اقتحامٌ وقمعٌ وإبعاد.. كيف عاشت القدسُ نيْسانَها ؟
القدس المحتلة - القسطل: شهدت القدس وضواحيها خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، أعنف المواجهات ما بين أهل المدينة المحتلة وقوات الاحتلال التي مارست صنوف القمع والتنكيل لأنهم أرادوا استرداد حقّهم وما سلبته منهم شرطة الاحتلال خلال الفترات الماضية.
وثّقت شبكة “القسطل” الإخبارية تلك الانتهاكات، ما بين اعتداء على المقدسيين بالضرب أو الرصاص أو رش غاز الفلفل والمياه العادمة باتجاههم، ولم تقتصر تلك الاعتداءات على بلدة دون أخرى، بل شملت معظم البلدات المقدسية.
انتهاك حرمة المسجد الأقصى..
وثّقت “القسطل” اقتحام 3609 مستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك خلال الشهر الماضي، من بينهم جنود وضبّاط وطلاب معاهد دينية توراتية، إضافة إلى مستوطنين يشغلون مناصب في حكومة الاحتلال.
وخلال شهر نيسان، كانت تتم الاقتحامات خلال فترتين؛ صباحية وما بعد الظهر. ولم تتوقف الاقتحامات مع بداية شهر رمضان في الـ13 من الشهر ذاته، ولكنها اقتصرت على جولة اقتحام واحدة خلال الفترة الصباحية.
تتم الاقتحامات بشكل يومي ما عدا الجمعة والسبت، من “باب المغاربة” وحتى “باب السلسلة”، بحماية ومساندة من عناصر شرطة الاحتلال وقواتها الخاصة المدججة بالسلاح.
قمعٌ واعتقال وإصابات..
اعتقلت قوات الاحتلال سواء عناصر الشرطة أو المخابرات أو وحدة "المستعربين" التابعة للاحتلال، أكثر من 223 فلسطينيًا من مدينة القدس خلال نيسان، معظمهم من الفتية القاصرين الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ18 عامًا. وبحسب المحامي محمد محمود لـ"القسطل" فإن 140 شابًا اعتُقلوا خلال المواجهات المسائية مع الاحتلال ما منذ الـ13 من نيسان وحتى نهاية الشهر، 80 بالمائة منهم من القاصرين.
معظم الاعتقالات كانت “ميدانية” بعد الاعتداء على المعتقلين بالضرب المُبرح، حيث أن جزءًا منهم تم الإفراج عنهم بشرط عودتهم للتحقيق، وذلك بسبب حالتهم الصحية والآثار التي كانت تبدو عليهم بسبب اعتداءات الشرطة، والتي تسبب لعشرات الشبان بكسور في الأطراف وجروح في الوجه ورضوض في الجسد.
تكثّفت الاعتقالات منتصف الشهر الماضي، وبالتحديد مع أول يوم من أيام رمضان، بعدما وضعت شرطة الاحتلال حواجز حديدية على مدرج ومحيط باب العامود، ومنعت الشبان من الجلوس والتجمع في المكان، ولم يخضع الشبّان لذلك التغيير الذي أرادت شرطة الاحتلال فرضه بالقوة، لتبدأ ليالي المواجهات العنيفة التي لم تتوقف حتى بعدما خضعت الشرطة لإرادة الشبان المقدسيين وأزالت الحواجز في الـ25 من الشهر الماضي.
بحسب المعلومات التي كانت تحصل عليها “القسطل” من جمعية الهلال الأحمر وجمعية الأمل للخدمات الصحية بشكل يومي، فإن الاحتلال أصاب نحو 880 فلسطينيًا خلال الشهر الماضي، من بينهم نساء وأطفال وكبار في السّن.
وعرقلت شرطة الاحتلال عمل الطواقم الطبية والصحفية، ومنعتهم من الوصول للمُصابين، واعتدت على المسعفين بالضرب، واعتقلت عددًا منهم.
نقاط التماس وتصدّي شبان العاصمة ..
في المقابل، لم يخضع الشبّان لتلك الاعتداءات اليومية عليهم، بل قاموا بالتصدّي لكل أشكال العنف الذي استخدمته شرطة الاحتلال والمستوطنون الذين شاركوا الشرطة في الاعتداءات.
