أم في القدس غير قادرة على زيارة ابنتيها بسبب "لم الشمل".. ولا حتى المشاركة في جنازة والديها
القدس المحتلة - القسطل: بعد مرور حوالي عشرون عاماً على سن أكثر القوانين اللاإنسانية، تعيد دولة الإحتلال تشريع قانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية، الذي كان قد أقرّ للمرة الأولى في عام 2002 خلال إنتفاضة الأقصى كقانون مؤقت، تحت ذريعة الأسباب الأمنية، لكن اليوم يعود هذا القانون بعنصرية أكبر وتحت إطار الحفاظ على يهودية دولة الاحتلال. وعند الحديث عن هذا القانون فإنه يتضمن بشكل أساسي لمّ شمل عائلات فلسطينية فيها الزوج أو الزوجة من شرق القدس أو فلسطينيي 48، ما يعني أن عدد العائلات المقدسية المتضررة من هذا القانون كبيرة.
علي عيسى البالغ من العمر 47 سنة من البلدة القديمة في القدس يقول لـ "القسطل" "أعيش في مدينة القدس منذ ولادتي، من حقي كمواطن مقدسي أن أعيش بشكل طبيعي كأي إنسان يعيش في بلده ومكان ولادته، وكذلك زوجتي من حقها العيش معي بشكل طبيعي، وزوجتي فلسطينية عاشت طيلة حياتها في مصر وعادت إلى فلسطين مع توقيع اتفاق أوسلو في عام 1994، وتواجدت في قطاع غزة فقط لخمس أيام ثم انتقلت للعيش معي في بيت زواجنا في القدس ومنذ ذلك الحين يرفض الإحتلال إعطاء لم شمل أو إقامة مؤقتة أو أي أوراق ثبوتية لها تتيح التواجد في مدينة القدس، تحت عدة ذرائع، أبرزها؛ الحجج الأمنية نظراً لكوني اعتقلت سابقاً في سجون الإحتلال ، ومن ثم أصبح الرفض كونها من مدينة غزة، وبحسب تصنيفهم فإن غزة " كيان معادي"، على الرغم من أن زوجتي لم تعش في غزة كونها ولدت في مصر وتملك الوثيقة والجواز المصري، ولدينا كل ما يثبت ذلك لكن الرفض مستمر على مدار 26 عاما".
ويتابع عيسى في حديثه: " زوجتي فقدت والدها ووالدتها الذين يعيشون في مدينة غزة ولم تستطع حتى وداعهم، وعلى مدار 26 عاما لم يكن لديها إمكانية حتى لزيارة أهلها في غزة، واليوم لدينا 7 أبناء: ابنتان متزوجتان إحداهن في مخيم شعفاط والأخرى في بيت حنينا ولا تستطيع زوجتي حتى زيارة بناتها داخل مدينة القدس نظراً لعدم وجود أوراق ثبوتية معها ولا تصريح إقامة، وهذا أثر كثيرا على حياتنا كعائلة وكان سبب بوجود كثير من المتاعب والمشاكل على صعيد حياتنا الأسرية، وهذا القانون بالنسبة لنا كعائلة مقدسية هو قانون جائر وظالم".
ويؤكد عيسى أنه توجه للعديد من المؤسسات الحقوقية لكن لم يكن هناك مساعدة لنا بالشكل المطلوب، وكان الأمر مقتصر على استشارات وزيارات بدون أي فائدة، وحالتي هذه تنطبق على العديد من العائلات المقدسية وهذا ما شاهدته أثناء اعتصامنا أمام الكنيست الإسرائيلي، كما أننا توجهنا للسلطة الفلسطينية لكن مساعدتهم كانت فقط بتغيير عنوان السكن في الهوية من مدينة غزة إلى رام الله وذلك قبل أشهر فقط.
وفي السياق يقول المحامي نجيب زايد محامي عدد من العائلات المتضررة: "إقرار القانون سيؤثر بشكل كبير على العائلات المقدسية خاصة والفلسطينية في أماكن أخرى عامة لأن هذه العائلات تأملت وتفاءلت بسقوط القانون وبالتالي فتح المجال أمامهم لتقديم طلبات لم شمل من جديد لمن لا يستوفون شروط السن وهي 25 عاما فما فوق للسيدات و35 فما فوق للرجال وتفاءل أيضا من يحملون تصاريح الإقامة المؤقتة بأنهم سيحصلون وضعية قانونية جديدة من خلال بطاقة هوية مؤقتة ومن يحمل بطاقة هوية مؤقتة بأن يحصل على بطاقة هوية دائمة، فالقانون أرجع العائلات إلى السابق حيث أقر أول مرة في عام 2003، لكن هذه المرة بشكل جديد ويفرق بأنه هذا القانون يحمل بصريح العبارة طابع خطاب على يهودية دولة الاحتلال".
ويتابع زايد في حديث لـ "القسطل" "من ناحية قانونية، القانون الحالي لا يختلف عن القانون السابق وجميع الشروط الموضوعة من قبل ستكون في القانون الجديد إضافة إلى تحديد عدد الطلبات التي سيتم المصادقة عليها بشكل سنوي وهذا شيء جديد، ووزيرة الداخلية الإسرائيلية تستغل هذا الأمر لأجل تحديد الطلبات التي سيتم المصادقة عليها خلال الفترة القادمة، ونحن الآن بصدد التوجه إلى رفع قضية دستورية على الحكومة الإسرائيلية والكنيست من أجل شطب هذا القانون، كما أن المشرّع الإسرائيلي والسلطة التنفيذية في دولة الاحتلال تمادوا أكثر من اللازم في مدّ أمد هذا القانون والإجحاف في حقوق العائلات واستخدموا السلطتين التشريعية والتنفيذية لتمرير أجندات سياسية".
وبحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الداخلية في حكومة الاحتلال فإن عدد الزوجات والأزواج الحاملين للهوية الفلسطينية "الخضراء" وتصاريح إقامة داخل الخط الأخضر 9200 فلسطيني، بينما عدد الأشخاص الحاملين لبطاقة الهوية المؤقتة 3000 فلسطيني، وهذه الإحصاءات لا تشمل إحصاءات غير رسمية ممن لم يستطيعوا تقديم معاملات لم شمل بسبب عدم استيفاء السن القانوني وعددهم ما يقارب 30 ألف فلسطيني.
وأثار "قانون المواطنة" الإسرائيلي حفيظة الأمم المتحدة، فقد أعرب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلقه إزاء مصادقة كنيست الاحتلال على تمديد قانون يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية. وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك:"غوتيريش يتابع هذه القضية التي طال أمدها ولاحظ تصويت الكنيست، ويشعر بالقلق إزاء تأثير القانون على العائلات الفلسطينية التي تسعى إلى لم شملها في القدس".
. . .