هبوا نصرة للقدس والمقدسات… أردنيان في سجون الاحتلال بعد اجتياز الحدود
القدس المحتلة-القسطل: قد كان في ظنِّ الشعوب أن تنكيل المحتل واقعٌ على الفلسطينيين وحدهم، من يُقتلون فيستشهدون ومن يُضربون ثم يعتقلون، ومن يُطردون من ديارهم بغير حق، وقس على ذلك، ورغم ما عاناه الفلسطيني خلال سنين مقاومته، إلا أن عدوان الاحتلال كشف أن مشكلته ليست مع الفلسطيني وحده، بل مع كل متضامن معه أيّاً كانت جنسيته، وتاريخ فلسطين يذُكر كيف تعامل الاحتلال مع هؤلاء المتضامنين واستهدفهم، وكان آخر ضحايا هذا الاستهداف مصعب الدعجة وخليفة العنوز من بلدة صما في مدينة إربد الأردنية.
بدأت قصة الشابين عندما قررا السير من بلدتهما صوب الأراضي الفلسطينية، لأجل مناصرة أهل القدس بعد مشاهدتهما القمع الذي تعرض له المصلون في المسجد الأقصى، وبعد زيادة وتيرة الاقتحامات من المستوطنين، حيث عبرا البيارات الأردنية ومرا بنهر الأردن، ومشيا لمسافة تزيد عن 30 كيلو متراً، حتى وصلا منطقةً بين طبريا وبيسان مأهولةً بالسكان، لكن دورية لشرطة الاحتلال اشتبهت بهما بسبب لباسهما "الكوفية والدشداشة"، ما تسبب في اعتقالهما، وتحويلهما لاحقاً إلى مركز الجلمة، بعد وضعهما في الشمس لمدة تزيد عن 7 ساعات.
بهذا الشأن قال محامي الشابين خالد المحاجنة، إن الأسيرين تعرضا منذ اليوم الأول لاعتقالهما لأبشع الممارسات وأشدها خلال التحقيق، حيث نقل الشابان لتحقيق المخابرات وتمت إهانتهما وتعرضا للشتائم القذرة، علاوة على تقييد رجليهما ويديهما خلال التحقيق لفترات طويلة، وكانت هذه الأساليب ترمي إلى إثبات تهمة تورطهما بنية القيام بعملياتٍ إرهابية ضد (إسرائيليين) وهذا سبَّب لأحدهما أوضاعاً صحية سيئة، تمثلت بأوجاعٍ في الرأس والمعدة، ولم يقدم العلاج اللازم له حتى اللحظة.
ويضيف المحامي:"للأسف لم نكن نتمنى أن نصل لهذه النقطة، لكن المخابرات ضغطت على المعتقلين، من أجل الوصول لهذه التفاصيل، رُغم أنها بعيدةً كلّ البعد عن الواقع، وقد رفضها الشابان في التحقيق رفضاً قاطعاً، وللأسف ستقدم لائحة الاتهام في محكمة الناصرة صباح الأربعاء، وستكون لها صعوبة كبيرة نظراً لخطر ما ادعته نيابة الاحتلال".
وقال المحامي بلسان الأسيرين إنهما يرفضان المس بالمقدسات الإسلامية، خاصةً فيما يتعلق بالمسجد الأقصى، وجاء قرارهما بالدخول إلى فلسطين، تأثراً بما شاهداه من اعتداءاتٍ ومواجهات عنيفة ضد المصلين والمرابطين فيه.
وأكد محاجنة أن مخابرات الاحتلال أعلنت عن إنهاء التحقيق مع الشابين بشكل رسمي، والمرحلة الثانية بعد التحقيق ستكون تقديم لائحة اتهامٍ لهما، وكانت شرطة الاحتلال قد صرحت في وقتٍ سابق نية تقديم النيابة العامة لائحة اتهامٍ ضد المعتقلين، وذلك بتهمٍ أمنية تندرج تحت إطار التخطيط والتآمر للقيام بعملية إرهابية وعملية طعن وقتل بالإضافة إلى حيازة سكين، انتهاءً بتهمة الدخول إلى أراضي الداخل المحتل بدون تأشيرة دخول.
وأوضح المحامي إمكانية تصوير مواد التحقيق والأدلة التي بنت عليها المخابرات لائحة الاتهام، لكنه أكد أن الجهود السياسية والدبلوماسية ستكون أكثر فعالية لذلك عليها أن تعمل بجدٍ للضغط على (إسرائيل) من أجل الإفراج عن الشابين. وقام القنصل الأردني بزيارة الشابين واستمرت الزيارة لمدة ساعتين، حيث عرضا أمامه كافة الظروف والمعاناة التي تعرضا لها أثناء اعتقالهما والتحقيق معهما، وبما أن النيابة أصرت على تقديم لائحة الاتهام فقد وصلا لنقطة اللاعودة، ويبقى سلك المسار القانوني لبذل أقصى الجهد من أجل التخفيف عن الشابين ولدحض التهم الموجهة ضدهما، حسب قول محاجنة.
وقال المحامي :"سأعمل من جهتي بالضغط على مصلحة السجون لنقل الأسير المريض للعلاج في المستشفيات المدنية، ومن المهم أن ندرك أن هذه الأساليب هي ذاتها التي يتبعها جهاز مخابرات الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين، فهو لا يفرق بين فلسطيني وغيره، والذي فاقم الأمر سوءًا، أن هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها الشابان الأراضي الفلسطينية، وهذه أول مرة يتعرضان فيها للاعتقال، لذلك هما غير معتادين على هذه الأساليب".
يذكر أن نادي الأسير الفلسطيني أكد أن 20 أسيراً يحملون الجنسية الأردنية ما زالوا في سجون الاحتلال، ومعظمهم من أصولٍ فلسطينية، بالإضافة إلى الأسيرين الأردنيين مصعب الدعجة وخليفة العنوز وأسيرين من الجولان السوري المحتل.
. . .