شخصياتٌ مقدسية في حضرة ثيوفيلوس الثالث.. أين الموقف الوطني؟
القدس المحتلة - القسطل: وفدٌ مقدسيّ فلسطيني كان أول أمس، الأول من شهر آذار الجاري، في زيارة لبطريركية الروم الأورثوذكس في القدس، حيث استقبلهم بطريرك القدس ثيوفيلوس الثالث.
صحيفة فلسطينية نشرت حول هذا اللقاء، معنونة الخبر بـ”البطريرك ثيوفيلوس الثالث: معركة حماية عقارات باب الخليل وتعزيز الوجود المسيحي الأصيل في القدس مستمرة”.
في اتصال مع الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية حاتم عبد القادر لتوضيح ما جرى في هذه الزيارة، قال إن الاحتلال يفرض على فندقي بترا والإمبريال في باب الخليل بالقدس ضرائب باهظة جدًا، ما يهدد بالقيام بإجراءات “حجز” فيما لو لم يتم دفعها وهي تقدّر بالملايين.
وأوضح لـ”القسطل” أن الهيئة طالبت البطرك بتحمّل مسؤولياته اتجاه الفندقين، وتغطية هذه المبالغ لأن أصحابها لا يستطيعون دفعها، لافتًا إلى أن قيام البطرك بدفع هذه المبالغ إشارة إيجابية من الكنيسة على أنها مستمرة في الدفاع عن هذه العقارات.
وأكد أنه تم الحصول على كل الضمانات المالية والقانونية من البطريركية من أجل الحفاظ على حقوق الحماية لكل من عائلتي الدجاني في فندق الإمبريال وعائلة قرش واسعيد في فندق بترا.
وأشار إلى أن هدف الزيارة كان من أجل تحقيق غرض وطني وهو الحفاظ على عقارات باب الخليل، وحفاظًا على حقوق الحماية للعائلات المقدسية في الفندقين بالإضافة إلى بيت المعظمية بالبلدة القديمة.
وعن الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس قال إنها مؤسسة رسمية تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وتتبع منظمة التحرير، وتعمل ضمن إطار واضح وهو الحفاظ على عروبة القدس ومقدساتها وعقاراتها سواء كانت مسيحية أو إسلامية، كما أنها تتصرف بمسؤولية بعيدًا عن كل الخلافات.
وفي الختام، قال: “سنواصل معركتنا ضد المستوطنين، دون الالتفات لأولئك الذين يهتمون بالشعارات دون تقديم أي خدمة ملموسة للدفاع عن القدس”.
بجالي: اللقاء بمثابة إعلان حرب على الوجود الأورثوذكسي والموقف الوطني
عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي والناشط في حراك "الحقيقة" عَدي بَجالي عقّب لـ”القسطل” على ذلك بالقول: “تفاجأنا أمس بزيارة وفد مقدسي تتقدمه الهيئة الإسلامية المسيحية بزيارة للبطريريك الفاسد ثيوفيلوس، وتبادل الابتسامات في بطريركية الروم الأورثوذكس في القدس”.
وأضاف “نحن كحراك أورثوذكسي نعتبر هذا اللقاء بمثابة إعلان حرب من قبل هذه المؤسسة على الوجود الأورثوذكسي والموقف الوطني”.
بجالي أوضح أن لقاءات سابقة حصلت مع رئيس الهيئة المقدسي حاتم عبد القادر، مُطلعينه على قضايا البيع والتسريب السابقة، حيث كان يشكك في المعلومات التي تم الإدلاء بها، فطُلب منه عقد اجتماع يشمل كافة الأطراف بما فيها البطريركية، وقال: “لكن السيد حاتم عبد القادر آثر أن يعقد اجتماعًا ترويجيًا للبطريركية في رام الله والإشادة بها وهذا ما حصل قبل نحو شهر، دون أن تتم دعوتنا، واليوم تفاجأنا في هذه الزيارة”.
