة الأردنية، وذلك وفق قرار منظمة الطيران الدولي للشرق الأدنى ”إيكاو”، وهي إحدى المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة، وعليه فإن أي إجراءات إسرائيلية تتم على أرض المطار منذ عام ١٩٦٧ وحتى اليوم هي إجراءات غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي وكل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، كما أنه يتناقض بشكل مباشر مع قرار منظمة “إيكاو” المذكور.
في نهايات العهد العثماني، وبالتحديد في عام ١٩١٠ أنشأت الحركة الصهيونية مستعمرة صغيرة على أراضي قلنديا اتخذت شكل “الموشاف الزراعي” في بعض المراحل، وأصبحت هذه المستعمرة قرب المطار بعد إنشائه بجانبها عام ١٩٢٢.
ويسرد الكاتب الفلسطيني خالد عودة الله تاريخ الكفاح الفلسطيني ضد هذه المستعمرة بشكل مفصل في موقع “باب الواد” الإلكتروني الذي يمكن للقارئ العودة إليه. وانتهت هذه المستعمرة عام ١٩٤٨، ثم عاد الاحتلال الإسرائيلي لإنشائها كمنطقة صناعية بعد احتلال عام ١٩٦٧.
أما المطار المجاور لها فقد أرادت إسرائيل تشغيله لرحلات دولية، ولكن عدم الاعتراف الدولي بشرعية سيطرتها عليه ورفض الشركات الدولية للطيران تنظيم رحلات جوية منه وإليه، أديا إلى حصر استعمالات المطار للسفريات الإسرائيلية الداخلية على غرار تنظيم رحلات بين القدس وإيلات وهكذا، وتوقفت هذه الرحلات عام ٢٠٠١ بعد اندلاع الانتفاضة الثانية.
ومنذ ذلك الحين، بدأت سلطات الاحتلال تفكر بما تفعله بالمطار سيما بعد أن أقامت حوله جدار الفصل العنصري لفصل القدس عن الضفة من الجهة الشمالية. وخلال السنوات التالية تم التفكير إسرائيليًا بتحويل المطار إلى منطقة توسع لمستعمرة “عطروت” من خلال إنشاء تسعة آلاف وحدة سكنية فيها، تزداد إلى 11 ألف وحدة سكنية مع عام ٢٠٣٠، وقد تم الإفصاح عن هذه الخطة بعد أن تضمنت صفقة القرن الأمريكية مشروعاً آخر للمطار.
نصت خطة السلام من أجل الازدهار “صفقة القرن” الأمريكية التي أعلنت في ٢٠ من كانون ثاني عام ٢٠٢٠ على إنشاء منطقة سياحية فلسطينية في منطقة مطار القدس تشمل إنشاء فنادق ومطاعم ومحلات تجارية سياحية، على أن يتم جلب الحجاج المسلمين والمسيحيين من الدول العربية والإسلامية إليها بالتنسيق مع الأردن، ونقلهم منها بباصات سياحية حديثة لزيارة الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين في البلدة القديمة من القدس وحولها، ثم العودة إلى منطقة المطار السياحية للسفر منها عائدين إلى بلادهم.
قبل أن يجف الحبر عن خطة “صفقة القرن” أعلنت الحكومة الإسرائيلية خطتها لإقامة تسعة آلاف وحدة سكنية على أرض المطار لتوسيع مستعمرة “عطروت”، ومع نهاية عام ٢٠٢٠ ومطلع عام ٢٠٢١ كانت عملية التخطيط لهذه الوحدات قد اكتملت، وطرح مشروع التخطيط للاعتراضات عليه من قبل المتضررين، وبناءً على ذلك يتوقع مركز القدس للشؤون العامة الإسرائيلي اليميني أن البناء في المنطقة لن يبدأ قبل عام ٢٠٢٢، وهذا يعني توفر فرصة من ١٠ أشهر إلى عام من أجل إفشال المشروع ومنع تنفيذه، حيث ينظر إليه من وجهة النظر الإسرائيلية كما طرح المركز المذكور على أنه مشروع إستراتيجي لزيادة الكثافة السكانية اليهودية في شمال القدس، ما يحصن المدينة أمنيًا وكذلك في مواجهة النمو الديموغرافي الفلسطيني لمدينة رام الله وما حولها، وعلى غرار هذا المشروع يجري أيضًا إنشاء مستعمرة جديدة جنوب القدس باسم مستعمرة “جفعات همتوس” التي ستعزز الكثافة السكانية اليهودية وتحصر التمدد العمراني والسكاني الفلسطيني في محافظة بيت لحم وما حولها أيضاً.
خلال السنة المتبقية حتى بدء عمل المشروع يمكن عمل الكثير ومن ذلك أن تقوم الحكومة الفلسطينية بالعمل بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية اللازمة لإفشال المشروع، وكذلك مطالبة الشقيقة الأردن صاحبة الولاية القضائية على المطار لرفع قضية مشتركة مع فلسطين في القضاء الدولي من أجل إنقاذ المطار ومنع بناء مستعمرة عطروت، ومطالبة بريطانيا كونها المؤسسة للمطار عام ١٩٢٢ بالوقوف بصرامة وعمل كل ما يلزم لإفشال المخطط الإسرائيلي بشأنه، وفوق كل ما سبق إطلاق حملة مقاومة مدنية على غرار ما جرى في الخان الأحمر تجلب السفراء والقناصل الدوليين والمنظمات الدولية مع شعبنا على الأرض لمنع تنفيذ هذا المشروع والآخر المشابه فيما يسمى بـ”جفعات همتوس” .