الشيخ جراح وعودة التصعيد.. لماذا ظهر بن غبير من جديد؟

الشيخ جراح وعودة التصعيد.. لماذا ظهر بن غبير من جديد؟
القدس المحتلة - القسطل: يعود التوتر من جديد إلى حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وكما المرة الماضية في مايو 2021، فإن أحد رموز التوتر، عضو الكنيست إيتمار بن غبير، يقود الاستفزاز والاعتداءات بحق المقدسيين في الحي أيضا هذه المرة، حيث أقام مكتبا له هناك، تحت ذريعة أن وجوده سيؤدي إلى تعزيز الحالة الأمنية بسبب اضطرار شرطة الاحتلال للتواجد بشكل مكثف، الأمر الذي يعني زيادة الحماية للمستوطنين، الذين يتعرضون لهجمات من قبل المقدسيين، وفق مزاعمه. ويعتبر الباحث في شؤون القدس مازن الجعبري أن التوتر الحاصل في منطقة الشيخ جراح هو امتداد للوضع السابق المستمر من سنوات، الذي تحاول من خلاله الجمعيات الاستيطانية وسلطات الاحتلال تهجير سكان حي الشيخ جراح، في حين يشعر المستوطنون وسلطات الاحتلال الاسرائيلية بنوع من الإحباط لأنه تم افشال مخططهم على الأقل في الوقت الحالي بتهجير السكان الفلسطينيين في منطقة كرم الجاعوني وهي المنطقة الشرقية من حي الشيخ جراح. وتابع الجعبري في حديث لـ "القسطل" أنه خلال الفترة السابقة كانت الاعتداءات من قبل المستوطنين وسلطات الاحتلال مستمرة، وقد تمت مصادرة 4 دونم من قبل رئيس البلدية من نفس المنطقة لعدد من العائلات الفلسطينية بدعوة المنفعة العامة وتم هدم منزل عائلة صالحية في منطقة الشيخ جراح وتدمير مشروعها الاقتصادي وترحيلها من المنطقة أمام الدبلوماسيين الأوروبيين وأمام أنظار العالم قبل ما يتم هدم منزلها، وفي شمال الشيخ جراح تمت مصادرة حوالي 30 دونم والآن يتم البناء فيها حديقة قومية توراتية، وبالتالي فإن الاعتداءات في حي الشيخ جراح مستمرة ومتواصلة، والاحتلال لم يوقف هذه الاعتداءات ومستمر بمخططاته لأن هناك أهداف ومشاريع استيطانية في هذه المنطقة. لكن حسن لافي الباحث في الشؤون السياسية والإسرائيلية اعتبر أن ما يحدث الآن في القدس هو نتيجة الرهانات الاسرائيلية الخاطئة، فـ"إسرائيل" لا زالت مقتنعة أن معركة سيف القدس لم تستطع حل مشكلة المقاومة في غزة، وأن الأمور ستذهب للتصعيد مرة أخرى لأسباب لها علاقة بفك الحصار والأمور الحياتية في قطاع غزة لذلك هي تريد أن تستبق هذه الأجواء والتهيئة للتصعيد لذلك سمحت لعضو الكنيست إيتمار بن غفير ومجموعة من المستوطنين الآخرين في حي الشيخ جراح أن يلعبوا في برميل البارود مرة اخرى كونها تدرك أن القدس برميل بارود من الممكن أن ينفجر ويخلط كل الأوراق في الساحة الفلسطينية. وتابع لافي في حديثه لـ " القسطل " أن الأمر الثاني يتعلق بالضفة الغربية التي تشكل خطرا حقيقيا على الاحتلال لذلك يبحث من خلال معادلة أن التصعيد في غزة سيخمد الحالة في الضفة الغربية لذلك لديه مصلحة في هذا الأمر. الأمر الثالث يتعلق بالشأن الإسرائيلي بامتياز خاصة وأن "الحكومة الاسرائيلية" الآن بعد اقتراب محاكمة نتنياهو من مرحلة الحسم تسعى لتوسيع ذاتها بأحزاب اليمين وبالتالي سيسعى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت لارضائهم لذلك سمح لبن اغفير أن يقيم مكتبا له في حي الشيخ جراح، وإن لم تستطع "الحكومة الإسرائيلية" بالاستمرار فإنهم سيذهبون لانتخابات من جديد لأن الكل من الأحزاب السياسية "الإسرائيلية" تجمعوا في هذه التشكيلة الهشة لسبب واحد أنهم يكرهون