سوق القطانين بالقدس المحتلة.. ضحية الأعياد العبرية
القدس المحتلة - القسطل: يتزامن في كل عام مع بدء الأعياد اليهودية العديد من انتهاكات الاحتلال داخل مدينة القدس. هذه الانتهاكات تطال كافة مناطق القدس وكافة القطاعات داخل المدينة، أبرزها هو إغلاق الأسواق وتعطيل الحركة التجارية خلال فترة الأعياد، ويعاني سوق القطانين في كل عام مع بدء الأعياد اليهودية من الإغلاق المستمر، وهذا العام جرى إغلاقه لمدة 8 أيام متواصلة خلال فترة ما يسمى عيد العرش العبري.
وفي هذا السياق قال رئيس لجنة التجار في مدينة القدس حجازي الرشق إن سوق القطانين هو من أهم أسواق البلدة القديمة بحكم أنه أحد أبواب الحرم القدسي الشريف، ويبلغ عدد محلاته ثلاث وخمسون محلاََ، إضافة إلى وجود أحد فروع جامعة القدس، تعود ملكيتهم إلى دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، لقرب هذا السوق للبؤر الاستيطانية والكنس وحائط البراق لذلك يعتبر هدفاََ كبيراََ لأطماع المستوطنين خاصة في أيام السبت والأعياد اليهودية عامة.
وأوضح الرشق في مقابلة مع القسطل أن ما استجد هذا العام أن شرطة الاحتلال أجبرت تجار السوق على إغلاق محلاتهم، لترك المستوطنون يعيثون فيه فساداََ لأداء صلواتهم التلمودية قبالة قبة الصخرة المشرفة مكبدين أصحاب المحلات خسائر فادحة مادياََ وضغوطات معنوية ونفسية وصحية، حيث بلغت قيمة الخسائر من هذه الاغلاقات ما يقدر ب50-70 ألف دولار بشكل يومي، وللأسف لا يوجد إي جهة يمكن أن تعوض هؤلاء التجار، مع العلم أن شرطة الاحتلال رفضت إعطاء التجار امراََ خطياََ بإغلاق محلاتهم للحيلولة دون استخدامها مستنداََ قانونيا أمام القضاء.
ورأى الباحث المقدسي فخري أبو دياب أن عين الاحتلال على كافة مناطق القدس والبلدة القديمة، لكن سوق القطانين هو السوق المطل بشكل مباشر على قبة الصخرة، ويدعى المستوطنون المتطرفون أن مصلى قبة الصخرة أقيم على ما يسمى الهيكل المزعوم، لذلك هذا السوق هو الأقرب لحائط البراق والأسهل للوصول إليه من خلال باب المغاربة بدل من باب السلسلة لأنه لايبعد سوق القطانين عن حائط البراق أقل من 100 متر.
ولفت أبو دياب في مقابلة مع القسطل أن إغلاق هذا السوق هو إيحاء بالسيطرة الأمنية عليه وإعطاء أمان للمستوطنين وحمايتهم، وكذلك هو خارج ساحات المسجد الأقصى، لذلك سلطات الاحتلال عندما تسمح لهم بأداء طقوسهم التلمودية في محيط السوق أو داخله، كأنهم لم يؤدوا هذه الطقوس داخل المسجد الأقصى، كما أن إغلاق هذا السوق هو محاولة لخنق الاقتصاد المقدسي ومحاولة تضييق على المقدسيين.
وتاريخيا يعتبر سوق القطانين واحد من الأسواق النموذجية المملوكية الذي بني في الفترة المملوكية خلال القرن الرابع عشر تحديدا 1329-1337 وفق التقويم الميلادي، بني هذا السوق بأمر مباشر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون وهو صاحب اليد البيضاء في بناء العديد من الزوايا والتكايا والمدارس الداخلية للمسجد الأقصى، بحسب ما يرى روبين ابو شمسية.
ويستكمل الباحث التاريخي أبو شمسية أن هذا السوق واحد من أقرب الأسواق قربا للمسجد القبلي أو المسجد الجامع، ويحتوي على 50 حانوت وفوق كل حانوت غرفة لا تتعدى مساحتها 3-4 أمتار مربعة، وفي هذا السوق المسقوف يتم الصعود إليه من الجهة الغربية بثلاث درجاته، ومدخله سابق لبناء السوق حيث يعود بحسب الأدبيات التاريخية إلى الفترة الصليبية وينتهي ب 16 درجة عليا بنيت مع بناء السوق نفسه، ويعتبر باب السوق الموجود في الجهة الغربية من أجمل الأبواب حيث يحتوي على الزخارف والمزايا والصفات المعمارية المملوكية مثل القوس المجنح والسنج المعشقة والكثير من الزخرفات التي تعطي الجمالية الواضحة لهذا الباب الغربي.
وحول استفزازات المستوطنين للتجار داخل السوق أوضح حجازي الرشق أن المستوطنين يقومون باقتحام السوق بطرق همجية بالتعدي على التجار والمواطنين مستخدمين أساليب البلطجة والشتم بعبارات عنصرية واستفزازية كشتم رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام والموت للعرب، والتلويح بالأعلام في وجوه التجار والمصلين والمارة وتكون هذه التصرفات على مرأى ومسمع الشرطة وحمايتهم.