الرواية المرحلية والمطبعين في معركة السيادة والقداسة في الأقصى
القدس المحتلة-القسطل: يسعى الاحتلال لبسط سيطرته على القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، عبر تنفيذ الرواية "الإسرائيلية"، التي تهدف لفرض السيادة السياسية والدينية، ومحاولة نزع صفة القدسية الإسلامية عن الأقصى، ضمن حرب شاملة على المدينة، تتبناها كل الأحزاب "الإسرائيلية"، ويروج لها المطبعون الذين يدخلون عبر بوابة الاحتلال.
المحامي والمختص في شؤون القدس خالد زبارقة يوضح أن الرواية الإسرائيلية تعتبر أن مدينة القدس يهودية، ويجب أن تكون فقط كذلك، ويسعى الاحتلال لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، وإحلال اليهود بدلا منهم.
وأشار إلى الهدف الأساسي للاحتلال هو هدم المسجد الأقصى، وبناء "الهيكل المزعوم"، وهو أمر تجمع عليه كل الأحزاب الإسرائيلية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، لكن الاختلاف بينهم حول كيفية الوصول لهذا الهدف وتحقيقه.
وبيّن أن الرواية "الإسرائيلية" ليست رواية واحدة، وإنما هي عدة روايات متدحرجة ومتدرجة، تتطور مع الزمن والفعل على أرض الواقع، إذ أنها كلما فرضت سيطرتها على الميدان، غيّرت في روايتها نحو التصعيد.
وقال في حديث مع القسطل إن الاحتلال "الإسرائيلي" يلجأ في الوقت الحالي إلى رواية مؤقتة، من أجل الوصول إلى هدفه في تغيير الوضع الراهن إلى النهائي، والمتمثل بهدم الأقصى وبناء "الهيكل المزعوم"، ويحاول أن يروج لاعتبار أن الأقصى فقط مسجد، ينزع صفة القدسية عنه، ويستخدمه المسلمون للصلاة.
وأضاف أن الاحتلال يسعى لنشر رواية مرحلية من خلالها ينزع صفة الحصرية الإسلامية عن الأقصى، وتحويله لمكان مقدس للجميع، مع خلال محاولة شرعنة هذه الرواية وقبولها لدى الوعي العربي الإسلامي.
وتابع أن الاحتلال يعلم أنه في ظل الظروف الآنية من الصعوبة أن يتم هدم المسجد الأقصى، لكن يسعى لتطويع الوعي العربي والإسلامي للقبول بشرعيته الدينية اليهودية على المسجد، وتطويعه أيضا للمساهمة في بناء "الهيكل المزعوم".
وعن دور المطبعين في الترويج للرواية الإسرائيلية، أوضح زبارقة أن المطبعين العرب يقدمون خدمة مجانية للرواية اليهودية الدينية بشأن الأقصى، لتحل مكان الرواية الدينية الإسلامية.
في ذات السياق، أفاد مدير مؤسسة تنمية الشباب في جمعية الدراسات العربية بالقدس، مازن الجعبري أنه لا يوجد فصل ما بين السيادة والقداسة، وهذا ما تروج له "إسرائيل" منذ احتلال مدينة القدس، واعتبار أن الأقصى مكان مقدس ليس فقط للمسلمين، وهو ما تضمنته صفقة القرن، والتي تعتبر أن المسجد الأقصى مكان لكل الديانات، وأشارت بشكل واضح أن السيادة عليه للإسرائيليين، وهذه أول مرة يتم الحديث فيها عن السيادة الإسرائيلية.
وأشار لـ"القسطل" إلى أن "إسرائيل" في آخر خمس سنوات أدركت أنها لم تعد قادرة على الفصل بين السيادة والقداسة، نتيجة تمسك الفلسطينيين والمقدسيين والمسلمين بالمسجد الأقصى، والذين يعتبرون أن هذا المكان داخل كل أسواره ومساحته البالغة 144 دونما إسلاميا.
وبيّن أن الرواية الصهيونية الدينية في "إسرائيل" تسعى للسيطرة على الأقصى، بداية من ناحية سياسية قانونية، وأن اليمين "الإسرائيلي" يعمل على جذب اهتمام وتحالف الإنجيليين المسيحيين الذين يؤمنون أن بقيام "دولة إسرائيل" وسيطرتها على فلسطين سوف يأتي المسيح المخلص.
وتوقع الجعبري أن الاحتلال سوف يقوم بفرض سيادته الكاملة على المسجد الأقصى، كما حصل في المسجد الإبراهيمي، لكن ستتم على مراحل، من خلال إتاحة المجال لليهود بالصلاة داخل باحات الأقصى.
ورجح أن الاحتلال لن يقوم خلال الفترة القادمة بهدم قبة الصخرة وإقامة "الهيكل"، لأن إسرائيل في طريق التحالف مع دول عربية وإسلامية، وستقوم بفرض السيادة وإتاحة المجال لإقامة الصلاة لليهود والمسلمين في المسجد، لكن تحت السيادة الدينية والقانونية "الإسرائيلية".
وقال:"تاريخ قيام الحركة الصهيونية، سواء العلمانية أو الدينية، جميعها تشير إلى رمزية القدس في تاريخ الشعب اليهودي، وأن القدس اليهودية التي ستجسد هذه الهوية، مضيفا أن الحركة الصهيونية تسعى لفرض السيادة السياسية والقانونية على الأقصى لتحقيق هذه الرمزية لدى الشعب اليهودي".
. . .