يبين أن توجُّه الحراك لـ”عبد القادر” من منطلق أنه شخصية وطنية معروفة في القدس، ولكن أن يُصبح شخصًا يُعادي التوجه الذي يُريد أن يحافظ على القدس وعلى المقدسات والأوقاف الأورثوذكسية.. هذا أمر غير مفهوم وغير مقبول ومثير للسخرية وللغثيان أيضًا كون أن هذه الهيئة لا تملك أي ملف من ملفات البطريركية ولا تملك أي وثيقة أو دراسة عن مبيعاتها.
وبرأيه، فإن هذا الوفد طُلب منه الذهاب وزيارة البطريركية من قبل أحد المستفيدين منها أو المتواطئين معها، لتبادل الصور فقط، لكن هذه الزيارة مع الأسف، وعلى ما يبدو أنها “ترتبط أيضًا بموقف اللجنة الرئاسية لشؤون الكنائس الفلسطينية التي يرأسها الدكتور رمزي خوري والذي يمدح البطرك وزمرته ووسطاءه وسماسرته ويتخلى عن الموقف الوطني”، على حد قوله.
ويؤكد لـ”القسطل” أنهم لا يتمنون أي قطيعة ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية والبطريركية، لكن “على السلطة وأذرعها ومؤسساتها أن لا تتخلى عن الموقف الإنساني قبل أن يكون وطنيًا في أن هناك حقوق للطائفة، كما أن عليها أن لا تتخلى عن القوانين الفلسطينية.
يذكّر بجالي بقانون البطريركية المقدسية، الذي صدر عام 1958 في الأردن وتبنّته السلطة الفلسطينية، والذي يقضي بأن يتم إنشاء مجلس مختلط يكون أعضاؤه من العلمانيين ورجال الدين من البطريركية، دوره قائم على متابعة ومراقبة أداء البطريريكية.
ويقول: “حتى هذا القانون لا ينفذونه ويصادرون القرار الأورثوذكسي ضمن علاقاتهم وأجنداتهم وما يمليه عليه غيرهم ويتخلون عن الموقف الوطني.. هذا الأمر مزعج جدًا.. هذا البطرك بالذات باع يافا والرملة واللد وحيفا والناصرة، حتى القدس كل أملاكها بيعت.. آلاف الدونمات”.
ويلفت إلى آخر صفقات البيع، 220 دونمًا على مقربة من دير مار إلياس على حدود بيت لحم، من أجل بناء فنادق عليها لضرب اقتصاد بيت لحم، وهذه خطة بلدية الاحتلال في القدس والمعلن عنها، مشيرًا إلى أن الحراك أطلع رئيس الوزراء الفلسطيني عليها وأرسل ملفًا كاملًا بشأنها.
وتساءل مُتعجبًا “أيُعقل أن تُرمى كل هذه القضايا والمواقف جانبًا وتصبح صفحة اللجنة الرئاسية الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير هي صفحة الترويج للبطرك وكأن لهم إنجازات؟!”. وقال: “من المفترض أن تقوم إسرائيل بفتح آلاف الصفحات الإلكترونية للترويج والتهليل بثيوفيلوس!”.
“التقينا بحاتم عبد القادر ورمزي خوري، التقينا بمسؤولين في السلطة الفلسطينية، ووصّلنا لهم عدّة رسائل لكن لا أحد يُريد أن يسمع”، يقول بجالي.
في الختام، أكد بجالي أنّ السلطة تُعلن الحرب بتصرفاتها، كونها تصادر القرار الأورثوذكسي والقرار المسيحي وتعلن الحرب على الموقف الأورثوذكسي الوطني، ونُطالب السلطة أن لا تتدخل في هذا الشأن.
الجعبري: زيارة مُستفزة ومحبطة ومعادية للطائفة الأورثوذكسية العربية
أمّا الباحث المختص في شؤون القدس، أ.مازن الجعبري، قال إن قيام بعض الشخصيات الفلسطينية بترتيب زيارة لشكر البطريرك الأورثوذكسي ثيوفيلوس الثالث يوم أمس، يعتبر مُستفزًا ومحبطًا ومعاديًا للطائفة الأورثوذكسية العربية.
