لم تعد تمرّ بأمان.. تاريخ من مواجهة المقدسيين لمسيرة الأعلام

لم تعد تمرّ بأمان.. تاريخ من مواجهة المقدسيين لمسيرة الأعلام
أرشيفية

القدس المحتلة - القسطل: خلال السنوات الأخيرة، بات مشهد مسيرة الأعلام التهويدية مختلفًا، إثر مواجهتها من قبل الشبّان المقدسيين الذين لا يقبلون احتفال المستوطنين في ذكرى احتلال الشطر الشرقي من عاصمتهم المحتلة، ورفع أعلام الاحتلال فيها، وكأنهم أصحاب السيادة فيها. 

في التاسع والعشرين من شهر أيار أُقيمت “مسيرة الأعلام” من قبل المستوطنين من باب الخليل باتجاه باب العامود ثم أزقة البلدة القديمة وصولًا إلى حائط البراق، حيث شهد ذاك اليوم اعتداءات كبيرة علي المقدسيين الذين تصّدوا للمسيرة وانتشروا في شوارع القدس وحملوا الأعلام الفلسطينية. 

أُقيمت هذه المسيرة أول مرّة عام 1968، وتم تعزيزها بعد عام 1980 عقب سنّ قانون في برلمان الاحتلال “الكنيست” جاء فيه أن مدينة القدس عاصمة للكيان، وضمها إداريًا وقانونيًا لدولة الاحتلال بقسميها الشرقي والغربي.

كانت هذه المسيرة، تمرّ في شوارع القدس وأزقة البلدة القديمة بأعداد قليلة، دون ضجة إعلامية، إلا أن الأمر اختلف في السنوات الأخيرة، وذلك بعد احتدام الصراع ونضوج الأيدلوجية الفلسطينية نحو الهوية الوطنية، ما ساهم في خلق شعور لدى المقدسيين بالنظر إلى المسيرات على أنها استفزاز صارخ لهم من قبل الاحتلال، ومحاولة لمحو هويتهم الوطنية في عاصمتهم القدس، وفرض السيادة عليها.

ومن هذا المنطلق بدأت تنطلق الدعوات المقدسية لمواجهة “مسيرة الأعلام” التي تقام سنويًا، والتصدي لها، ورفع الأعلام الفلسطينية في شوارع القدس، تأكيدًا على أن القدس للفلسطينيين وحدهم. 

يرى الباحث المقدسي مازن الجعبري أن “مسيرة الأعلام بالنسبة للفلسطينيين هي مظهر من مظاهر الاحتلال، ومحاولة لترسيخ السيطرة والسيادة، والتأكيد السنوي أن مدينة القدس عاصمتهم الموحدة، إضافة إلى أنها تقليد سنوي للاعتداء على الفلسطينيين من خلال الشتم والهجوم والرقص الاستفزازي ورفع علم الاحتلال والسير في شوارع البلدة القديمة، وهي تضم أغلبية المستوطنين الأيدلوجيين والإرهابيين العنصرين، وكانت تسمح لهم شرطة الاحتلال بالمرور من كل أبواب البلدة القديمة دون حراسة”.

وأضاف لـ”القسطل” أن الفلسطينيين في الأعوام السابقة كانوا في حالة دفاع عن النفس، وكانوا يتنفسون الصعداء عند انتهائها  ولكن خلال السنوات الأخيرة، وبعد عام 2015 بدأوا يواجهون هذه المسيرات في أزقة البلدة القديمة، وعند أبواب المسجد الأقصى.

وقال: “خلال الثلاث سنوات الأخيرة تمركزت المواجهات في باب العامود، الذي يرمز للوجود على الأرض، حيث أدرك منظمو مسيرة الأعلام أن أهم شيء هو الوقوف في هذا المكان، لذلك بات مشهد المواجهات ورفع العلم الفلسطيني والتصّدي للمسيرة يتصّدر في باب العامود”.

بدوره، أكد الباحث المقدسي فخري أبو دياب لـ”القسطل” أن مواجهة أهل القدس لـ”مسيرات الأعلام” التهويدية خلال السنوات الأخيرة، أفشلت استعراض المستوطنين ومن خلفهم دولة الاحتلال، أن القدس موحدة وأنها تحت سيادة وسيطرة الاحتلال.

وأضاف أبو دياب أن كسر المقدسيين هذا الحاجز، أرعبَ المستوطنين في إقامة مسيراتهم دون حماية من قوات الاحتلال، والتخطيط المسبق لها، وتحديد المسارات والتحضيرات التي ربما تسخّر دولة الاحتلال لها كل قواتها المادية والعسكرية والاستخباراتية والإعلامية لإظهار صورةِ أنهم المسيطرون، وأن لهم سيادة في القدس.

وقال: “في السنوات الأخيرة، أعاد المقدسيون فرض سيطرتهم وسيادتهم، وفرضوا معادلة جديدة، حيث أصبح الاحتلال يحسب لهم ألف حساب، فقد كانت هذه الاستعراضات والمسيرات تقام بشكل سلس دون أي معيقات، ولكن هذا الزمان ولّى وتغيّر”.

أمّا رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير، ناصر الهدمي قال إن المستوطنين يتعمّدون استفزاز المقدسيين بشكل واضح والاعتداء عليهم.

وقال الهدمي في حديثه لـ”القسطل”: “قبل عشر سنوات، كانت هذه المسيرة تستمر ليلًا ونهارًا، وكانوا قطعان المستوطنين يمرون  من أمام الشوارع وأزقة المدينة، ويحطمون سيارات الناس، ويغيرون طبيعة حياة المقدسيين بشكل كبير”.

وأكد أن “هذا الواقع من الاستفزاز أدى إلى نضوج الحالة الوطنية لدى المقدسيين، وبالتالي أصبحت مشاركتهم في قمع هذه المسيرة حالة وطنية وحالة نضال شعبي”.

. . .
رابط مختصر