"مسيرة الأعلام".. لماذا تصرّ حكومة الاحتلال على تمريرها وما هي السيناريوهات المتوقعة؟
القدس المحتلة - القسطل: تستعد شرطة الاحتلال في القدس لحدث يوم الأحد القادم، والذي يتمثل بمرور "مسيرة الأعلام" من باب العامود وأزقة البلدة القديمة وصولاً لحائط البراق، في ظل تقديرات الاحتلال بأن مواجهات ستقع مع الفلسطينيين الذين دعوا للتصدي للمسيرة، وفق ما نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
يأتي ذلك في ظل إصرار حكومة الاحتلال من خلال وزارة أمنها الداخلي على ترخيص المسيرة بمسارها المشار إليه سابقًا، في مقابل إعلان غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية بأن "انتهاكات الاحتلال في القدس خاصة، وكل المدن المحتلة والدعوات الساقطة لمسيرة الأعلام واقتحام الأقصى بعد أسبوع، كلها أسباب تدفعنا للوقوف بحزم وإصرار عند مساسها الواضح بمنجزات سيف القدس، وشعبنا لن يسمح مطلقاً بكسر قواعد الاشتباك والعودة للمربع الذي قلنا فيه كلمتنا بقوة".
في السياق، يرى الباحث المقدسي مازن الجعبري أن مسيرة الأعلام تأتي بعد الأحداث الحاصلة في شهر رمضان المبارك وما تلاها، وهي بذلك تأتي في سياق الاعتداءات "الإسرائيلية" المستمرة والسنوية في مثل هذه الأوقات.
وأشار لـ"القسطل" إلى وجود إصرار كبير لدى حكومة الاحتلال وأجهزة أمنها على إرضاء المستوطنين من خلال إقامة هذه المسيرة، وسيرها في نفس المسار المقر لها في كل عام، من غرب القدس حتى باب العامود، وصولاً إلى أحياء البلدة القديمة، في استفزاز واعتداء على الفلسطينيين.
وتوقع الجعبري بأن تمضي المسيرة ضمن سيناريوهين: الأول؛ أن تتم المسيرة، ولكن سيكون هناك مواجهات مع الفلسطينيين في ضوء إدراك "الإسرائيليين" لهذا الأمر وتبعاته، وسيتزامن ذلك مع إجراءات أمنية عالية مثل إغلاق بابي العامود والخليل، وإخلاء وقمع الفلسطينيين تماماً، لإتاحة المجال حتى ولو لعدد بسيط من المستوطنين ورفع أعلام الاحتلال.
أما السيناريو الثاني بحسب الجعبري؛ أن يكون هناك تدخل من المقاومة الفلسطينية، حيث أن هناك تهديدات من غالبية الفصائل بالتدخل، خاصة وأن المسيرة في يوم 29 أيار الجاري، وهو ذات اليوم الذي تنشر له دعوات من قبل المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى بأعداد كبيرة، إلى جانب التحشيد المرافق لمسيرة الأعلام بعد الفشل الكبير الذي مُنيت به العام الماضي بعد هبة القدس.
ويرى الباحث في الشأن "الإسرائيلي" سعيد بشارات أن ما يحدث الآن هو استفزاز عالي الوتيرة، كما أن مخزون الذاكرة عند "اليمين الإسرائيلي" عالي جدًا في ظل شعورهم بالسيطرة الفلسطينية على القدس، بعد المنع السابق لإقامة هذه المسيرة، لذلك فإن الوضع سيكون متوترًا جداً، وشباب القدس لن يمرروا هذه الاستفزازات بسهولة، خاصة بعد وقفتهم المشهود بها في جنازة الصحفية شيرين أبو عاقلة ووليد الشريف وكان هذا نموذجًا للحدث القادم.
وبيّن لـ"القسطل" أن درجة الاستفزاز العالية جدًا من المستوطنين الذين يريدون تنفيذ المسيرة، يُقابلها درجة استعداد مرتفعة من قبل الفلسطينيين في ظل الاعتداءات المستمرة، ونحن الآن أمام حالة من الانفجار الكبير إذا ما صدقت دعوات المستوطنين باقتحامات المسجد الأقصى وفتح أبوابه وانتهاك حرمته.
وحول تدخل المقاومة الفلسطينية في غزة، أشار بشارات إلى أن هذا التدخل يرتبط بشكل كبير بتطور الأحداث وما ستؤول إليه، وبالتالي سيناريو دخول غزة على خط المواجهة قائم، وكذلك جبهة لبنان خاصة بعد تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخيرة بأن "القدس خط أحمر".
أما على الصعيد الداخلي "الإسرائيلي"، يوضح بشارات أن "جميع القوى السياسية الإسرائيلية الآن تتجهز للانتخابات، والجميع يريد إثبات نفسه أمام الجمهور الإسرائيلي والمستوطنيين، خاصة وأن وزير أمن الاحتلال الداخلي بارليف، يعلم تمامًا أن "اليمين الإسرائيلي" قوة كبيرة جدًا ويريد كسبهم لصفه للفوز بالانتخابات القادمة، وبالتالي انصاع لرغبات نفتالي بينت وقوى اليمين بالموافقة على هذا القرار، لكنه قرار غبي بامتياز، خاصة وأنه يمرر قرارات لـ"يمين متطرف" في ظل حكومة هشة ضعيفة جداً".
ويتفق الجعبري مع بشارات في أن الإصرار "الإسرائيلي" على إقامة هذه المسيرة يأتي في ظل شعور الاحتلال بعدم سيطرته وسيادته على مدينة القدس المحتلة، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال منشورات المستوطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنظمة "لاهافا"، وتأكيدهم ومزاعمهم بأن القدس لهم وعاصمتهم وليست للفلسطينيين من خلال اقتحام المسجد الأقصى وهذه المسيرة، لذلك هم في حالة هلع وتناقض وأزمات داخلية.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية قد أكد على أن المقاومة الفلسطينية لن تسمح بمرور مسيرة الأعلام، واصفًا إياها بـ"الخزعبلات"، فيما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي أن الاحتلال سيدفع ثمن حماقاته في القدس ولن تتردد المقاومة بالتدخل.
كما أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية حملات التحريض لحشد أوسع مشاركة لاجتياح القدس المحتلة، واستباحة بلدتها القديمة واقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك بمناسبة ما يسمى "يوم القدس".
وقالت الوزارة إن هذه الحملات التحريضية تعتبر جزءًا لا يتجزأ من مشاريع ومخططات الاحتلال الرامية لاستكمال عمليات تهويد المدينة المقدسة وفرض السيادة "الإسرائيلية" عليها وترسيخ ضمها.
. . .