نتنياهو وعودته تعني تفكيك الحكومة والذهاب لانتخابات جديدة سيسعى الجميع فيها لإرضاء المستوطنين. وفي جانب آخر اعتبر لافي أن الأوضاع على المستوى الدولي خاصة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية - الروسية قد تكون بمثابة غطاء على التصعيد سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة وبالتالي لن يكون التفات من الرأي العام الدولي إلى الجرائم الإسرائيلية، لكن بالمحصلة الجميع يدرك في الاحتلال أن هذا لعب بالنار، ويبقى السؤال الرئيسي هل ستكون هناك معركة سيف القدس 2 لأن الفصائل الفلسطينية بالتأكيد سيكون لها رأي واحد يرفض التغيير الجوهري في منطقة القدس. ومن اللافت أن الإعلام العبري يتعامل وفق خطاب يحاول تفريغ ما يجري من طابعه السياسي، حيث أطلق على ما يجري من مواجهات "أعمال عنف". ووصف طرفا الصراع، بـ"اليهود" و"العرب"، محاولا تصوير الأمر على أنه صراع بين مواطني نفس الدولة، المختلفين. حيث امتنع عن إطلاق وصف فلسطينيين أو مقدسيين، وحتى إسرائيليين، وهذا الخطاب يُراد منه إسقاط البعد السياسي كما أشرنا، بالإضافة إلى أن هذه المتغيرات في الخطاب نشأت بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القدس عاصمة للاحتلال. وعلاوة على ذلك، يصف الإعلام العبري أن خطوة بن غبير بـ"المؤقتة"، محاولا إفشال أي محاولة لبناء الموقف عليها، سواء من المقاومة الفلسطينية أو غيرها، ولذلك يصر على التركيز أن هدفها توفير الأمن لبيت أحد المستوطنين، الذي تعرض لمحاولة الإحراق في الفترة الماضية. ويهدف من وراء هذا الخطاب أيضا إلى تحميل مسؤولية الاستفزاز الذي قام به بن غبير إلى المقدسيين، الذين - بحسب ادعائه - قاموا بمهاجمة منزل أحد المستوطنين.  وعلّق الجعبري أن الأحداث الحاصلة أولا محاولة من قبل سلطات الاحتلال من خلال حماية المستوطنين للاعتداء على الفلسطينيين لرفع معنويات المستوطنين الموجودين في البؤر الاستيطانية. ثانيا هي محاولة من سلطات الاحتلال للاستعانة بهؤلاء المستوطنين حتى تجبر العائلات الفلسطينية على الرحيل من هذه المنطقة خاصة الضغط على عائلة سالم، لذلك ادعاء الصحافة الاسرائيلية أن هذه المشاكل عنف بين اليهود والعرب، هذا كلام غير صحيح والمراد منه هو تفريغ قضية الشيخ جراح من محتواها السياسي وتصويرها على أنها مشكلة مجتمعية بين جيران، لكن الحقيقة هم معتدون ومستوطنون وما يحدث الآن هو عملية نضال ومقاومة خاصة أنه بات واضحاً حجم صمود العائلات الفلسطينية خاصة عائلة سالم التي تتعرض لاعتداءات شبه يومية من قبل المستوطنين، لذلك أنا أعتقد أن الزج بعضو الكنيست بن غفير في هذه المعركة الهدف منه هو الضغط على الفلسطينيين، وأيضا رفع معنويات المستوطنين الموجودين في البؤر الاستيطانية. ويرى الجعبري أن بن غفير يحاول تجنيد ما يجري بالشيخ جراح لحملة دعائية شخصية من خلال تصوير نفسه أنه يتواجد لحماية المستوطنين في منطقة الشيخ جراح، لذلك ما ورد في الصحافة الاسرائيلية أن المستوطنين يحاولون حماية المستوطنين من الاعتداء هو كلام عار عن الصحة وغير صحيح ويراد منه التضليل خاصة أمام وسائل الإعلام الدولية بعد أن أصبحت قضية الشيخ جراح قضية دولية وليست فقط قضية محلية، لذلك ستبقى منطقة الشيخ جراح منطقة مشتعلة في حالة مد وجزر لكن نحن كفلسطينيين معتمدين على صمود وثبات السكان.
. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: