أيار الحزين .. الأقصى يُنتهَك والقدسُ ساحة اشتباكٍ مستمرّة
القدس المحتلة - القسطل: مرّ أيار، ولم يكن كأي شهر من شهور السنة الماضية، فالانتهاكات كانت جسيمة، خاصة في المسجد الأقصى ومسلسل الانتهاكات والاعتداءات والتدنيس في باحاته، اللامنتهية، وسط رباط مجموعات من الفلسطينيين فيه، ممن استطاعوا الوصول إليه، في ظل التشديدات التي تفرضها شرطة الاحتلال عند أبوابه، وذلك في محاولة للتصدي للمُقتحمين.
كما اغتالت قوات الاحتلال الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة على أرض جنين، وارتقى كذلك الشهيد وليد الشريف متأثّرًا بإصابته، وشهدت جنازتهما اعتداءات واسعة على المشيعين تخللها إطلاق للرصاص والغاز.
وثّقت شبكة "القسطل" الإخبارية اقتحام 5234 مستوطناً للمسجد الأقصى، خلال شهر أيار/مايو الماضي 2022، في الوقت الذي ضيّقت فيه شرطة الاحتلال على المصلين والوافدين إليه، واعتدت عليهم بالضرب والرصاص والقنابل.
ومن بين المقتحمين، طلاب معاهد دينية توراتية وضباط وجنود وموظفون في حكومة الاحتلال وأعضاء من برلمان الاحتلال "الكنيست".
في هذا الشهر، تخطّى المستوطنون كل الحدود، أدوا صلواتهم وطقوسهم التلمودية في باحات الأقصى بحريّة، حتى وصلوا للسجود الملحمي الجماعي، الذي لم يحصل منذ تاريخ احتلال الأقصى، رقص وتصفيق ورفع أعلام الاحتلال داخل الباحات وبحماية الشرطة وقواتها المدججة بالسلاح.
سُجّل أكبر عدد للمُقتحمين في التاسع والعشرين من شهر أيار، حيثُ اقتحم المسجد الأقصى 1687 مستوطناً، تزامناً مع احتفال المستوطنين في ذكرى احتلال الشطر الشرقي للقدس، أو ما يطلقون عليه "يوم توحيد القدس"، يليه مباشرة، اليوم الخامس من أيار، حيث اقتحم 792 مستوطناً المسجد، وذلك في أول يوم اقتحام بعد عيد الفطر مباشرةً.
تحوّل المسجد الأقصى لساحة حرب، إغلاق المصلى القبلي، ومحاصرة من فيه من الشبان، اعتقالات بالجُملة، إصابات بالرصاص والاختناق أو الحروق بغاز الفلفل، ومنع الصحفيين من التغطية، والمسعفين من الوصول إلى المصابين، انتهاكات واسعة شهدها المسجد خلال أيار.
الهدم في أيار..
بعد أن أوقفت بلدية الاحتلال عمليات الهدم في شهر نيسان الذي وافق شهر رمضان الفضيل، عادت آلياتها وبقّوة وشنّت عمليات هدم واسعة طالت منشآت سكنية وتجارية وزراعية في القدس، وشرّدت بالتالي عشرات الفلسطينيين من بيوتهم وقطعت مصادر أرزاقهم.
عمليات الهدم طالت 21 منشأة في كل من؛ سلوان، العيساوية، جبل المكبر، بيت حنينا، الولجة (جنوب القدس- أراضي تابعة لبلدية الاحتلال في القدس)، صورباهر، أراضي العيساوية الشرقية، وبيت صفافا.
يذكر أن بلدية الاحتلال لا تسمح للمقدسيين بالبناء في القدس، ولا منحهم تصاريح للبناء، فهي تسعى لمحو الوجود الفلسطيني في القدس، ما يضطر أهل العاصمة للبناء دون الحصول على تلك التصاريح، فتلاحقهم البلدية إمّا بالمخالفات الباهظة أو الهدم الإداري، أو الهدم القسري (الذاتي، يهدم صاحب المنشأة منزله أو محله بنفسه كي لا يتحمّل غرامات الاحتلال الباهظة في حال قامت آليات البلدية بعملية الهدم).
نقاط التماس المُشتعلة في القدس..
خلال أيار، توسّعت دائرة المواجهة مع قوات الاحتلال والمستوطنين خاصة في المسجد الأقصى والبلدة القديمة وباب العامود، فسجّلت القسطل استشهاد وليد الشريف، و75 نقطة تماس متكررة في القدس وبلداتها وقراها وضواحيها.
وأوضحت القسطل أن نقاط التماس شملت كلاً من؛ المسجد الأقصى، البلدة القديمة، باب العامود، باب الساهرة، باب الأسباط، شارع صلاح الدين، داخل مقبرة المجاهدين، الطور، سلوان، العيساوية، جبل المكبر، صورباهر، بيت حنينا، الرام، حاجز قلنديا، مخيم قلنديا، مخيم شعفاط، حاجز مخيم شعفاط، العيزرية، أبو ديس، بدّو، النبي يعقوب، بيت صفافا، الشيخ جراح، غرب القدس، داخل المشفى الفرنساوي.
وخلال المواجهات، كانت قوات الاحتلال تُطلق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية والغازية والمياه العادمة وغاز الفلفل، فأصابت بحسب توثيق “القسطل” أكثر من 1130 فلسطينيًا.
اعتقالات القدس ..
نفّذت شرطة ومخابرات الاحتلال اعتقالات واسعة في القدس خلال شهر أيار الماضي، حيث وثّقت القسطل اعتقال أكثر من 300 شاب فلسطيني من العاصمة وضواحيها.
وبحسب المحامين، فإن معظم الذين اعتُقلوا تعرّضوا للضرب على يد قوات الاحتلال سواء خلال عملية الاعتقال أو داخل مراكز التحقيق “الإسرائيلية”.
من بين المعتقلين قاصرون ونساء وفتيات تعرّضوا للضرب على يد قوات الاحتلال، وأيضًا على يد وحدة المستعربين التي نُشرت بالتزامن مع الأحداث في العاصمة المحتلة.
المعتقلون تعرّضوا للتحقيقات، ثم أُفرج عن معظمهم بشروط الحبس المنزلي والكفالات والإبعاد عن المسجد الأقصى أو البلدة القديمة أو القدس لفترات محدّدة، أو إبعاد عن شوارع ومناطق محددة في المدينة.
منع السفر ..
قضت سلطات الاحتلال بمنع سفر الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، وذلك لمدة أربعة شهور.
إبعاد عن القدس بشكل كامل..
قضت سلطات الاحتلال بإبعاد المقدسيين مراد عباسي ومنصور أبو غربية عن مدينة القدس بشكل كامل، حيث أمهلت عباسي 14 يومًا للخروج منها، في حين اقتادت أبو غربية إلى حاجز قلنديا، ولم تمنحه أي وقت لترتيب أموره.
يذكر أن عباسي وأبو غربية من مواليد القدس وأبنائها، وهم أبوان، ولديهما زوجات وأبناء ومنازل في القدس، ولا مكان لهما سوى القدس.