باب العامود.. محاولة تزييف الهويّة وتهويد المكان
القدس المحتلة - القسطل: يحاول الاحتلال مؤخرًا تغيير اسم "باب العامود" والمنطقة المحيطة به، حيث أقدمت بلدية الاحتلال مؤخرًا على نصب لافتات تحمل اسميْ مجندتين إسرائيليتين "هدار كوهين وهداس مالكا" قُتلتا خلال عمليات فدائية في منطقة باب العامود خلال السنوات الماضية.
الاحتلال الإسرائيلي يعتقد بأنه بهذه الطريقة سيُلغي التسمية التاريخية لهذا الباب "باب العامود" والذي اكتسب اسمه قبل الاحتلال الصليبي لمدينة القدس وبقي حتى يومنا هذا.
تاريخيًا..
وعن تسميته، يقول المختص في تاريخ القدس إيهاب الجلاد لـ”القسطل”: “إن باب العامود هو أقدم اسم موجود لبوابات القدس ويعود لبدايات الفترة الإسلامية، حيث سُمّي بذلك وصفًا لعامود من الرخام الأسود بارتفاع 14م، حيث كان موجودًا في الفترة الرومانية في الساحة الداخلية للباب.
ويبيّن الجلاد أن مدخل باب العامود كان مجمّعًا تجاريًا، في منتصفه عامود يعود لزمن الامبراطورو هدريانوس- الذي خط أسوار القدس عام 132م - وعندما جاء العرب عام 637م ووجدوا العامود أطلقوا عليه اسم باب العامود.
استمرت هذه التسمية إلى يومنا هذا، وهو الباب الوحيد الذي حافظ على هذه التسمية التاريخية. واعتبر الجلاد أن لذلك بعد سياسي مهم جدًا، فحتى الوجود الصليبي في مدينة القدس لمدة 88 عامًا لم يلغِ هذه التسمية.
ويُلفت الجلاد إلى تسميات أخرى أُطلقت على باب العامود إلا أنها غير صحيحة، ومنها؛ باب دمشق والتي كان مصدرها الفهم الخاطئ للكلمة العربية باللهجة المحلية “الشام” التي تستخدم للدلالة على الاتجاهات، ويُضيف: “كانوا يقولون “الباب الشامي” ليدلّوا به على الباب الشمالي، وكانوا يقولون “الباب القبلي” ليشيروا إلى الباب الجنوبي، ولا يقصدون باب دمشق ولا باب مكة، إنما يقصدون الباب الشمالي”.
ويؤكد الجلاد أن الأوربيين اللذين أعطوا الأسماء الأجنبية والأوروبية لمدينة القدس في القرن التاسع عاشر سموا بعض المعالم تسمية عجيبة، فقالوا عن؛ باب العامود “باب دمشق”، وباب الأسباط “باب الأسود”، وعن باب الساهرة “باب هيرودس”، وباب الخليل “باب يافا”.
وبحسب الجلاد فإن هذه الأسماء ليست لها أي جذور ولا أبعاد تاريخية بل هي فهم سطحي جدًا لهؤلاء المستكشفين اللذين زاروا القدس ولم يعيشوا فيها ولم يندمجوا بثقافتها وحضارتها.
إضافة إلى “باب دمشق”، هناك اسم آخر أُطلق على باب العامود ولا يحمل أي أبعاد تاريخية وهو “باب نابلس” نسبة إلى الطريق من باب العامود إلى نابلس، حيث كانت الجمال والسيارات والعربات التي تسافر إلى نابلس تقف أمام باب العامود. علمًا بأن نابلس هي الأقرب من دمشق. ويقول الجلاد: "بذلك الزمن كانت رام الله قرية صغيرة لم تكن ذات شأن كما حالها اليوم، فالمدينة الشمالية للقدس هي نابلس لكنها ليست تسمية قديمة ولا تاريخية إنما أُطلقت في القرن التاسع عشر”.
تغيير تسمية منطقة باب العامود..
يقول المحلل السياسي راسم عبيدات إن ما يجري في مدينة القدس خطير جدًا، حيث يعمل الاحتلال على تهويد مدينة القدس بشكل غير مسبوق، خاصة في ظل تسارع التطبيع العربي الإسرائيلي العلني.
ويضيف في حديثه لـ"القسطل" أن الاحتلال يستغل هذا الظرف من أجل تهويد الشوارع وأبواب القدس التاريخية مثل “باب العامود”، حيث تم تحويل اسم المنطقة إلى اسم مستوطنة أو مجنّدة صهيونية قُتلت في إحدى العمليات الفدائية ليُصبح الاسم “هدار فهداس”.
ويبين أن هذا يعني أن الاحتلال مُقبل على تهويد البلدة القديمة وشوارعها ومعالمها التاريخية وكل ما يمت بصلة للوجود العربي الإسلامي في المدينة.
وأكد أن هذا التغوّل والتوحّش الصهيوني في القدس، ما كان ليكون لو كان هناك حاضنة عربية متماسكة بدلاً من أن تشجّع الاحتلال على القيام بمثل هذه الإجراءات والممارسات التي تمس بعروبة وإسلامية المدينة.