سجّلت القدس خلال الشهر الماضي نحو 112 نقطة تماس، حيث شملت هذه المناطق الآتية؛ المصرارة، باب العامود، باب الساهرة، باب حطة، باب الأسباط، المسجد الأقصى، شارع صلاح الدين، حارات البلدة القديمة (السعدية والواد)، حائط البراق، باب المغاربة، باب الخليل، باب الجديد، وادي الجوز، الشيخ جراح، شارع يافا، بيت حنينا، العيساوية، الطور، سلوان، حي رأس العامود، مستوطنة جيلو، مستوطنة بيت أوروت، العيزرية، حاجز قلنديا، حزما، الرام، مخيم شعفاط، عناتا، الجيب، وقطنة.
وألقى الشبّان الحجارة على مركبات مستوطنين وحافلات “إسرائيلية” ودوريات شرطة الاحتلال، ما أدى إلى تضرر العديد منها وتحطّم زجاجها، كما أصاب الشبّان نحو 69 “إسرائيليًا” ما بين مستوطنين وعناصر من شرطة وجنود الاحتلال.
كما تكثّفت عمليات إلقاء الزجاجات الحارقة والألعاب النارية التي استهدفت قوات الاحتلال في عدّة نقاط تماس في القدس وضواحيها. واستطاع الشبّان تدمير العشرات من كاميرات المراقبة التي تحد من خصوصية أهل المدينة والتي كان الاحتلال قد نصبها بأعداد كبيرة في القدس خاصة منذ عام 2015.
شهيد نيسان ..
في السادس من الشهر الماضي، فُجعت بلدة قطنة الواقعة شمالي غرب القدس بإعدام أحد أبنائها وإصابة زوجته بالرصاص عند حاجز “إسرائيلي” قرب بلدة بيرنبالا.
وأطلق جنود الاحتلال الرصاص بشكل مكثف باتجاه مركبة أسامة منصور (42 عامًا) فجر ذلك اليوم، حيث كانت زوجته معه، ما أدى لاستشهاده متأثرًا بجروحه وإصابة زوجته.
عمليات هدم واستيلاء..
هدم الاحتلال خلال نيسان الماضي مزرعتين بجميع ما تحويه وذلك في بلدة العيساوية شمالي شرق القدس، في حين هدمت بركسًا في بلدة جبل المكبر جنوبي شرق القدس.
وجرفت آليات الاحتلال أراضٍ تصل ما بين بلدتي العيساوية والزعيم (شرقًا) لإقامة طرق تخدم المخطط الاستيطاني E1.
وفي الثامن من نيسان، استولى مستوطنون على ثلاث مبان سكنية وقطعة أرض في الحارة الوسطى ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى.
وقام المستوطنون بوضع غرفتين سكنيتين داخل قطعة الأرض، إضافة إلى درج جاهز، كما وضعوا كاميرات مراقبة على البنايات السكنية، وفتحوا مدخلًا جديدًا لإحداها.
الإبعاد ومنع السفر ..
منعت سلطات الاحتلال خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري من السفر خارج البلاد لمدة أربعة شهور.
وأبعدت سلطات الاحتلال كذلك أربعة شبان عن مدينة القدس المحتلة لعدّة شهور، وهم؛ أنور عبيد، أحمد درباس، نديم الصفدي، وصالح أبو عصب، كما أبعدت الأسير المحرر خليل الجيوسي من بلدة الطور عن القدس إلى الضفة الغربية لمدة 3 أيام.
وكانت مخابرات الاحتلال قد اعتقلت الجيوسي لحظة الإفراج عنه من سجن “النقب” بعدما قضى ست سنوات ونصف في السجون، ثم أفرجت عنه شرط الإبعاد إلى الضفة.
وتم تسجيل عشرات قرارات الإبعاد عن البلدة القديمة ومحيطها لعدد من الشبان الذين تم اعتقالهم على خلفية الأحداث التي حصلت خلال هبّة “باب العامود”، وتراوحت ما بين 10 أيام وشهر.