بالريشة والألوان... أطفال سلوان يعبرون عن دواخلهم
القدس المحتلة - القسطل: في أحياء سلوان، تصبح الريشة والقلم وسيلة الأطفال الوحيدة للتعبير عن معاناتهم، حيث تنحني ريشة الفتيات بدقة متناهية، فهذه ترسم رموز الوطن من علمٍ وكوفية والمسجد الأقصى، وأخرى تلون بريشتها ألوان الوطن، هي فعاليةٌ للتضامن مع أحياء بلدة سلوان المهددة بالتهجير من جهة، وأداةٌ للتفريغ عن كاهل الأطفال الذين حملوا الكثير من الهم في عمرٍ صغير جداً.
الشابة شادن قوس تواجدت في الفعالية وقال لـ"القسطل": أتواجد اليوم في حي البستان لرسم جدارية على أحد جدرانه، واللافت في فعالية رسم الجدارية هذه عن غيرها من الفعاليات الممثلة، أنها خُصصت للأطفال وكانت بمشاركتهم، والأهم من ذلك كله، أن مشاركة الأطفال تُثبت أن الجيل الصغير يحمل على عاتقه عبء القضية، ويلقي هماً لقضايا التهجير والهدم في سلوان".
لم يتجاوز عمر أطفال البلدة المشاركون سنَّ الثانية عشرة، وبينما يرسمون الرموز الوطنية، عبروا بوعيٍ وإدراكٍ شديدين عن واقعهم، فتقول الطفلة رهف رجبي: "أعيش في حي بطن الهوى، وأتواجد اليوم هنا حتى أثبت لشرطة الاحتلال ومستوطنيه، أننا لن نخرج من بيتنا أبداً".
وأضافت الرجبي:"حين يأتي الاحتلال ويهجرنا من منزلنا ببساطة، من يفكر بالذين لا يجدون قوت يومهم الذين يعانون أوضاعاً مادية صعبة، من أين يحصلون على منزلٍ آخر؟ ومن يضمن عدم تشريدهم لحياة الشارع، نحن لن نسمح بنكبة جديدة!"
أما الطفلة قطر الندى فقالت:" أحب أن أخبركم أن بيتي مهدد ٌبالتهجير، أتواجد اليوم في هذه الفعالية لأرسم جدارية تثبت للاحتلال أننا لن نخرج من بيتنا، فكل حجرٍ فيه يشهد أن أبي تعب في بنائه".
لمانة التي لم تتجاوز العشرة أعوام تحدثت ببلاغة كهلٍ أربعيني لـ"القسطل":"أنا من سلوان، ما أريد أن أؤكده أننا لن ننحل عن أرضنا مهما فعل الاحتلال، فهي أرضنا التي وُلدنا وعشنا فيها منذ آلاف السنين، من يستطيع أن يتخيل أن تكون في بيتك آمناً، فيأتي غرباء يطردونك بدون سبب ويستولون على بيتك!".
وبينما تُذهلك ردود أفعال أطفال الحي وصمودهم، تذكرك التقارير أن ما يزيد عن 400 طفل فلسطيني هم داخل سجون الاحتلال يقاسون حر الصيف وبرد الشتاء وتنكيل الاحتلال، وتستطيع أن تسلط الضوء من مشاهداتك اليومية لاعتداءات الاحتلال، على الحالة النفسية والصحية التي يقاسيها الأطفال المعرضون للضرب بقنابل الصوت والغاز في كل مواجهةٍ في أحياء سلوان والشيخ جراح.
وهذا لا ينفي أشكال العقاب الأخرى التي يفرضها الاحتلال عليهم، ضارباً بعرض الحائط كل حقوق الطفل والمواثيق الدولية، ومنها الغرامات المالية، أو السجن الفعلي أو الإفراج المشروط بالإبعاد عن المنزل أو بالحبس المنزلي لفترات مختلفة، وبطبيعة الحال هذا يشكل نوعاً من العقاب الجماعي للأسرة لأن من يقوم بدفع المال هو رب الأسرة، وأيضاً تتفاقم الحالة النفسية والضغط العصبي على الأسرة وعلى طفلها القاصر، عندما يتم تحويله إلى الحبس المنزلي، حيث يتحول ولي الأمر سواء كان الأب أو الأم إلى سجان لابنه طيلة فترة الحبس المنزلي، وقد يكون هذا أقسى شعور يعيشه الأبوين.
. . .