على موعد مع الحرية غدًا..لينا تلتقي بوالدها بعد 19 عاما من الأسر
القدس المحتلة-القسطل: بعد 19 عامًا من الحرمان والغياب القسري، تلتقي لينا بكيرات غدًا للمرة الأولى بوالدها الأسير مالك، الذي اختطفه الاحتلال قبل ولادتها بسبعة أشهر، ليكون السجن محطة تعرّف الابنة على أبيها، يفصل بينهما في كل مرّة حائط وجدار زجاجي، تراقبهما كاميرات السجن والسجّانون.
غدًا الأربعاء، ينهي الأسير مالك بكيرات حكمه البالغ 19 عاما، ومن سجن النقب سيتوجه إلى بلدته صور باهر في القدس المحتلة، وفي منزله سيلتقي بابنته الوحيدة لينا دون حواجز، وسيقضي معها أيامه بدلا من 45 دقيقة موعد الزيارة، يجلس إلى جانبها تحضنه ويقبّلها دون أن يمنعهما جندي.
في الثلاثين من شهر ديسمبر/كانون أول عام 2001 اعتقلت قوات الاحتلال الشاب مالك بكيرات على أحد الحواجز العسكرية في مدينة بيت لحم، وتم اقتياده لمركز تحقيق "المسكوبية"، خاض خلالها تحقيقًا طويلًا، ولم يكن قد مضى على زواجه سوى ستة أشهر.
حكم الاحتلال على الأسير بكيرات بالسجن 19 عاما، ورغم محاولة العائلة للتقدم بطلب للإفراج عنه بعد ثلثي المدة، إلا أنه قوبل برفض محكمة الاحتلال.
مرّت السنوات، بحلوها ومُرّها على عائلة الأسير مالك بكيرات، كبُرت طفلته وأصبحت شابة، تزوجن شقيقاته وشقيقاه وأنجبوا أطفالًا، مناسبات كثيرة حلّت عليهم كانت فرحتهم منقوصة بغياب مالك.
تقول والدة الأسير مالك لـ"القسطل" سيتحرر مالك بعد أن أمضى 19 عامًا، لم ينتقص منها يوم، وغدًا ستكون ولادة جديدة لمالك، يجتمع فيها مع ابنته.
تضيف أن خلال سنوات اعتقاله تعرّف مالك على ابنته، لا أتخيل كيف سيكون اللقاء غدا بينهما، كيف ستحضنه ويحضنها وتكون تلك أول مرة تشعر فيها لينا بأبيها وهو بابنته.
بعد ولادة لينا بأسبوعين، شاهد مالك طفلته لأول مرة خلف الجدار الزجاجي، كان محروما من احتضانها وتقبيلها، ورؤيتها تكبر شيئا فشيء، أما لينا فكانت الزيارة السبيل الوحيد لها لتتعرف على والدها الأسير.
تقول لينا في حديث مع القسطل كنت أكبر مع والدي من بعيد، كنت أشعر في البداية بالغرابة، لكنّ والدي بدأ معي خطوة بخطوة، وكان يحدثني ويعرفني عن نفسه وحياته.
في أول مرة اجتمعت فيها لينا مع والدها في الأسر، كانت صغيرة لا تحتفظ ذاكرتها بتفاصيلها، أما في المرة الثانية فكانت تبلغ من العمر 14 عاما، وذلك من أجل التقاط صورة تجمعها بوالدها، في حينها كانت تشعر بالخجل الشديد، لكنها وجدت معه الأمان والفرحة لدقيقتين.
صورة واحدة فقط تجمع لينا بأبيها التقطت لهما في الأسر، كانت بالنسبة لها كنزا ثمينا، وكلما شعرت بالضيق أو الاشتياق له حملتها بين يديها تحدّق فيها طويلًا تحفظ ملامحه وتخاطبه.
في كل مرحلة من مراحل نمو لينا، كان والدها إلى جانبها رغم البعد، من خلال الرسائل وتوفير كل ما يلزمها عبر أفراد عائلته، إذ كانت تتلقى الهدايا في الأعياد والمناسبات من والدها.
تقول لينا:"حديث والدي معي كان يرفع من معنوياتي، كان معي بكل لحظة في الفرح والحزن، وأعتبره صديق لي أكثر من أب".
أكثر اللحظات التي تمنت لينا أن يكون والدها لجانبها، عند إعلان نتائج التوجيهي هذا العام، كانت تبحث عنه بين المهنئين، فكان غيابه موجعا لها.
تنتقل لينا من غرفة لغرفة في منزل جدها، تتأكد من التحضيرات وزينة الاستقبال، تجهّر غرفتها وسريرها لينام والدها عليه غدا، ورغم أن ساعات تفصلها عن لقاء والدها غدا، إلا أنها ما زالت تشعر ذلك حلما، لا تصدقه حتى ترى والدها أمامها.
. . .