بعد هزيمتــه في غـزة.. الاحتــلال يحــاول معاقبــة القــدس
القدس المحتلة - القسطل: حملة شرسة من قبل الاحتلال الإسرائيلي تُمارس ضد القدس المحتلة وأهلها، انتهاكات واضحة، اقتحامات واعتقالات وتقييد حرية العبادة، وحرمان من الحقوق الأساسية.
منذ الانتصار الأخير في قطاع غزة في معركة “سيف القدس”، ومشهد هزيمة الاحتلال الذي بات مكرّرًا، مرّة في القدس وآخر في الداخل المحتل، حتى وصل الضفة والقطاع، وسلطات الاحتلال تدرس كيفية التنكيل بشعبنا عبر سلسلة من السياسات العقابية التنكيلية.
اعتقالات واستدعاءات للتحقيق..
بحسب المعطيات الأخيرة لمؤسسات الأسرى، اعتقلت قوات الاحتلال مع تصاعد المواجهة منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي حتّى الـ26 من أيار/ مايو الجاري، نحو 2650 فلسطينيًا، من بينهم نساء وأطفال وجرحى.
أما في القدس، منذ بداية المواجهة مع الاحتلال في باب العامود، والتي تصاعدت بعد الـ13 من نيسان/ أبريل (خلال شهر رمضان المبارك)، وصل عدد حالات الاعتقال لأكثر من 550 حالة.
فيما سجّلت مناطق الداخل الفلسطيني المحتل نحو 1550 حالة اعتقال منذ الـ9 من أيار، ومدن الضفة الغربية أكثر من 550 حالة منذ نيسان الماضي.
استفراد بأهل القدس.. قطع التأمين الصحي
الاعتقالات شملت جميع المناطق الفلسطينية المحتلة، لكنّ سياسات أخرى باتت تنفّذ بشكل واسع في القدس، بحرمان المقدسيين من حق العلاج، حيث استهدف الاحتلال عائلات أسرى يحتجزهم حاليًا في سجونه سواء بالاعتقال الإداري أو السجن الفعلي، إضافة لأسرى محررين وعائلاتهم أيضًا، وكأنه استفراد بالقدس وأهلها بعدما حقّقوا انتصارات متتالية خلال السنوات الأخيرة الماضية وحتى اليوم.
خلال يومين فقط، ومن خلال محاولة أسرى محررين مقدسيين العلاج في المراكز الطبية في القدس، فوجئوا بأنه تم قطع التأمين الصحي عنهم من قبل سلطات الاحتلال.
بحسب نادي الأسري الفلسطيني فإن الاحتلال ألغى التأمينات الصحية لـ16 أسيرًا محررًا من القدس وعائلاتهم، دون إبلاغهم بالإجراء، وذلك في إطار السياسات التّنكيلية المتواصلة بحقّهم.
وقال رئيس نادي الأسير قدورة فارس “إنّ هذا الإجراء يفسر شعور الاحتلال بالفشل في مواجهة الوجود الفلسطيني في القدس، وبذلك فهو يلجأ إلى اتخاذ إجراءات عنصرية بحقّ المواطنين، وسلبهم حقوقًا أساسية مطلقة لا تخضع لأية قيود، وفرض سياسة العقاب الجماعي”.
وأضاف أن “سلطات الاحتلال تعتقد واهمة، أن هذه الإجراءات كافية "لتطويع وإسكات" الشعب الفلسطيني، أمام عمليات التّنكيل اليومية المستمرة، والتي تصاعدت مع استمرار المواجهة الراهنّة، لاسيما في القدس التي تواجه عدواناً يومياً مضاعفاً ومركبًا”.
ودعا فارس المؤسسات الحقوقية الدولية إلى ضرورة التدخل الجاد لوضع حد لهذه التحولات العنصرية الخطيرة التي تستهدف الوجود المقدسي، عبر منظومة من التشريعات العنصرية.
تصاعد في تحويل المعتقلين المقدسيين للاعتقال الإداري..