وأضاف لـ”القسطل” أنه لقاء يخلو من التوازن والدبلوماسية في التعامل مع هذه القضية الوطنية، ويتناقض مع موقف الطائفة العربية الأورثوذكسية المتمثل بالمجلس المركزي الأورثوذكسي وقرارات المؤتمر الوطني لدعم القضية العربية الأورثوذكسية الذي عقد في بيت ساحور في الأول من شهر تشرين أول عام 2017، بحضور القوى الوطنية والسيد محمود العالول ممثلًا عن حركة فتح والتي صدر عنها موقف واضح بعدم التعامل مع البطرك الحالي واعتبار القضية الأورثوذكسية قضية وطنية.
وأوضح الجعبري أن “موقف اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس من القضية الأورثوذكسية ساهم بشكل كبير في تمييع القضية الأساسية، والابتعاد عن المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني، وإظهار منظمة التحرير الفلسطينية وكأنها تعادي الطائفة العربية الأرثوذكسية.. وبالتالي نحن مطالبين بالوقوف مع القضايا الوطنية وبما يخدم الشعب الفلسطيني وخاصة ونحن نتعرض للتطهير العرقي من خلال نزع الأملاك الفلسطينية وهدم المنازل وتسريب العقارات لدولة الاحتلال”.
الهدمي: شخصيات تحاول تنظيف نفسها بالوقوف مع شخصيات خائنة وعميلة وتدعمها رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، قال إن المجتمع الفلسطيني بشكل عام والمقدسي بشكل خاص يتعرض لمحاولات وعمليات كي وعيه وقيمه وأخلاقه. وأضاف لـ"القسطل" أن من سبقونا، تخوّفوا من أن تُصبح الخيانة وجهة نظر، وقال: "للأسف أصبحت وجهة نظر، بل أكثر بكثير، أصبحت مفخرة للبعض، ورأينا العديد من أبناء شعبنا يتسابقون على إظهار "وجهات نظرهم" المبنية على مواقف خيانية وتفريط في الحقوق الوطنية المبنية على انتهازية وخيانة للأصول". وبين أن عددًا من الشخصيات داخل مجتمعنا "تتمسّح بهذه الشخصيات الخيانية التي تعمل على تدمير المجتمع وتساهم في تدميره وبلبلة الموقف الوطني والهوية الوطنية". وبالحديث عن البطرك، قال الهدمي إن ثيوفيلوس دارت حوله العديد من القصص والروايات، وتحدث عن دوره الكثيرون في تسريب عقارات البطريركية للاحتلال، وعن دوره في تسريب عقارت باب الخليل للجمعيات الاستيطانية، وهناك من توغّل وتحدث عن مواقف خيانية له وطالبوا بإخراجه من الكنيسة ورفضه كممثل لها، ومع الأسف أنه كان مدعوماً من السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة الأردن، حسبما أفاد. وتعقيبًا على اللقاء الذي تم في البطريركية، قال "نرى شخصيات مغمورة تبحث عن دور لها في المجتمع المقدسي، عن تلميع وتنظيف لتاريخها الأسود، عبر دعم هذه الشخصية وزيارتها وتسويقها في المجتمع وعبر الصحف لإظهار نفسها على أنها شخصية وطنية". وأكد أن هذا الأمر "لا ينطلي على المجتمع المقدسي والفلسطيني، هذا الموقف يعبر تمامًا عن الانحطاط الذي وصلنا إليه، بحيث أن شخصيات معروفة بتاريخها، اليوم تحاول تنظيف نفسها بالوقوف مع شخصيات خائنة وعميلة وتدعمها". مطور: الزيارة تبييض لصفحة المسرّبين بدوره، قال الناشط المقدسي فادي مطور لـ"القسطل": "نستنكر بشدة هذه اللقاءات والزيارات للمسرب ثيوفيلوس، الذي من المفترض أن يكون منبوذًا وأن يحاسب على ما يقترفه من تسريب لعقارات القدس وفلسطين". وأكد أن هذه الزيارات هي "لتبييض صفحة المسربين ولاستمرار عمليات التسريب التي تُعتبر مرفوضة شعبيًا وأخلاقياً ودينياً". ودعا مطور "لنبذ المسربين ومحاسبتهم بدلاً من تلميعهم ومنحهم صكوك غفران"، حسبما قال.