“طفل بألف رجُل” .. عن الأسير الجريح "حمودة" الذي أُصيب بتسع رصاصات
القدس المحتلة: جلس معه في اليوم ذاته، كان قد خرج من السجن حديثًا بعد قضائه ثمانية شهور بسبب ضرب “مولوتوف”، حديثُ أبٍ لابنه الذي يخاف عليه وعلى مستقبله، لكن محمد بقي صامتًا ولم ينبس ببنت شفة.
في اليوم الخامس عشر من شهر آب/ أغسطس عام 2019 خرج محمد الشيخ برفقة صديقه نسيم أبو رومي من بلدة العيزرية شرق مدينة القدس للصلاة في المسجد الأقصى المبارك، ثم ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بنبأ تنفيذ شابين عملية طعن قرب أحد أبواب المسجد.
أصوات إطلاق نار، إغلاق أبواب الأقصى، إغلاق أبواب البلدة القديمة، قوات إسرائيلية تهرع لمكان الحدث -باب السلسلة - وإذ بالطفلين أبو رومي والشيخ قد نفّذا عملية طعن في المكان، أُصيب فيها أحد عناصر الاحتلال.
يقول خضر الشيخ، والد محمد إن أحد ضباط المخابرات اتّصل به وسأله عن أبنائه، ولم يبلّغه بأي شيء آخر، وعندما عاد إلى منزله في ذاك اليوم، شاهد مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل حول العملية، ليتفاجأ بأنه ابنه “حمودة” ورفيق حيّه “نسيم”.
عادت اتصالات المخابرات مجدّداً، والاستدعاءات للتحقيق، وقال الشيخ: “لم أكن أعرف بعد هل استُشهد بنيّ أم أُصيب، حيث كانت الأنباء متضاربة ما بين استشهادهما أو إصابة أحدهما واستشهاد الآخر، وفي النهاية بلغني أن نجلي مُصاب بشكل حرج وأنه يتلقى العلاج في مشفى شعاريه تصيدك”.
لم يشاهد خضر ابنه “حمودة” منذ اعتقاله في آب حتى اليوم، لم يُسمح له بالزيارة أبدًا، وكان الاعتماد على محاميه في طمأنته وزوجته (والدة محمد) خاصة أن إصابته كانت حرجة بعدما اخترقت نحو تسع رصاصات جسده، إحداها استقرّت أسفل القلب وما زالت موجودة حتى اليوم.
المحكمة “المركزية” التابعة للاحتلال قضت بسجن محمد (16 عامًا) لمدة عشر سنوات، قضى فترة توقيفه الماضية في سجن عوفر، وقد يتم نقله إلى سجن “الدامون” في أي وقت.
يقول خضر: “أنا أفتخر بابني، من يشاهد مقطع الفيديو الخاص بالعملية، لا يشعر بأنهما طفلان، كانا بألف رجل، زلام بشوارب”.
استُشهد أبو رومي في الحادثة، وأُصيب محمد بعدّة رصاصات تجعله بحاجة لرعاية طبية واهتمام بالغ، وهذا ما يفتقده الأسرى الجرحى في سجون الاحتلال.
“ابني جدع، وجريء وشجاع، وبنفس الوقت غامض ما بتعرف بشو بفكّر”، يقول الشيخ، ويضيف: “يوم الحدث، كنت أجلس معه، وأحدثه عن خوفي عليه، خاصة أنه قضى ثمانية شهور في الاعتقال بسبب “ضرب مولوتوف”.
خضر الشيخ أسير محرّر، وابنه البكر شوكت أسير محتجز في سجن جلبوع، حُكم لمدة عام حيث اعتقلته قوات الاحتلال بعد أيام من تنفيذ “حمودة” العملية، وسيخرج قريبًا من سجون الاحتلال.