غموض يكتنف مدرسة "اليتيم العربي" بعد قرار إغلاقها..وتخوفات من تسريب أرضها
القدس المحتلة - القسطل: توجه اتحاد أولياء أمور الطلبة في القدس، برسالة إلى مجلس الوزراء الفلسطيني في رام الله، مطالبين إياهم بضرورة التحرك السريع والحثيث؛ لمنع عملية إخلاء وإغلاق المدرسة، وإنقاذها من عملية الاستثمار والسرقة، والتسريب للاحتلال.
يقول المتحدث الإعلامي باسم أولياء الأمور في القدس، رمضان طه، إن "مدرسة اليتيم العربي تفاجئنا يوميًا بقرارات جديدة، آخرها قرار إغلاق المدرسة وتحويلها إلى عمل استثماري، من قبل إدارة اليتيم العربي في الأردن والقدس".
وأضاف طه لـ"القسطل" أن "اتحاد أولياء الأمور قد اكتشف في المرحلة الأخيرة أن هناك محاولات حثيثة لإدخال مشاريع استثمارية من بعض الأشخاص بالتعاون مع إدارة اليتيم العربي".
وتابع بالقول إن "هناك خطوات متعمدة من باب تفريغ المدرسة وإغلاقها، من خلال إغلاق التسجيل للتخصصات المهنية في هذه المدرسة، وفصل المعلمين باستمرار تحت حجج واهية، حيث لم يبقَ في المدرسة إلا عدد قليل، بحوالي 7 معلمين، وعدد إداريين قليل، وهذه إشارات خطيرة تؤكد على حقيقة إغلاق وتفريغ المدرسة".
وأردف أن "هناك تخوفات من قبل الأهالي المقدسيين من عملية تسريب المدرسة، أو تحويلها إلى مدرسة تدرس المناهج الإسرائيلية، باستخدام البجروت في المراحل القادمة".
وحول أمر فصل المعلمين، وإغلاق مدرسة اليتيم العربي، والتخوفات، يقول المدير الإداري لجمعية اليتيم العربي، التي تدير المدرسة في الأردن، خالد كنعان إن "استمرار المدرسة سيؤدي إلى إفلاس جمعية اليتيم العربي في الأردن".
وأضاف كنعان أن "الجمعية قررت إغلاق 8 تخصصات من أصل 11 تخصصًا؛ لوقف الإفلاس المالي، وتدارك الوضع الاقتصادي للمدرسة" موضحًا أن "التنفيذ تضمن الاستغناء عن عدد من المعلمين، مع إبقاء العدد اللازم، وتخصصات قليلة كافية، تتبع لبرامج تطبيقية عصرية، وتلبي حاجة سوق العمل".
وحول الأقاويل والأحاديث التي تدور عن أن الإدارة تخطط لإبدال المدرسة؛ من أجل الانتفاع بمشاريع استثمارية، يقول المدير الإداري للجمعية إن "ما يدور من حديث عن استثمار وعمليات بيع وتسريب لأرض المدرسة، هو كلام فارغ وليس له أساس من الصحة؛ بسبب حساسية الرهن القانوني للأرض، والذي لا يتيح التصرف في الأرض".
واستطرد بالقول إن "الجمعية تحاول الحفاظ على الوضع القانوني، بتنسيق كامل مع كل الجهات المقدسية، ولن تسمح بتسريب الأرض".
ما هي خطة تطوير المدرسة الصناعية التي اتخذتها جمعية اليتيم العربي في مواجهة التحديات؟
تتوجه إدارة الجمعية نحو إلغاء التعليم الثانوي في المدرسة واستبداله بنظام تدريب تشرف عليه شركات متعددة، وتحويل المدرسة إلى قرية مهنية، تحتوي مجموعة حاضنات، كل حاضنة تستأجرها شركة معينة تقوم من خلالها بتنظيم برنامج تدريبي معين.
وصاحب هذا التوجه فصل 16 معلمًا خلال العام، بقيت فصولهم فارغة دون توفير معلم بديل، وفصل جميع الحراس بالمدرسة والبالغ عددهم (4)، واستبدالهم بشركة حراسة غير معروفة.
وبالرغم من تحول المدرسة إلى قضية رأي عام، إلا أن الجمعية قد أرسلت رسالة للمعلمين تفيد بانتهاء عملهم، وإخطارًا لجميع الطلاب، بإنهاء تسجيلهم في المدرسة.
ويذكر أن إدارة المدرسة قد بلغت الطلبة بضرورة البحث عن مدرسة أخرى لإكمال التعليم فيها العام القادم، ما يشير إلى أن المدرسة على أبواب الإغلاق، بينما تبرر إدارة جمعية اليتيم العربي، بأن "الجمعية تحاول العمل على تطوير المدرسة، والعملية التعليمية في القدس، عبر التجديد في الكوادر، وعقد شراكات مع مؤسسات وطنية، وتعمل على إعادة هيكلة المدرسة، مع إنشاء برامج حديثة للتدريب التقني، حتى تحافظ على استمراريتها" على حد قولهم.
ويشير اتحاد لجان أولياء الأمور في القدس، إلى أن "ما يجري يقع ضمن دائرة غموض كبيرة، دون مبررات حقيقية، تحمل العديد من الافتراءات والفبركة في هذا الجانب، لتضليل المجتمع الأردني والمقدسي حول حقيقة ما يحصل في المدرسة".
