حرائق قرى شمال غرب القدس الأخيرة تثير مخاوف المواطنين والدفاع المدني يوضح
القدس المحتلة-القسطل: التهمت ألسنة النيران مساحاتٍ واسعة من أرض الصوانة في بلدة بدو شمال غرب القدس قبل أيام قليلة، وفي ذات اليوم تعاملت طواقم الدفاع المدني مع حرائق أخرى في قريتي القبيبة وبيت عنان في ذات المنطقة، وكانت الحرائق قد تسببت بإصابة 4 مواطنين تم نقلهم للمراكز الطبية بواسطة الإسعاف للتعامل مع حالتهم، وبينما تتواجد ثمانية قرىً شمال غرب القدس تصنف ضمن مناطق ج، يتواجد مركز دفاع مدني واحد في بلدة بيرنبالا القريبة من هذه القرى، ولأن المسافات بين هذه القرى متباعدة، فإن أي حريق ينشب في أحدها قد تكون عواقبه وخيمة، نظراً للمسافة التي تحتاج أن تقطعها طواقم الدفاع المدني للوصول.
القسطل تحدثت إلى الدفاع المدني للحصول على توضيحاتٍ بهذا الخصوص، حيث بيّن الناطق باسم الدفاع المدني عبدالودود النجار حصول عشرات الحرائق التي تعاملت معها طواقم الدفاع المدني، وكان من هذه الحرائق تلك التي حصلت في محافظة القدس خلال الأيام الثلاث الأخيرة، حيث كان هناك أكثر من 30 حريقاً في مناطق متفرقة من محافظة القدس، وتسببت هذه الحرائق بإصابة 4 مواطنين، طفلين وسيدتين في بلدة القبيبة شمال غرب القدس، نتيجة استنشاقهم الدخان.
يقول النجار للقسطل:" نتحدث عن 30 ساعة عمل لأكثر من مركز خلال الساعات الماضية، وعشرات الاتصالات وبلاغات الاستغاثة التي تصل إلى مراكز الدفاع المدني، الأمر الذي يرهق طواقم الدفاع المدني من جهة ويضاعف الخدمة المقدمة، لاسيما إن تحدثنا عن حرائق تمتد لمساحات شاسعة، وتصل إلى الأشجار، وبالتالي تكون هناك صعوبة في إخماد هذه الحرائق والسيطرة عليها، خاصة إن كانت مناطق وعرة لا تستطيع أن تصلها سيارة الإطفاء، وفي هذه الحالة، الحريق الذي يحتاج إلى ساعة أو ساعتين، سيحتاج إلى ثماني ساعات أو اكثر، لأن عملية إخماد الحريق تتم بالمعدات اليدوية وليس من خلال مركبة الإطفاء التي لا تقدر الوصول.
ويوضح النجار أن بلاغات الحرائق لا تقتصر على تلك المتعلقة بالأراضي الزراعية، فهناك الحرائق الاعتيادية، من حرائق مركبات ومنازل، و خلال شهر أيار، تعامل الدفاع المدني مع ما يزيد عن 3280 مهمة، كان منها ما يزيد عن 1300 مهمة اختصت بإخماد حرائق الأعشاب والأشجار وكان سببها الإهمال، وقال النجار أن هذا الرقم كبيرٌ نسبياً ويعني أن 85% من مجموع التدخلات هي فقط حوادث أشجار وأعشاب بسبب الإهمال، وهذا يعني جهد مضاعف وأوقات مضاعفة طويلة.
وذكر النجار للقسطل أن خسائر المزارعين تقدر بآلاف الشواكل:" نحن نتحدث عن حرق أكثر من 2000 شجرة خلال 24 ساعة على مستوى القدس ومحافظات الوطن وهذا رقم كبير، ونتحدث عن مئات الدونمات وعشرات المحاصيل الزراعية التي تمت خسارتها نتيجة لبعض التصرفات الخاطئة، مثل رمي أعقاب السجائر بجانب الطرق، وترك مسببات الاشتعال مع الأطفال مثل القداحات وأعواد الثقاب، دون الانتباه لهم، ومثل قيام المزارعين بتنظيف أراضيهم عن طريق حرق الاعشاب الزائدة، وهذه التصرفات هي التي ساهمت بالدرجة الأولى في اشتعال الحرائق، كان وكان لدراجات الحرارة بالدرجة الثانية دور مهم في تفاقم هذه الحرائق وصعوبة السيطرة عليها".