ذكرت مؤسسات الأسرى أن الاحتلال صعّد من سياسة الاعتقال الإداريّ بحق الفلسطينيين، حيث بلغ عدد القرارات (سواء جديدة أو تجديد) منذ بداية شهر أيار وحتى اليوم أكثر من 155 قرار اعتقال إداري.
فيما بلغ عدد الأسرى المقدسيين الذين تم تحويلهم للاعتقال الإداري مؤخرًا، نحو تسعة أسرى بحسب لجنة أهالي الأسرى المقدسيين.
وبحسب رئيس اللجنة أمجد أبو عصب، فإن تلك الأوامر صدرت بأمر من وزير جيش الاحتلال بيني غانتس، حيث طالت كلاً من؛ أمين شويكي من سلوان (4 شهور)، محمد أرناؤوط من الطور (4 شهور)، محمد العوري من واد الجوز (6 شهور)، محمد الزغل من سلوان (3 شهور )، سراج أبو سبيتان من الطور (4 شهور)، عمر زغير من البلدة القديمة (3 شهور)، محمد أبو جمعة من الطور (3 شهور)، هاشم أبو الهوى من الطور (3 شهور)، أمير زغير (4 شهور)
وتهدف سلطات الاحتلال عبر سياسة الاعتقال الإداريّ لتقويض أي حالة مواجهة أو تغيير في سبيل تقرير المصير، حيث استخدمت هذه السياسة وبشكل متصاعد منذ السنوات الأولى للاحتلال، وارتفعت أعداد المعتقلين الإداريين في السنوات الأولى على الاحتلال ثم انخفضت بعد عام 1977، بحسب نادي الأسير.
لكنها عادت للارتفاع في انتفاضتي عام 1987 و2000، إضافة إلى عام 2015، فمع بداية الهبة الشعبية صعّد الاحتلال مجددًا من الاعتقال الإداريّ، حيث أصدرت سلطات الاحتلال في حينه 1248 أمر اعتقال إداريّ.
يُشار إلى أن عدد المعتقلين الإداريين وصل إلى قرابة الـ500 في سجون الاحتلال، من بينهم ثلاثة أطفال، وأسيرتان.
قرارات الإبعاد عن الأقصى ومناطق محدّدة..
منذ بداية الأحداث وهبّة باب العامود، أبعدت شرطة الاحتلال عشرات المعتقلين عن “باب العامود” ومحيطه والبلدة القديمة إمّا لأسبوعين أو شهر، إلى جانب قررات الإبعاد للشبان الذين اعتُقلوا من الشيخ جراح وذلك خلال عمليات قمع الوقفات التضامنية مع أهالي الحي المهددين بالتهجير.
وما بعد الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة، أصدرت شرطة الاحتلال عشرات قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى بحق مقدسيين وفلسطينيين من الداخل لأسبوع بشكل مبدئي، على أن يتم تجديدها لعدّة شهور عقب انتهاء المدة الأولى.
وخلال يوم واحد فقط، في الـ23 من أيار الجاري، تم إبعاد 18 مقدسيًا عن المسجد الأقصى لفترات متفاوتة، معظمهم من السيّدات والفتيات.
ومعظم التهم التي وُجهّت للمُبعدين عن الأقصى تمركزت حول “عرقلة الزيارات (الاقتحامات)”، “عرقلة عمل الشرطة”، “خطر على الأمن في المنطقة (الأقصى)”.
ليست فقط هذه الإجراءات التي نُفّذت بحق المقدسيين، فالاحتلال يتفنّن في التنكيل بهم من خلال سياساته المستمرّة، من سحب الإقامات أو الهويات الإسرائيلية "الزرقاء" خاصة للأسرى والمحررين، إلى جانب الإقامة الجبرية، ومنع الدخول للضفة الغربية، ومصادرة مخصصات الأسرى بعد نصب كمائن من قبل المخابرات “الإسرائيلية” أثناء عملية سحبها، وإغلاق الحسابات البنكية لعدد من الأسرى والمحررين واحتجاز أموالهم، وعدم السماح لهم بفتح أخرى جديدة.