ويقول رمضان طه إن "إدارة الجمعية تتحجج في أن الميزانيات لا تسمح باستكمال المدرسة" موضحًا أن "لدى الاتحاد وثائق تثبت بأن في حساب المدرسة يوجد الملايين من الدنانير، إضافة إلى أن هناك عملية تلاعب ودخول بعض الأشخاص المعروفين في منطقة القدس من المستثمرين على ساحة المدرسة، وهذا يعطينا مؤشرات وتوضيحات بأن هناك أمور ليست بالجيدة قد تحصل".
وأضاف أنه "من المرجح استخدام الأرض في مشاريع استثمارية خاصة من أجل تحصيل أرباح مرتفعة على حساب الطلبة، وخاصة أن مساحة أرض المدرسة واسعة، تشكل حوالي 42 دونمًا، وموقعها المميز على أراضي بيت حنينا، يجعلها عرضة للاستثمار المربح".
وأكد أن "كل المطامع التي يراد تحقيقها على أرض المدرسة، تأتي على حساب تدمير مستقبل الطلبة المقدسيين، وخاصة أن اليتيم العربي، هي المدرسة العربية الوحيدة، التي تخدم الطلبة في منطقة القدس، والتي تتبع لنظام المناهج الفلسطينية".
وأوضح أن "هناك حججًا كثيرة على عدم موافقة إدارة اليتيم العربي، تضمين المدرسة للأوقاف الإسلامية، من ضمنها تجنب الإخلال بالوضع القانوني للأرض".
تاريخ المدرسة وموقفها القانوني
تم تأسيس المدرسة عام 1936، في حيفا، لإيواء الأيتام من كل فلسطين، من قبل جمعية اليتيم العربي الفلسطينية، وتم إغلاقها بعد النكبة، وتهجير أصحابها للأردن، وحينها تم التخطيط لفتح المدرسة في القدس، وتم شراء أرض المدرسة من خلال تبرعات أردنية فلسطينية، وافتتحها الملك الراحل الحسين بن طلال، وتم وضع إداريين مشرفين عليها، ولتسهيل العمل الإداري تم تسجيل الأرض والأبنية بأسماء مختلفة من الإداريين، حتى يكونوا أوصياء عليها، ومع مرور الزمن عندما توفي غالبية الأوصياء، انتقلت الملكية تلقائيًا إلى أبنائهم، ما جعل الأمر معقدًا، بسبب عدم انحصار الملكية لشخص واحد، ما ساهم في عدم قدرتهم على بيعها، وتحويلها".
الهيئة الإدارية الحالية لمدرسة اليتيم العربي
بعد وفاة مدير المدرسة المهندس حسن القيق في شهر شباط 2006، توالت على المدرسة العديد من الإدارات، وأحيانا كانت المدرسة تعمل دون مدير، بسبب تعطيل اللجنة الإدارية في الأردن قرار تعيين مدير للمدرسة.
وتمر المدرسة اليوم بأزمة خطيرة تهدد بضياع الأرض وتسريبها، بعد قرار إغلاق المدرسة وسياسات القائمين عليها، الذين يرفضون التواصل مع الموظفين خاصة بعد حل "لجنة القدس".
وكشف رمضان طه عن "وجود محاولات لوقف التعليم من قبل جمعية اليتيم العربي في الأردن، بحيث تم تأجير المدرسة وعمل عقد إيجار إلى شركة اليتيم العربي، المرخصة من «إسرائيل»، والتي من خلالها جاءت عملية التلاعب في تفريغ المدرسة وطرد المعلمين من المدرسة بحجج واعية، في محاولة لتسهيل عملية تحويل المدرسة إلى مشاريع ربحية".
واستدرك أن "هناك عملية تضليل واضحة من قبل إدارة المدرسة، حيث تدعي أن الدخل الذي تحصل عليه، لا يكفي لسد احتياجات المدرسة".
واستطرد بالقول إن "الإدارة قد أغلقت التخصصات الأكثر طلبًا، بشكل مقصود؛ من أجل تقليل أعداد الطلبة" مؤكدًا: "عندما نجد أن عدد الطلاب المسجلين لمشاريع الفندقة كان يمثل حوالي 150 طالبًا، فهو دلالة على أن التخصص ناجح وفيه إقبال كبير من الطلبة، وأن إغلاق التسجيل بحجة أن هذا القطاع لا يستفاد منه هو أمر كاذب".
وأكد أن "لجنة أولياء الأمور تعمل على متابعة حثيثة من أجل هذه القضية الخطيرة، وتحمل المسؤولية الكاملة لجمعية اليتيم العربي بإدارتها وهيئتها العامة عن القيام بإغلاق مدرسة اليتيم العربي الصناعية حيث نرى أن المشكلة عند إدارة اللجنة بعدم توجهها ومبادرتها بأي حلول طرحت عليها".
ويقول رئيس اتحاد لجان أولياء الأمور في القدس، زياد شمالي إن "من خلال جميع الاتصالات والحوارات التي أجريناها، وجدنا تعنت موقف إدارة اللجنة وتوجهها إلى إنهاء وجود المدرسة والتحول إلى مشاريع أخرى".
وأردف بالقول: "نرى الضبابية والظلامية فيما تخطط له إدارة لجنة اليتيم العربي، وإغلاق المدرسة يعني إنهاء رزق العشرات من العائلات العاملة فيها".
وأوضح أن " إغلاق المدرسة يعني إغلاق آخر الأبواب أمام طلبة القدس بالتوجه إلى التعليم المهني بالنظام التعليمي الفلسطيني والبديل هي مدارس مهنية بالنظام التعليمي الإسرائيلي"
وختم بالقول: "نطالب كل شريف وحر بالوقوف أمام المخططات والنوايا غير الحسنة والقرار غير الوطني بإغلاق مدرسة اليتيم العربي".