وتذمر مواطنون في قرى شمال غرب القدس واشتكوا طول المدة التي استغرقتها طواقم الدفاع المدني للوصول والسيطرة على الحرائق، وقد أوضح النجار سبب هذا التأخر قائلاً:" إن بعض هذه الحرائق تأخذ وقت وجهداً من حدث آخر، أي أن هناك بعض الحرائق التي تطلبت تعامل 25 رجل إطفاء لأجل السيطرة عليها، وخلال إخماد هذا الحريق، وصل بلاغٌ للدفاع المدني بحادث آخر، وفي هذه الحالة لا نستطيع إعادة الطاقم الذي يعمل على إخماد حريق، فيتم تحريك مركز دفاع مدني آخر قد يكون بعيداً الحدث، وهذا ما قد يسبب زمن استجابة أطول، الأمر الذي من الممكن أن يفاقم الحدث سوءاً".
وقال:" لدينا أولويات في التعامل مع الأحداث التي ترتبط بحالات إنسانية، أو تشكل خطراً على حياة المواطن، حيث يتم التعامل معها بالأولوية الكبرى، لأن الدفاع المدني مهمته هي حماية الأرواح وإذا كانت هناك أحداث تتعلق بخسارة ممتلكات سواءاً منازل أو مركبات المواطنين، فهي أيضاً أولوية وحرائق الاعشاب لها أولوية أيضاً لكنها أقل من هذه الأولويات السابقة وسير الدفاع المدني لهذه الأحداث يكون حسب خطة واضحة وحسب الأولوية الاولى وهي حماية الارواح".
كذلك الأمر قال النجار إن رجال الدفاع المدني يتعرضون لمضايقات الاحتلال في بعض الأحيان كما المواطنين، وربما تاخير وصول الطواقم نتيجة لبعض الحواجز، كما حصل في بلدة بدو منذ يومان عندما قامت قوات الاحتلال بإغلاق النفق الواصل بين بلدتي بدو وبيرنبالا لساعاتٍ طويلة، وهذا الأمر يساهم بدرجة معينة في تأخير زمن الاستجابة، وتفاقم طبيعة الحدث.
وبين النجار:" أن ما يزيد الأمر سوءاً، هو قيام بعض المواطنين بالتعامل مع أحد هذه الحرائق لوحده، ظناً منهم قدرته السيطرة عليه، وبعد مرور الوقت يشعر أنه لا يستطيع السيطرة على هذا الحريق، فيطلبون الدفاع المدني وقد يكون الأوان قد فات في هذه الحالة، لأن كل دقيقة مهمة في حرائق الأشجار والأعشاب لتكون الاستجابة أسرع".
وحول توزيع مراكز الدفاع المدني وقدرتها على الوصول في الوقت المحدد، قال النجار للقسطل:" توجد مراكز دفاع مدني في محافظة القدس في كل من منطقة أبو ديس والرام وبير نبالا وغيرها من المناطق، و في حالة وجود منطقة بعيدة عن مراكز دفاع مدني، فلدينا خطة بتعويضها بالمتطوعين المدربين على التعامل مع حوادث الحرائق ريثما تصل نجدة الدفاع المدني، وفي معظم الحالات قد يكون هناك مساندة من قبل المراكز الأخرى إذا كان حدث الحريق كبيراً".
ويؤكد النجار أن الأيام الأخيرة شهدت نشوباً لمجموعة من الحرائق في منطقة شمال غرب القدس، مؤكداً على خطواتهم الاحتياطية في هذه الحالة بتدريب متطوعين على إدارة الحوادث في هذه المناطق، ودعا النجار بلديات هذه المناطق وغيرها التواصل مع إدارة الدفاع المدني في محافظتهم لأجل تدريب فرق متطوعين، كذلك أكد على أهمية دور البلديات في التثقيف.
ووجه النجار رسالته للمواطنين قائلاً:" إن طواقم الدفاع المدني هي طواقم بشرية وتتعب ويصيبها الإرهاق نتيجة تفاقم هذه الأحداث، نحن نتحدث عن ساعات متواصلة للتعامل مع أحداث قد تصل إلى 10 ساعات لإخماد حرائقها، لذلك يجب أن يكون هناك دور للسكان أيضاً والبلديات لمساندة هذه الطواقم، لأن هذه الأراضي والثورة الزراعية تعزز الوجود على هذه الأرض وبالتالي علينا أن نقدم المساندة لبعضنا".
. . .