عن العريس المقدسيّ وطقوس حمّام العين في البلدة القديمة
القدس المحتلة - القسطل: هي إحدى العادات القديمة التي كانت تُمارس بحق كلّ شاب مُقبل على الزواج، وكأنها حفلة “عزوبية” يودّعه فيها الشبّان على طريقتهم الخاصة في “حمّام العين”.
تقول السيّدة المقدسية ماجدة صبحي صاحبة كتاب “زفة وزغرودة يا بنات”، إن العريس في القدس وقضائها كان يُصحب إلى “حمّام العين” الواقع في البلدة القديمة في المدينة المحتلة؛ لقضاء وقت ممتع مع أصحابه.
وتُضيف أنهم كانوا يقضون وقتًا استجماميًا وكأنها حفلة توديع “عزوبية”، يمارسون خلالها بعض الطقوس، مثل “قتلة العريس” وواجب “الطبطبة” على أكتافه؛ تحضيرًا ليومه المشهود يوم الزفة.
وتقول إنهم كانوا يغنون له بعد الانتهاء من الحمام، ويردّدون “طلع الزين من الحمام.. الله واسم الله عليه.. طلع الزين من الحمام.. رشوا العطر عليه .. كل اخوانه حواليه”.
وحين يصل العريس إلى بيته تستقبله أمه بـ”مهاهاة الحمّام” وتقول:
هييه نعيمًا يما حمّامك
هييه وعاشوا يمّا خِلاّنك
هييه وتسلم يما ذقن بيّك
هييه اللي قام وأهله بشانك
لولوليييه (زغرودة)
حمام العين هو حمام أثريٌ يعود تاريخه إلى العصر المملوكي في فلسطين، ويقع داخل سوق القطانين الذي بناه الأمير تنكز الناصري، وبنى فيه خانًا سمّي بإسمه جنوب المدخل الغربي للسوق، أسس فيه حمام العين في القرن الرابع عشر عام 1336م، مع حمام آخر وسط السوق إلى الشرق من الخان يعرف بحمام الشفا.
ظل الحمام يستقبل رواده لسنين طويلة، وقد أصبح من أشهر الحمامات العامة في القدس، فيأتيه من أراد الحصول على الراحة والاسترخاء، فيفرك (الحممجي) جسده ليتجه بعدها إلى القاعة الكبيرة التي تتوسطها نافورة الماء ويتكئ على الوسائد الجانبية للقاعة مع كأس ليمون أو كوب قهوة أو الشاي.
توقف استخدام حمام العين كحمام عام لأهالي المدينة بعد إغلاقه على يد الاحتلال، وظل بيد الأوقاف الإسلامية إلى أن انتقلت ملكيته إلى جامعة القدس.
ويستخدم خان تنكز حاليًا كمقر لدراسات القدس، ومقر لمديرية الحج في الأوقاف الإسلامية، إضافة إلى أنه الحمام الوحيد الذي ظل يعمل في المدينة كحمام عام إلى الثمانينات من القرن الماضي.
واليوم يعتبر الحمام من أهم المحطات التراثية التي تقوم باستضافة الفنانين والموسيقيين الذين يسحرهم جماله، والباحثين الذين بحثوا طويلاً في هذا الإرث المملوكي الساحر في القدس.